{ والحمقى وحدهم من يمارسون الغضب على الطريق، إن كان بزيادة سرعة القيادة لمطاردة وهم أنك الأول! أو بزيادة سرعة لسانك لملاحقة الشتائم بحقيقة إنك الأول في الحماقة. ففي الطريق يعرفونهم بإشارات الاستهتار الواضحة على الزجاج الأمامي والخلفي والجانبي للمركبة الخاصة أو العامة، وبالأخص الأخيرة؛ إذ أنه تبين أن من أهم شروط ركوبك الطريق العام سائقاً لمركبة تعم الناس أن تكون متهوراً متسرعاً غاضباً منسجماً مع الشتيمة كنوع من التخصص والتميز على الطريق! { والطريق الأسفلتي الأسود المحفوف بالرصيف والدوّار (الصينية) وبإشارات المرور ورجل الحركة الأبيض؛ هو درب للذوق والسلامة قبل أن يكون لمهارات القيادة. وهذا ما تحاول الأكاديمية السودانية للطرق والمرور توصيله بجرعة مركزة في ثلاثة أيام بإضافة يوم للامتحان، شرطية مرتبطة بحصولك على شهادة للتمرين العملي وانتظار استخراج الرخصة للقيادة من الإدارة العامة للمرور. ورغم اعتراض جمهورها على الفترة ما بين رافض لقصرها ومتعجل لانتهائها للحاق بدوام متوقف بطلب إجازة أو إذن. ورغم الهمهمة المتناثرة من ارتفاع القيمة المالية لفترة التدريب النظري، نظير ما يتم دفعه مرة أخرى لرسوم الرخصة، زائداً رسوم التدريب العملي للمبتدئين. مع أن إدارة الأكاديمية تعتقد أنها كفترة مقسمة بحساب سبعين دقيقة للمحاضرة الواحدة؛ كافية أن يتم توصيل المعلومة؛ خاصةً وأن إدارة التدريب بها كفاءات تم تدريبها جيدا لأداء المحاضرات على مستوًى عالٍ من الأداء الأكاديمي لتغطية كافة المنهج المقرر والأول من نوعه في السودان. { أما المقرر النقدي المقطوع جهراً برسوم تم تعديلها بحسب إدارة الأكاديمية نظير الخدمات الأخرى التي تقدم للعميل؛ فإنه غير قابل لتخفيض، بحساب أن المؤسسة في الأصل خدمية غير ربحية حتى في أصل شراكتها مع الإدارة العامة للمرور. فهي كأكاديمية تُعنى بتطوير الأداء القيادي وتعليم قواعد السلامة والمرور حتى لبعض الجهات الرسمية، للمحاولة في تغيير العادات المرورية غير السليمة، بجانب تحويل المفهوم الثابت حول السلامة المرورية كوضع قانوني فقط يزيح عنك عبء (مخالفة عسكري المرور) وليس سلوكاً سلامياً يخفض من نسبة حدوث أذى مروري في حين الحوادث كإجراء ربط حزام الأمان حين القيادة لهذا فإن خدمة التوعية الكبيرة التي تتحمل الأكاديمية قدرة توصيلها ليست مقصورة بفترة الثلاثة أيام المتبوعة بامتحان؛ إنما تتعداها إلى أبعد من ذلك في توطين فكرة السلامة والذوق لدى الفرد المتدرب ولو نظرياً بأن القيادة ليست فرداً لعضلات اليد أو اللسان أو العربة على الطريق؛ إنما هي أدب والتزام بقوانين وقواعد ومبادئ المرور لسلامة جميع شركاء الطريق. { والطرق التي تعبر بنا نحو ذلك قد لا تبدو معبّدة ومريحة في طلوعها والنزول بها إلى منحدرات المزاج والثابت والمتعدد من الثقافات القيادية على الطريق؛ فكلٌ يقود كما اتفق وتدرب، لكن الالتزام بالقوانين بدون خوف وبالقواعد المرورية بمعرفة واقتناع وتعاون وبالمبادئ باحترام وتقدير ولا شك بذوق؛ يحوِّل هذه العلاقة بين شركاء الطريق إن كان الراجل على قدم أو السائق لمركبة عامة أو ثقيلة أو خاصة أو نظامية كسيارات المطافئ والنجدة التي تتطلب نوعاً معيناً من القيادة السريعة يحوِّلها إلى شراكة آمنة ومتفاعلة وبالضرورة يرفع مستوى التعامل بينهم من الأسفلت إلى إنسانية الذوق والذكاء القيادي بعدم السرعة، لا في القيادة ولا الغضب الاستفزازي. وقد يبدو مستفزاً للبعض المتسمِّرين في ثابت التقادم والخبرة المنقولة شفاهةً للحصول على ترقيات وأداء خدمي ولا شك رخصة، إنشاء أكاديمية تعنى بالمهنية والعلمية المنهجية في تعليم قيادة المركبات والسلامة المرورية، لكن ونظير أن هندسة طرقنا تتماشى مع ثقافة (نطلع العالي وننزل الدقداق) بسيارات لم تُصمم لذلك، أليس حريّاً بنا أن نتملك مفاتيحها ونتحكم في عجلاتها ونعرف مداخلها والأزمان الصحيحة لدخولها حتى نقول بفم مليان ( معاك مُعلِّم)!