{ حَفِل الحوار الذي نشرته جريدة (القدس العربي)، التي تصدر في لندن، أمس الخميس الموافق 9 ديسمبر 2010م، مع السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، بالكثير. وهو في مجمله كلام نابض بالوحدة رافض للانفصال، ورأينا أن نتطرق لما قاله السيد أو بعضه مع التعليق عليه. { لقد قال السيد الميرغني: «إن العمل من أجل الوحدة لم ينتهِ وقته ولم يفُت أوانه وأن حزبه سيظل يعمل حتى اللحظة الأخيرة لتكون نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة». { لكن الذي يقرأ هذا الكلام يتصور أن السيد يتحدث عن بلد آخر غير السودان؛ فمما يُجمع حوله معظم المقيمين داخل الوطن، شمالاً وجنوباً، بمن في ذلك غلاة الوحدويين؛ أن الحقائق على الأرض، خاصةً في الجنوب، تؤكد أن الأمر حُسم، حتى قبل الاستفتاء، لصالح الانفصال. { ويتساءل المرء أين هو هذا العمل الذي مازال يؤديه الحزب الاتحادي، وسوف يظل يؤديه حتى اللحظة الأخيرة، لتكون نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة؟ إننا للأسف لم نرَ شيئاً وكانت هناك فرصة للعمل لصالح هذه الوحدة وفّرها وجود إعداد كبيرة من الجنوبيين داخل الشمال. ولو أن الحزب الاتحادي سعي بينهم لإقناعهم بالتسجيل ومن ثم التصويت للوحدة؛ لكان من الحقيقة أن يقال إن حزب السيد الميرغني عمل للوحدة حتى لحظاتها الأخيرة. { لكنه نأى تماماً عن استثمار هذه الفرصة التي وفّرها وجود أعداد كبيرة من الجنوبيين داخل الشمال للانتصار لقضية الوحدة ولم يكن وحده وإنما شاركه في هذا التقصير غير المبرر صِنوه حزب الأمة. { وقال السيد محمد عثمان الميرغني، زعيم الختمية وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي كان له القِدح المُعلَّى في تحقيق استقلال السودان منتصف خمسينات القرن الماضي، قال: «إنه إذا أتت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال فإننا نرحب بالخيار الذي ارتضاه الإخوة في جنوب السودان وسنواصل العمل من أجل توحيد البلاد». { ويرى كثيرون أن استعادة الوحدة سوف تكون أصعب من المحافظة عليها. وكان المتوقع من حزب السيد الميرغني، الذي كان له أكبر الأدوار في تحقيق الاستقلال ووجود السودان الواحد الموحَّد، أن يكون موقفه من الوحدة أقوى من الموقف الذي عبّر عنه السيد الميرغني في الحوار المشار اليه، وأن يعلنها على الملأ أنه يرفض الانفصال جملةً وتفصيلاً. { وكان المتوقع من السيد نفسه أن يتخذ موقفاً مرتكزاً على كلامه هو الذي قاله من قبل وهو أن الحزب الاتحادي الديمقراطي لم يوافق أصلاً، عام 1995م، على قرار تقرير مصير الجنوب الوارد في مقررات أسمرا للقضايا المصيرية. { وكان من الممكن، بل المؤكد، أن يلتف حول هذا الموقف عدد مقدر من السودانيين من غير أعضاء الحزب الاتحادي الديمقراطي، وكان هذا التكتل الوحدوي المفترض هو الأقدر على المحافظة على الوحدة وهزيمة الانفصال. { لكنها فرصة تاريخية نادرة فشل الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الحركة الوطنية أيام الكفاح ضد الاستعمار البريطاني، في استثمارها.