شاحنات كبيرة محملة بالعفش والأغراض احتلت مساحات واسعة من ميدان حي الواحة بالثورة (أم درمان) وجنوبيون كثر في حالة تجمهر فيما يملأ الآخرون منهم ما تبقى من الساحة ينزلون عفشهم من بكاسي صغيرة لتحمل على تلك الشاحنات، بعد أن أعدوا ديباجات صغيرة كتبوا عليها أسماءهم. وبحسب صاحب (بوكسي) تحدث ل«الأهرام اليوم» فإن العديد من الجنوبيين ممن قمت بترحيل عفشهم غير راضين على ترك الخرطوم فجأة لأنهم مستقرون ومرتبطون بعمل بها. فيما تحدث ل«الأهرام اليوم» بيتر جون معتبراً هذا الترحيل القسري، على حد قوله، ما هو إلا لعبة سياسية قذرة لأنه يخشى أن تمارس الحركة الشعبية عليهم شتى الضغوط والتي هي نقيض كفة مناداتهم للوحدة، مواصلاً «فإن كان الغرض من هذا الترحيل هو تركنا بكامل حريتنا لنمارس حقنا المشروع في الاستفتاء فلا مانع لدينا، بل نرحب به» إلا أن كوال مينانق والذي كان على مقربة من الحديث أتى صوته في شبه صراخ ساخطاً من الترحيل لأنه يعتبر ذلك انتزاعا لهم بالقوة من المكان الذي تأقلموا عليه منذ مدة ليمارسوا حياتهم في مناطق قاسية إضافة إلى أن الحركة الشعبية ستمارس عليهم قهراً كبيراً ربما يسلبهم حقهم الطبيعي في ممارسة حقوقهم بالإدلاء برأيهم في وحدة البلاد دونما انفصال. بدأت أتجول في هذا الميدان مختلطاً مع كل هؤلاء الناس وهم في حركتهم الدؤوبة اقتربت من أحدهم وكان مشغولاً بحزم أمتعته، لما اقتربت منه التفت إلي فجأة ألقيت عليه التحية، سألته الغرض من هذا الترحيل؟ صمت لبرهة أجاب: وزارة الشؤون الانسانية هي التي أخطرتنا بذلك عبر توعية إعلامية، مواصلاً «هي التي قامت بإحضار هذه الشاحنات الكبيرة باتفاقها مع العديد من المنظمات الانسانية، الكل رحل عفشه عبر دفارات أو (فرديا) من خلال بكاسي صغيرة وسيرحل العفش بعد استكمال اجراءاته في تفتيش سوبا وبعدها نرحل إلى الجنوب عبر بصات كبيرة. وختم «سنصل إلى هناك في زمن وجيز، لننتظر وصول عفشنا لاحقاً». وانسل من بين ركام العفش والذي أضحى مثل التل الكبير على ظهر الشاحنة.