من الواضح أن تقسيم السودان المرتقب بعد الاستفتاء على تقرير مصير جنوبه، فتح شهية البعض لفتح ملفات كثيرة منها اسم البلد وكأنهم يرون أنه بعد انفراط الوحدة يمكن أن يُعاد النظر في كل شيء. والحقيقة أن اسم السودان خضع للنقاش وأُثير مرات ومرات حتى عندما كانت وحدة السودان مسألة غير قابلة للتفاوض، وكان هناك من اعترضوا على الاسم المرتبط باللون الأسود فليس كل السودانيين سوداً وقد كان هذا الاسم يُعطي البعض إحساساً بأنهم سودانيون أكثر من الآخرين وأنهم أهل البلد الأصليون ولم يكن ذلك صحيحاً. واقترح البعض في ذلك الزمن الذي كانت فيه وحدة السودان هي أكبر الثوابت تغيير الاسم ليصبح سنار نسبة للسلطنة الزرقاء التي امتد عهدها من عام 1504م عندما تحالف العبدلاب بقيادة جماع والفونج بزعامة عمارة دُنقس وانتصروا على ممكلة علَوَّة المسيحية التي عاصمتها سوبا إلى عام 1821م عندما غزا الأتراك السودان وأطاحوا بالسلطنة الزرقاء. ولم يؤبه لذلك الاقتراح بتغيير اسم الوطن من السودان إلى سنار فالسلطنة الزرقاء لم تكن تشمل كل السودان الحالي ثم إن الأخذ باسم سنار المرتبط بالسلطنة الزرقاء التي هي إسلامية أو مسلمة بالدرجة الأولى قد يواجه بالرفض من قِبل السودانيين المسيحيين والوثنيين ومعتنقي كريم المعتقدات! وكانت أعدادهم كبيرة في ذلك الوقت من عمر السودان الواحد الموحّد. ثم تجددت الدعوة مؤخراً إلى تغيير اسم البلد بعد أن تأكد أنه آيل أو مُقبل على الانقسام إلى دولتين، لكن الناس في السودان الشمالي خاصة تصدوا للدعوة بكثير من عدم المبالاة وبعضهم بالتهكُّم والسخرية إلى درجة أن أحدهم اقترح أن يسمى السودان فرنسا، واقترح آخر أن يسمى حوش بانقا. وكان ممن اقترحوا تغيير الاسم في الماضي العالم اللغوي الكبير البروفيسور الراحل عبدالله الطيب وفي الحاضر السيدة وصال الصديق عبدالرحمن المهدي قرينة الدكتور حسن عبدالله الترابي. لكننا لسنا من أنصار تغيير الاسم رغم ارتباطه بلون محدّد وقد ارتبطنا وعرفنا به.. وهو من وجهة نظرنا اسم جميل وحتى إن لم يكن جميلاً فماذا في اسم كما يقول الإنجليز وقال الشاعر العربي: وما التأنيث لاسم الشمس عيب ٭ ولا التذكير فخرٌ للهلال وأهم من الاسم المسمى الذي هو الوطن وهو وطن عريق عظيم مضياف وأهله كُرماء متحضّرون مؤهلون لأن يحققوا كل الذي حققته الشعوب الحية العظيمة وأكثر، وعاش السودان حراً مستقلاً أبياً شامخاً واعداً طامحاً واثقاً.