{ وجميع التقارير والدراسات والملاحظات تعلن محلية «جبل أولياء» محلية موبوءة من فرط ما تعانيه من تردٍ في خدمات إصحاح البيئة والنظافة، ناهيك عن افتقارها لمشاريع التجميل وما عداها من كماليات لم تسمع عنها من قبل. { إنني لا أتحامل، ولا أتحدث عن مجرد حالة سمعت بها أو قرأت عنها، ولكنه الواقع الذي أعايشه يومياً بحكم انتماء الحي الذي أسكنه بمنطقة (أبو آدم)، لهذه المحلية، فنحن نرزح في كومة من الأوساخ تحوطنا من كل جانب، وأصبح من المعتاد وربما الضروري أن تقوم (كوشة) على رأس كل شارع، وتتكدس أكياس النفايات أمام كل بيت وتتجمع الحيوانات الضالة من الكلاب والأنعام لتحتفي بهذا الحدث وتفعل أفاعليها بهذه النفايات وتبعثرها في كل اتجاه لتزيد الطين بلة. والنتيجة بالأخير أننا أصبحنا نقاسم أسراب الذباب المعيشة، وفشلت كل جهودنا في مقاومته؛ فقد استوطن وتمكن، يحاصرنا بجموعه وطنينه نهاراً ومنذ الصباح الباكر، ويتنحي عن هذه المهمة لزميله (البعوض) ليستلم المناوبة الليلية ويتكفل بإقلاق منامنا و«تنغيص» عيش أطفالنا لتنطلق صرخاتهم ودموعهم طوال الليل وهم يحكون جلودهم من فرط لسعات البعوض ونحن نقف عاجزين أمام المشهد لا نملك لهم شيئاً؛ فقد جربنا كل ما تعارفنا عليه؛ عبأنا المنازل بالمبيد الحشري، وأغلقنا النوافذ، وأشعلنا أعواد الطلح والشاف ولم تفلح هذه الحملة الشعبية؛ لأن العدو لديه الفرصة الكافية لتجميع قواه من جديد ومهاجمتنا من الخارج بأعداد مهولة. { وهذه المساعي الشعبية تطورت لتشمل حملات للنظافة العامة؛ فقد تجمع نفر مقدر من شباب الحي باركهم الله وأعملوا معاولهم ومكانسهم في الطرقات الرئيسية والفرعية، يجمعون النفايات في أكياس اشتروها من حر مالهم ويقتلعون الحشائش والأشجار العشوائية ويركضون خلف أكياس النايلون والأوراق وقوارير المياه بأنواعها، وبعد أن يبذلوا قصارى جهدهم يصطدمون بواقع مرير ألا وهو «أين يذهبون بكل ما جمعوه؟»، فيضطرون لإضرام النيران في أكوام النفايات في محاولة للتخلص منها يبدو وضررها أكثر من فائدتها؛ فالدخان المتصاعد قاتل وموبوء ورائحته كريهة ومزعجة للإنسان، ولكن لا مناص من ذلك؛ فعربة النفابات المدللة لن تأتي لتحمل ما جمعوه وإذا تركوه على حاله عاودت الحيوانات الضالة الكرَّة ومعها بعض ضعاف النفوس الذين درجوا على بعثرة النفايات بحثاً عما يفيد دون وازع أو ضمير؛ ليعود الحال من جديد لما كان عليه وكأنك يا أبوزيد ما غزيت. { فأين محلية جبل الصالحين الأتقياء الذين يخشون الله، من كل ذلك؟ أليس لها من اسمها نصيب لتتقي الله فينا؟ والمعلومات تؤكد أن المحلية بلا جهة مسؤولة عن أمر النظافة وجمع النفايات. وسائقو الحاويات أكدوا لي مباشرةً أنهم يعانون من توفير الجاز، وتصدر لهم التعليمات بالمرور على شوارع معينة لجمع النفايات، أشهرها وأهمها شارع (الاستخارة) الشهير، ولا تسألوا لماذا هذا الشارع تحديداً؛ لأن منزل الأخ المعتمد الفخيم يقوم عليه ليمنحه الهيبة والأهمية اللازمة.. وعجبي..!! { لقد تحولت المحلية فعلياً الى محلية موبوءة بالأمراض والأوساخ واللامبالاة والاستهتار، ولا تتساءلوا عن حجم إمكانياتها لتجدوا لها العذر في هذا القصور؛ فيكفي أن (سوق الكلاكلة اللفة) يقع ضمن أراضيها بكل الجبايات المفروضة هناك من كل نوع بدءاً بالباعة المتجولين وأصحاب (الدرداقات والطبالي) والمحلات التجارية وسائقي الركشات والمركبات العامة و...إلخ، فالمحلية لا تبرع سوى في ممارسة الجباية بشتى الطرق؛ علماً بأن جابي النفايات أيضاً يزورنا شهرياً وبانتظام، وإن كنت أرجو ألاّ يتجرأ على زيارتنا هذا الشهر؛ فأنا لن أضمن النتائج من فرط ما آل اليه حال المواطنين المغلوبين على أمرهم من استياء وضيق؛ إذ بلغ السيل الزُبى. وربما لم تفلح كلماتي في عكس الصورة الحقيقية لمعاناتنا ولكن الواقع يؤكد أننا محاصرون بالنفايات والأوبئة، والأوساخ المتكدسة بصورة مزرية ومقززة تجعلنا نتساءل الى أي عالم ننتمي في هذه المحلية؟ وهل هناك محلية فعلاً بها موظفون وقادة؟ وهل فكر أحدهم بالقيام بجولة تفقدية؟ ثم أين حكومة ولاية الخرطوم التي أعوِّل عليها كثيراً وأشهد على اجتهادها من أمر محلية جبل أولياء وما يحدث بها؟ أتمنى أن أجد التوضيح والإجراء. { تلويح: أقترح فعلياً البحث عن اسم آخر للمحلية أو عن فريق عمل آخر بها.