{ لم يعجب دعائي في خاتمة مقال الأمس: «اللهم أَرِنا فيهم عجائب قدرتك عاجلاً غير آجل.. اللهم خُذهم أخذ عزيز مقتدر»، لم يعجب أحد القراء؛ لأنه ربما ظنَّ أنها دعوة على (كل) الجنوبيين، ويخشى أن تفشل حكومتهم بعد الانفصال، فيعودون إلينا بالملايين..!! ولهذا فإنه يطالبنا أن ندعو لهم بالسداد والتوفيق..!! { إنَّ دعوتي، عزيزي القارئ المحترم، ليست على شعب الجنوب؛ فهو في رأيي منقسم إلى قسمين: الأول يصوِّت للانفصال لأنه (مخدوع)، يتوهَّم أنه سيكون مواطناً من (الدرجة الأولى) في (الدولة الحلم) التي توفَّر لها كل مطلوبات الحياة برفاهية من صحة، وتعليم، ومأوى ومأكل وملبس، وأكثر هؤلاء اكتشف الأكذوبة منذ اللحظات الأولى لوصوله إلى أرض الميعاد في جنوب السودان.. وستتأكد البقية الباقية من أنها كانت (تحلم) ولكن بعد فوات الأوان. { القسم الثاني من شعب الجنوب، وهم الأغلبية في تقديري لديهم مرارات تاريخية تجاه الشمال، ولكنهم غير مطمئنين إلى «الحركة الشعبية» ولا يثقون في حكومتها وقد تأكدوا من فسادها المزكم للأنوف طوال الست سنوات الفائتة، لكنهم خائفون بل مرعوبون من أجهزة القمع التابعة للجيش الشعبي، ولهذا فإنهم يضطرون إما للمزايدة وإظهار تعابير ومظاهر (انفصالية) أكثر من الانفصاليين، أو يصمتون هلعاً ويركبون (موجة) الانفصال، انتظاراً للمجهول.. وأملاً في مفاجأة سارة تبدِّل أحوالهم وتنقلهم إلى حياة أفضل. { المنحدرون إلى قبيلة «الدينكا» تحديداً هم قادة وحُداة تيَّار الانفصال؛ لأن المتنفذين من أبنائها يعلمون أنها ستكون وهي بالفعل (القبيلة الحاكمة) في الجنوب. { لكن هناك الكثير من مهمَّشي الدينكا.. متنازعين في عواطفهم.. مضطربين في تحديد خيارهم. { الانفصال هو الخيار الغالب وبنتيجة تفوق (80%)، باعتبار أن المسجلين من الجنوبيين في الشمال يزيدون على نسبة (4%) من مجموع المسجلين، وأغلب هؤلاء سيصوِّت لخيار (الوحدة) بدليل أنه غير مستعد حتى الآن لمغادرة الشمال. {إذن، تبدأ نسبة التصويت للانفصال من (96%) وهم مجموع المسجلين في الجنوب دون الشمال ولهذا لا يمكن أن تكون النتيجة مثلاً (96%) لصالح الانفصال.. ومستحيل أن تكون النسبة (99%) وهي النتيجة التي صوَّت بها الإريتريون للانفصال عن «إثيوبيا». ونحن هنا بهذه العملية الحسابية البسيطة نساعد السادة (المزوِّرين) في الحركة الشعبية وحكومة الجنوب على إعلان نتيجة (معقولة) و(مناسبة) حتى لا يفاجئوننا بمساعدة الأممالمتحدة بنتيجة (مضروبة) و(مضحكة) في ذات الوقت. { من مجموع (96%) يفترض أن هناك (وحدويين) مهما قلَّت نسبتهم، سيصوِّتون لصالح الوحدة سراً رغم الترغيب والترهيب، ولهذا فإن النتيجة الأنسب لتزوير الاستفتاء يفترض ألاّ تتجاوز من (80% 85%) لصالح الانفصال، أما إذا جعلوها أكثر (تهذيباً) فيفترض ألاّ تتجاوز نسبة (70%) لصالح الانفصال. { عزيزي القارئ، أنا في حاجة إلى تجديد دعائي: «اللهم أَرِنا فيهم عجائب قدرتك عاجلاً غير آجل.. اللهم خُذهم أخذ عزيز مقتدر».. وأنا أعني هنا (المزوِّرين) الذين زيَّفوا إرادة الجنوبيين (بالإرهاب) و(الخديعة) ومنعوا أي صوت يدعو إلى الوحدة. اللهم خُذهم أخذ عزيز مقتدر؛ فملايين المخدوعين سيعودون إلينا (لاجئين) بعد أشهر.. شئنا أم أبينا.. ولا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللّه.