لن أتقصى حالة الخيبة الكروية التي نعيشها هذه الأيام بحسب عنونة العامود على طريقة أستاذنا الجميل «شجرابي» (اضرب واهرب)، لكني استعرته مجازاً لنقاش حالة خيبة اجتماعية جديدة على المجتمع السوداني ومتزايدة جداً هذه الأيام، وهي حالات خطف الأشياء والإنسان! والأشياء المخطوفة متفق عليها ولا تتعدى الحقائب، نسائية ورجالية، ودائماً ما يكون الخطف عبر راكبي (الموتر) وأحيانا الركشات، وفي أغلب الأحوال هم من معتادي النشل الذين ضاقت عليهم جيوب وحقائب الرجال وفقدوا خاصيتهم في الخفة والبراعة اليدوية! وتحولوا بها لممارسة (اخطف واهرب)، وبالكاد ينجح الوصول إليهم إلا عبر الشرطة؛ وهو نشاط يومي وجريمة من النوع الخفيف الذي لا يشكل عبئاً على كاهل الداخلية أو المجتمع. لكن أن يكون المخطوف إنساناً كاملاً فهذا ما يجعل صفارات النجدة (تضوّي) الطرق وتوقظ الحواس بأن انتبهوا أيها المواطنون الكرام.! والملاحظ عبر صفحات الحوادث وصحف الجريمة ارتفاع معدل جريمة خطف البشر، بجانب الجرائم الكبرى كالاحتيال والأفعال الفاضحة، وجرائم القتل، وبالطبع سيدة الجرائم المخدرات. فالخطف أصبح يمارس بأشكال متعددة ومتغايرة لدرجة أن يتم خطف طفل من داخل حضن أمه ومن داخل بيتهم، كنوع من التحدي وإبراز جرأة الخاطف، وبالضرورة (قوة عينه)، ناهيك عن حالات الخطف الأخرى لشباب من الجنسين لأغراض تتعلق بسرقة الأعضاء والمتاجرة بها داخل وخارج البلاد، وفي حالات خطف جديدة بغرض الفدية عن المخطوف، وهذا طبعاً بشرط توافر ثراء ذويه، كما حدث في حالة عصابة الخطف المشهورة، التي سقطت بأكملها تحت يد الشرطة، وكشفت أنها كانت من النظاميين الذين تم فصلهم لأسباب تتعلق بالشرف والأمانة، فتحية للمراقبة الداخلية للشرطة بعملها على محاربة الفساد داخل النظاميين أنفسهم. والأيام الماضية تابعت حالة خطف طفلة في بداية عامها الثالث من داخل منزلها، ورغم الهلع والرعب الذي تبدل بمكانها داخل قلب وعقل الأسرة، إلا أنه لم تمر أربع وعشرون ساعة على اختفائها حتى نجحت شرطة المنطقة في العثور على خاطفتها، وهي سيدة في عقدها الرابع اعترفت بأنها راقبت الأسرة بعد علمها بأن لديهم طفلة صغيرة، ثم قامت بالدخول إلى منزلهم عقب صلاة العشاء بعد عودة والدها من أدائها واختبأت داخل الغرفة - تحت السرير - حتى نام الجميع، ثم قامت بأخذها والخروج ادعت أنها قد قامت بنثر غبار مسحوق سحري يجعلها غير مرئية وهي تعمل بالاتفاق مع رجل سيأتي لأخذها بعد يوم من الخطف. وقد تم القبض عليه أيضاً، بعد عمل كمين محكم من المباحث عبر السيدة وداخل بيتها ليقع متلبساًً بحالة خطف أخرى لطفلة في عامها الأول! إن أول ما يمكن أن يخطر على بال أي شخص منا حين سماعه هذه القصة أنها خيالية، أو أن من رواها قد أضاف إليها توابل التشويق ليثبت آذان السامعين عليها، إلا أنها بذات حذافيرها لم تزد حرفاً خيالياً، لكنها تنقص خيوطاً ما زالت قيد التحقيق لمعرفة أطراف أخرى قد تكون متورطة في عمليات بيع وشراء الأطفال لأغراض غير الأعضاء، فقد وضح من الكشف الطبي أن الطفلتين في صحة جيدة لم تتعرضا لأذى - والحمد لله - هذا مثال واحد من حالات أخرى لم تُرَ أو تسجل أو تم التبليغ عنها، وتمثل حالة لمهدد آخر على الطفل وحياته داخل مجتمع لا يحاول الوقوف في وجه من يخطف ويهرب حاملاً بين يديه أمننا وأماننا حتى في بيوتنا..!