خلوها مستورة ضياع قيم النخوة والشهامة طارق عبد الهادي [email protected] في مثل هذه الأيام من شهر سبتمبر عام 2006م تم اختطاف الصحافي محمد طه محمد احمد من منزله في حي كوبر مساء ، احد أبناء الجيران تتبع سيارة الكوريلا المختطِفة وهو الذي أشار إلى نوع السيارة وكان ذلك بداية الخيط لفك اللغز، تبع صاحب الموتر السيارة حتى منطقة العمارات حيث استدارت يمينا الى داخل حي العمارات وأفلتت منه، طوال الطريق من حي كوبر بجوار مستشفى الأمل، مرورا بكبري القوات المسلحة وحتى منطقة العمارات كان صاحب الموتر يصيح ويشير لأصحاب السيارات بأن هناك شخص مخطوف في تلك السيارة الأمامية الكوريلا، ولا حياة لمن تنادي، ضاعت النخوة عند السودانيين، أيا كان المخطوف بنت او طفل او طفلة ناهيك عن ان يكون ثروة قومية بقامة الشهيد الراحل محمد طه، ينبغي للناس ان تفزع للنجدة في هكذا مواقف، في أي بلد عربي كان ستجد عشرة او عشرين سيارة تسعى لعرقلة السيارة المختطفة وإعاقتها بشتى الطرق، أين اختفت شهامة السودانيين ونخوتهم. 2 صورة مقلوبة أخرى لغياب النخوة وتدهور الخدمات الشرطية بالبلد روتها لي إحدى قريباتي بالمهجر وهي طبيبة عامة تعرضت للنصب والتزوير في الأختام لتوثيق شهاداتها الجامعية من الخارجية السودانية ومن سفارة بلد خليجي و خسرت مقابل كل شهادة ما قيمته مائتين وخمسون ألف جنيه بالقديم ، إلى هنا والأمر عداي فالقانون لا يحمي المغفلين كما قلت لها، إلا أن الشيء المحير هو القصة التالية التي روتها لي وانقلها بنصها بصدق ودون تصرف وان كنت مصابا بارتفاع ضغط الدم فلا أنصحك بمتابعة القراءة، تقول انه بعد استخراج البديل لشهاداتها وتوثيقها جلست في مطعم معروف بالعمارات هي و صديقاتها وكانت تضع شهاداتها الموثقة ومعها مبلغ أربعمائة ألف جنية بالقديم بالحقيبة، دلف لص الى داخل المطعم وخطف الحقيبة وفر هاربا، أمام جمهور المطعم ورغم صياح الفتيات خرج بالحقيبة ولم يهش عليه إلا رجل عجوز بعصاه عند باب المطعم ولم يوقفه على كل حال ، بتتبعه دخل اللص الى احد المجاري بمنطقة العمارات ، حفرة المجري المغطاة بقطع إسمنتية طولها حوالي عشرات الأمتار، ذهبت لقسم الشرطة المجاور، اخبرها العسكري انه يعرف اللص هذا من أسلوبه!وان هناك صديق لهذا اللص بالسجن سأحضره لكم (لاحظ الاستنكاح فالشرطي او العسكري ليست لديه صلاحية إخراج سجين)، قال لها سيحضر صديق اللص ويدخل للمجرى ويحضر الشهادات مقابل تنازلها عن المبلغ المالي بالحقيبة، وافقت على ذلك واحضر الشرطي الشخص المعني و دخل الى النفق وخرج حاملا الحقيبة واخذ الشرطي المبلغ المالي و أعطاه لصديق اللص الشهم! وطلب منها ان تأتي لقسم الشرطة باكرا لتسلم شهاداتها لأن هناك إجراءات أخرى! ، ذهبت في اليوم التالي لقسم الشرطة وأخذت الشهادات وشكرت الشرطي الذي طالبها بالتكرم بحافز مالي إضافي لصديق اللص الشجاع! المنقذ! ترددت هي ولكن قامت صديقتها بإعطائه مائة ألف من الجنيهات كحافز له ثم هممن بركوب السيارة وما ان وضعت الحقيبة وبداخلها الشهادات داخل السيارة وركبت السيارة هي وصديقتها حتى حضر نفس الشخص، صديق اللص، الذي اخرج الشهادات اقتحم السيارة شاهرا سكينا وبطريقة أفلام الرعب بوجه فتاتين مغلوبتين، خطف الحقيبة أمام أعين ذات رجل الشرطة الذي لم يحرك ساكنا و ظل جالسا على كرسيه أمام قسم الشرطة واتجه الخاطف في اتجاه ذات المجرى اللعين، وكأننا في بلاد عصابات المافيا في كولومبيا ، انصرفت الطبيبتان باكيتين مهرولتين بالسيارة من أمام قسم الشرطة وقانعتين بالنجاة بأرواحهما واستخرجت بديل للمرة الثالثة وهي الآن معنا ببلاد المهجر تعمل ولو لم أكن أثق بها لما أوردت قصتها وقد لمتها كثيرا للضعف وانعدام الوعي بالقانون وبالحقوق وهذا موجود في بنات وأبناء الشهادة العربية فالرجاء الشد من عزمهم قليلا. 3 رواية أخرى لأحد أقاربي، طلب منه مستشفى بن سيناء إحضار زجاجتين دم لأخته المريضة و المنومة بقسم الكلى بذات المستشفى اجتهد قريبي و حصل على زاجتين دم من مستشفى بجنوب الخرطوم، كيف انقلهم سألهم هل في ركشة او أمجاد هل يصلح ذلك؟ قالوا له في صبارة ماء او الصق زجاجة الدم بعبوة البيبسي ذات الحجم العائلي المبردة ، المهم فعل كما طلبوا ورفع تكييف سيارته الخاصة للآخر و احضرها وكان يوم أربعاء وأعطوه إيصال استلام للدم ولكنهم ضيعوه بعد كل هذا الجهد وأنكروا أنهم استلموا أي دم وبعد ذهابه ومقابلة مدير المستشفى عالجوا الأمر بتأخير أربعة أيام حتى الأحد التالي، نقلوا الدم لمريضة تحتاج إليه بتأخير أربع أيام لا قيمة لها في حياة الإنسان في السودان ولا من يحاسب أبدا 4 أخيرا وهذه رابعة الأثافي، الخبر قرأته بصحيفة الانتباهة وفيه ان وفدا من المؤتمر الوطني من جبال النوبة زار مبنى صحيفة الانتباهة للمطالبة بعزل الوالي احمد هارون! ، صحت في نفسي أصبحنا دولة غربية كبرى أم ماذا! وأصبح لمؤسساتنا الإعلامية هذه الهيبة، بحيث تطيح بالولاة وبحيث يبكي رئيس الوفد المفاوض ادريس عبد القادر بدموعه من الهجوم من الصحيفة ومناصريها من أئمة المساجد. اللهم اعد لأهل السودان نخوتهم وخلقهم الطيب وأزل عنهم غبار السنين فهم كالذهب يتسخ نعم ولكن مهما تغبر خارجه، معدنه واصله يظل نقيا.