{ قرأتُ بالأمس في الزميلة (آخر لحظة) رسالة موجهة من رجل الأعمال المقيم بدولة الإمارات السيد كمال حمزة، هذه الرسالة موجهة إلى والي الخرطوم حيث عَنْوَنَها بالعنوان التالي: (من كمال حمزة إلى والي الخرطوم) والرسالة نصها كالآتي مع العلم أن الأقواس هي صنيعتي لفهم سأوضحه بعد الرسالة: { «أتحدث اليوم في هذا الموضوع الحيوي بصفتي (مواطناً) لا أكثر لكن ظروف عملي وسفري المتواصل من وإلى مطار الخرطوم حفزتني أن أتناول هذا الموضوع لأن الخرطوم ومطارها عزيزان علينا لأنها وجه هذا الوطن الفسيح. فالبص الذي يقل ركاب (الدرجة الأولى) وهم في كثير من الأحيان رجال أعمال أجانب ومستثمرون، هذا البص للأسف متهالك ولا يتسع في بعض الأحيان للركاب وهو لا يليق بأن يكون عنواناً لمطار الخرطوم العريق خاصةً في فصل الصيف الحارق إذ أنه يفتقر (للتكييف المريح). إنني اقترح وبصفة (عاطفية) هي صفة عشقنا للخرطوم عاصمة الوطن الغالي، اقترح على الأخ الصديق دكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم الذي ما سمع أو تناهى إلى سمعه شيء يضيف إلى الخرطوم بهاءً وازدهاراً؛ إلا فعله بين غمضة عين وانتباهتها. ومن هنا فإنني أثق ثقة مطلقة أن أخي عبد الرحمن الخضر سيبادر بإهداء بص أنيق وفخيم من بصات الولاية الفارهة إلى مطار الخرطوم وإلى ركاب (الدرجة الأولى) وهو هدية الولاية لعاصمة الوطن الواسع التاريخ والعراقة. شكراً مسبقاً لأخي والي الخرطوم (وصلت الهدية) كمال حمزة».. انتهت الرسالة. { بمنتهى الصدق وأنا أقرأ هذه الرسالة أصابتني الحيرة وقفز إلى ذهني سؤال حول جدلية أن الوطن ده حق منو؟ وسألت نفسي ماهو المطلوب مننا ومن غيرنا؟ وغيرنا بالطبع هي الحكومة التي تتحمل المسؤولية كاملة تجاه البلد؟ لكن هل وصاية الحكومة تلغي وتنفي الدور الشعبي الذي يجب أن نلعبه كمواطنين تجاه قضايا اجتماعية وإنسانية أو حتى وطنية جسيمة؟ وهل الحكومة بمسؤولياتها وأعبائها المسؤولة عنها بنص الدستور تجعلنا مجرد متفرجين في وطن يهمنا بالدرجة الأولى؟ عايزة أقول بصراحة لأني حاسة أنه لفيت ودوّرت: ماهو دور رجال المال والأعمال في الهم الوطني بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟ ودعوني أسال السيد كمال حمزة وهو الرجل المليونير، ماذا لو أنه استبدل هذا النداء (العاطفي) لوالي الخرطوم بأن أهدى هو، وأحسب أنه يستطيع، ماذا لو أنه أهدى بصاً أو بصين لمطار الخرطوم حتى يستريح ركاب الدرجة الأولى الذين لا يتحملون عدم التكييف وكمان يستريح أهلي الغبش الذين يسافرون بالدرجة العادية مرة في العمر ليس للسياحة ولا لعقد الصفقات المالية ولكن إما من أجل العلاج أو العمرة أو الحج. صدقاً نحن في حاجة إلى تغيير الكثير من رجال المال والأعمال نظرتهم لإدارة أموالهم حتى تخرج عن نطاق مصلحة الأسرة الضيقة إلى مصلحة الوطن الواسع الفسيح لأنه ما معقول أي تاجر أو رجل أعمال حيدور في فلك المطاعم ومحلات الايسكريم أو إنشاء الصيدليات التجارية التي تهتم أكثر بالعطور والشامبو وأدوات التجمل أكثر من اهتمامها بأدوية الملاريا أو التهاب الكبد الوبائي ليكون الربح ذاتياً وقصير النظرة، ونحن نحتاج إلى مساهمات اقتصادية وطنية في شكلها إسعافي وسريع وفي مضمونها رداً للجميل لهذا الشعب الجميل! في كل الأحوال أرجو وأتمنى أن يسهم رجال المال والأعمال في وضع طوبة في أول مدماك لبناء دولة الشمال ما بعد الانفصال وما أظن أن أحداً سيحتار يودي قروشه وين لأن الفقر بالكوم والهم بالكوم وياريت لو بقت على بص المطار المسخن ده كان يكون عز الدلع..!! كلمة عزيزة تمنيت لو أن السيد كمال حمزة لم يخصص طلبه لركاب الدرجة الأولى الذين يفتقرون إلى التكييف المريح؛ لأن هؤلاء إن كانوا مستثمرين أو رجال مال ليس لديهم الحق في الرفاهية (والنقنقة) أكثر من محمد أحمد الغلبان الذي هو وحده من يتحمل غلاء الأسعار ويتحمل ضيق الحال وكمان يتحمل تبعات الاحتباس الحراري ورغم ذلك يقاوم بأنفة وعزة أية محاولات استعمارية لكسر أنفه أو قطع لسانه.. وحنبنيهو البنحلم بيه يوماتي..!! كلمة أعز الأحاديث المملة المكررة عن الحياة الزوجية التي ترددها مذيعتا (أفراح أفراح) كل خميس تجعلني أؤيد بشدة أن تقدم فقرات هذا البرنامج بدون مذيعة ويا حبذا لو تم التنويه للأسماء عبر الجرافيك في شكل كروت تهاني تظهر على الشاشة بأسماء العرسان وبلاش استخفاف بالمشاهدين..!!