تحية طيبة.. وكل عام وأنتم بخير وبعد.. أسمح لي للمرة الثانية أن أطرق عمودكم المقروء في الموضوع أعلاه وأنه لكرم كبير منكم.. .. النص.. درجت الهيئة القومية للصحافة والمطبوعات في سنواتها الفائتة على تكريم بعض رواد الصحافة من سكبوا عصارة فكرهم في سبيل الرأي والرأي الآخر، وعانوا الأمرين في توصيل رسالتهم بموضوعية صبروا وصابروا على الرغم من ضيق ذات اليد ومكابدتهم في شظف العيش من حافز جنيهات لا يوفر لهم قيمة المواصلات ناهيك عن مطالب المعيشة الأخرى التي لا تكفي عن الضغوط اليومية ومزيداً من الأسئلة دونما إجابات واضحة!! .. هذا التكريم الذي نحن بصدده وإن أتى خاليا من الحافز النقدي فإنه على الأقل ينحو باتجاه الأثر المعنوي، وهو من نظر هؤلاء الرواد كبير ليُسجل في الذاكرة الصحافية بأن هؤلاء خطّوا بيراعهم أفكاراً ومقترحات في السياسة/ الاقتصاد/ المجتمع، تأتي بمثابة إضاءة باهرة لأجيالنا من شباب الصحفيين، وانطباع جميل لدى المشتغلين بالصحافة والإعلام على امتداد الوطن الكبير. الدول الأخرى المتقدمة، بل وفي محيطنا العربي لا تهمل روادها، فهم في ثقافتهم التراكمية المعلمون الأوائل الذين جعلوا رسالة الصحافة متواصلة ينهل منها جيلا عن جيل دونما انقطاع، فهم بهار علم الصحافة. عندما كنا صبية كانت تبهرنا كتابات روادنا الأوائل، المرحوم بشير محمد سعيد، ومحجوب عثمان ومحجوب محمد صالح بصحيفة الأيام إلى درجة الهوس، بل كنا ونحن شباب نحفظ مقاطع من أعمدتهم، ثم نجلس نتداول مناقشة الأفكار التي تتضمنها في بيئة صحفية. وهناك أيضاً المرحوم رحمي سليمان وأستاذنا اسماعيل العتباني يرحمه الله من تدربت على يديه بصحيفة الرأي العام في السبعينيات الى أن أوكل لي صفحة الشباب الأسبوعية، فالتزمت بتحريرها لأكثر من ستة أشهر ولم أطالب بمرتب لأني اعتبرت ذلك بمثابة تدريب لي عملي وشهادة تخرج جديدة أفخر بها فهي التي صقلتني ومنحتني (زوادة) صحفية طوال سنوات تجربتي، فلماذا لا يستفيد شبابنا الصحفيون من هؤلاء الرواد والذين لن يجود الزمان بمثلهم لتتلاقح الخبرات عبر مسيرة صحيفة ناضجة. هؤلاء الرواد ما يزالون يواصلون مشوارهم الطويل المضني سواء أكانوا كُتاب مقالات أم أعمدة، يستحقون التكريم ولو معنوياً فهذا يترك أثراً طيباً في نفوسهم مما يجعلهم ينجزون عملهم الصحفي وهم مقيمون على أقل تقدير معنوياً، أو مرغوب في إنتاجهم من مواد صحافية ذات ديباجة وموضوع منسوجين على أكمل وجه يزرع المتعة والإثارة في نفسية القراء. تكريم هؤلاء الرواد في كل سنة بأي شكل مادياً أو معنوياً يأتي كاستحقاق أدبي لصحفيين ظلوا يواصلون رسالتهم الصحفية تواريخ طويلة ولم يزل نبضهم غير منقطع، فعبر هذه الزاوية أصرخ بأعلى صوتي مرات عديدة لتكريم هؤلاء الرواد الصحفيين وآمل ألا يكون هذا الصراخ في وادي الصمت!!