اتسم مجتمعنا السوداني بعاداته وتقاليده التي اندثر بعضها بفعل الزمن أو أخذ شكلا آخر، و«الجودية» إحداها، إذ كان لها مكان رفيع منذ القدم في رتق النسيج الاجتماعي. «الاهرام اليوم» سألت الكبار عن هذه القيمة الاجتماعية فقال العم الهادي أبكر إنهم منذ عقود درجوا أن يتدخل أصحاب الكلمات المسموعة في حل مشاكل القرى والفرقان والمشاكل الأسرية، وكان أصحاب المشكلة يحترمون «الجودية» ويمتثلون لحكمها. وتابع العم الهادي بحسرة: إلا أنها اندثرت ولا يعمل بها إلا في بعض القرى التي لم تؤثر المدنيّة عليها ولم تعرف المدينة طريقاً لها. وتقول سمية عبد الله: «الجودية» كان لها وجود حتى داخل الأسر، ووالدي من «الجودية» في قبيلتنا.. كان يسافر إلى «البلد» ليشارك في حل مشاكل البعض، لكنه ترك ذلك لتقوقع الناس، كلٌ في همه الخاص، بسب الظروف الاقتصادية وصعوبة الحياة. وقالت محدثتنا «نبراس» إنها ترى أن «الجودية» في وطنها الصغير تساهم في حل كل مشكلة تواجه أهلها، وأضافت أنها لا تعتبر تدخلاً في شؤون الآخرين كما يرى البعض، إذ هنالك مشاكل يصعب حلها إذا لم يتدخل الكبار. وقال العم عبد الله عباس إن «الجودية» لا وجود لها في المدينة، مؤكداً أنها مازالت موجودة في القرى، وقال إنه أحد شيوخ «الجودية» ويعمل على حل مشاكل كبيرة داخل الأسر إذا تمت الاستعانة به، خاصة في منطقتهم، ووصف «الجودية» بالعمل العظيم والرائع، وقال إنه يفتخر بهذا العمل الانساني النبيل. وفي السياق يرى أحمد حسبو أن «الجودية» مهمة جداً في حل مشاكل الأسر الكبيرة التي تكثر فيها المشاكل بين الإخوة وغيرهم، وأردف أنها كانت بمثابة المحكمة الشعبية التي ترضي الجميعل، كنه يرى أنها ما عادت كما في السابق، متمنياً ان تعود «الجودية» كما كانت في الماضي وأن يهتم آباؤنا وكبارنا باستمرارها.