حسم رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي خياره تجاه تفاعله مع مجريات الأحداث بالبلاد واختطَّ خارطة طريق للمرحلة الراهنة ودفع بها أمام المؤتمر الوطني رابطاً رفض الخارطة بتبنيه لخيارين الأول هو ما أسماه الإطاحة بالحزب الحاكم وهذا متوقف بحسب بيان أصدره أمس الأحد معنون ب(تقديم لكتاب ميزان المصير الوطني) في منتدى الصحافة والسياسة على قراره دعوة الحزب لعقد مؤتمر عام ليقرر بخصوصه. ولوَّح المهدي باعتزال العمل السياسي نهائياً حال رفض المؤتمر العام لحزبه إقرار مقترح الإطاحة بالمؤتمر الوطني. واشتملت خارطة الطريق على حل الحكومة الحالية وتكوين حكومة قومية جامعة وهي الخطوة التي يترتب عليها بحسب رؤية المهدي عقد مؤتمر دستوري لكتابة دستور دائم للبلاد، إبرام معاهدة توأمة مع دولة الجنوب فوراً، الاستجابة لمطالب أهل دارفور المشروعة وتعميم ذلك على بقية الأقاليم، توفير الحريات العامة، والتصدي للمسألة الاقتصادية. يذكر أن المهدي قدم لكتابه المذكور وتلاه بالتعقيب على الكتاب نخبة من السياسيين والصحفيين بداره بأم درمان. نص كلمة زعيم حزب الأمة الصادق المهدي لدى تقديم كتابه (ميزان المصير الوطني) إخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي، ضيوفنا الكرام من سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين ومواطنين: أشكركم على تلبية دعوتنا وأقدم لكتابي الأخير بالآتي: 1 اتفاقية سلام نيفاشا 2005م وعدت بجعل الوحدة جاذبة ولكن (4) عوامل فيها جعلت الانفصال جاذباً: { تقسيم البلاد على أساس ديني بروتوكول ميشاكوس. { تخصيص 50% من بترول الجنوب للجنوب جعل الانفصال جاذباً لينال كل بتروله. { حصر الشراكة في حزبين على طرفي نقيض أيديولوجياً فانعكست الجفوة بينهما على علاقة الشمال بالجنوب. { اكتسب المؤتمر الوطني جفوة دولية، قُل أمريكية، والحركة مودة دولية. 2 انتخابات أبريل 2010م كرست هيمنة المؤتمر الوطني على الشمال، والحركة الشعبية على الجنوب، ونتيجة للمساومة الحزبية صار قانون الاستفتاء وتكوين المفوضية غالباً في يد الحركة الشعبية، والآن أكثر من 95% من الذين سوف يصوِّتون في الاستفتاء مقيمون في الجنوب، وإدارة الاستفتاء تتبع مكتب الاستفتاء الجنوبي ومع انحياز الحركة الشعبية للانفصال فإن الانفصال تحصيل حاصل. 3 لقد عُزلنا من اتفاقية السلام؛ بل من الشأن الوطني بإرادة الشريكين ومباركة الأسرة الدولية وقبلت كل التطورات رغم عيوبها بحكم الأمر الواقع وتجنباً للحرب وكل محاولاتنا لاختراق الأحادية والثنائية بنهج قومي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أخفقت. ونفس المنطق القديم يلزمنا بقبول الاستفتاء القادم رغم العيوب. 4 إثارة الغبار والطعن الدستوري حول الاستفتاء مع مناخ المواجهة الموجود حالياً غير مجدٍ، بل يزيد من عوامل الاحتراب. 5 عوامل ترجيح الانفصال المشار إليها هنا تعني قبوله سواء أكان عن طريق استفتاء معيب أو عن طريق تراضٍ سياسي. 6 انفصال الجنوب سوف يغيِّر المشهد السياسي في السودان كالآتي: { تحميل المؤتمر الوطني مسؤولية الانفصال وما قد يلحق به من عداوات. { تصعيد نوعي في مواقف حركات دارفور. { إطلاق عنان الملاحقة الجنائية الدولية. حصيلة هذه العوامل مع تدهور الحالة الاقتصادية سوف تطلق تياراً واسعاً للإطاحة بالنظام. 7 في المقابل فإن الحزب الحاكم في الشمال سوف يعتبر انفصال الجنوب تخليصاً من شريك مشاكس ما يسهل مهمة السيطرة على الشمال حتى ولو في نطاق المثلث الشهير. هذا التصميم سوف يوسِّع ويعمِّق المواجهات في البلاد ويدعم تيارات تفكيكها. إن انفصال الجنوب، لا سيما في المناخ الحالي، سوف يحدث تغييراً نوعياً في المشهد السياسي في السودان ما يجعل المواصلة مستحيلة. 8 بدل المواصلة والإطاحة هنالك طريق سياسي سلمي ثالث؛ هو أن يقبل المؤتمر الوطني بالخريطة الآتية: أ إدارة الشأن الوطني والدعوة لمؤتمر قومي دستوري لكتابة دستور البلاد الدائم. ب إبرام معاهدة توأمة مع دولة الجنوب فوراً. ج الاستجابة لمطالب أهل دارفور المشروعة وتعميم ذلك على الأقاليم الأخرى. د. توفير الحريات العامة. ه التصدي للمسألة الاقتصادية. و التعامل الواقعي مع المحكمة الجنائية الدولية. إذا قبل المؤتمر الوطني هذه الخريطة يمكننا الخوض في التفاصيل والتوقيتات. 9 هذا العرض قائم حتى 26/1/2011م ويُرجى أن يدرسه المؤتمر الوطني بجد واجتهاد واتخاذ قرار بشأنه. فإذا رفضه المؤتمر الوطني فسوف أوجَّه الدعوة لمؤتمر عام لحزب الأمة ليقرر الحزب موقفه من المشهد السياسي الجديد. 10 أنا شخصياً وفي هذه المرحلة من العمر وأنا أرى بعيني رأسي عوامل تفكيك السودان؛ سوف استخير لاتخاذ أحد قرارين هما: الانضمام لصف الإطاحة. وإما التخلي النهائي عن العمل السياسي. وينتخب المؤتمر العام قيادته. كتابي الذي بين أيديكم هو شهادة على العصر أرجو أن تشجع آخرين للإدلاء بشهادتهم. شهادة قدمتها موثقة. والكتاب مرافعة مركزة من أجل الطريق الثالث المذكور ولكن بعد تقديم الشهادة والمرافعة فإن الموقف بعد انفصال الجنوب يوجب اتخاذ قرارات فاصلة. والله وليّ التوفيق