{ بمزاج آخر هذه الأيام يدور استفتاء بين وزارة الشباب والرياضة والمجلس الأعلى للشباب والرياضة من جهة، وبين نادي الهلال من جهة أخرى، حول توفيق وضع ميقات قيام الجمعية العمومية للنادي في ميعادها المتزامن مع افتتاح بطولة الأمم الأفريقية للمحليين، حيث أنها أكبر حدث رياضي يستضيفه السودان منذ عقود خلت. { فما خلُص من مفاوضات حول قيام الجمعية العمومية للنادي العريق في ميقاتها المتزامن باليوم مع افتتاح البطولة ونهاية الصلاحية القانونية للمجلس الحالي لتسيير أمور النادي؛ يؤدي إلى مفترق طرق قد تبدو في مدخلها قائمة على تراتيب زمنية أكثر من كونها مسألة ولاءات وأوليات. فالبطولة تهم كل السودان كقطر عانى سياسياً مؤخراً من نهش وسلخ إعلامي حاد على ظهر أخباره، لتبيان عظام الحقيقة تجاه مسألة الاستفتاء وتقرير مصير جنوب السودان. وإعادة تسليط الكاميرات الضوئية عليه مرة أخرى مطلع فبراير القادم، كبلد يستضيف بطولة مهمة كهذه؛ سيغيِّر إلى حد كبير المفاهيم الثابتة تجاه الأحداث المتلاحقة التي تتبع لدائرة السودان في القنوات العالمية الخارجية، وبلا شك ستحدث حراكاً رياضياً من نوع آخر يتعلق بتطوير كرة القدم في كافة مناحيها، من التدريب والإستادات والضخ المادي، حتى بالنسبة للوكلاء الرياضيين أو سماسرة اللعيبة. { أما اللعبة الأنيقة التي تدار حول استفتاء الأهلَّة لمجلسهم الجديد، والشروع الفعلي في النزول بدعايات انتخابية مسبقة وشفهية منقولة عبر الصحف والهواتف والمواقع الإلكترونية؛ فهي إلى حد كبير تهم القطاع الرياضي بما يمثله نادي الهلال من ثقل نوعي حينما تذكر الرياضة وقمتها، والنزال الخفي بين نادي الهلال بأهميته هذه المرتكزة على أسماء وتاريخ وبراعات وعلاقات وبطولات، وبين الجهات الرسمية الرياضية، والمرفوع لقوة التصريحات المتنوعة بأن البطولة أكبر من شأن الجمعية العمومية والانتخابات، حتى من جهة الوزارة اتحادية وولائية وبين أن قيامها المتوافق مع البطولة لن يشكل إخماداً لأضواء كاشفة في إستاد الخرطوم بانسحابها لإنارة خبر الجمعية. { لكن ما يجتمع عليه كل الناس حتى المراقبون المحليون مثلنا أن قيام الجمعية في مواعيدها مهم على كافة المستويات الرياضية، وبشكل أكثر حدة مما نتوقع، شئنا أم أبينا؛ أن الشارع الرياضي بكل ولاءاته للفرق الأولى يتجه بقلبه وقوالبه إلى الأخبار التي تنقل ببث مباشر ما الذي سيحدث في صراع الأباطرة المنعقد داخل ساحة النادي لتشكيل مجلس جديد قديم يعبر بأشواق البعض إلى شواطئ الأمان، وينتهي بأماني البعض في قاع بحر الظلمات! ليس بوضوح حقائق الولاء والوطنية، فقد ثبت سابقاً أن الولاء للنادي أكبر من الوطن، لكن بالشروع في اعتقاد أن نوادي كرة القدم في السودان تستطيع إدارة شأن الرياضة في عمومها أكثر من الوزارة بحديها. { فحدة الصراع الواقف على خط (18) لأي إداري في أي نادٍ ووزارة الشباب والرياضة، يؤكد أن المسألة تتعدى الوطن بكثير وتنتهي إلى إثبات القدرات والعضلات كذلك، فالكل يسعى إلى تعريف الآخر بحاجة تقضي مصلحته العليا إن كانت بمجرد قرار إعلامي لا ينزل إلى أرض الواقع أو إلى عناد إداري على أرض الواقع الرياضي، لا ينزل إلى حكم الضرورة. { بالضرورة أن الرياضة الآن بكاملها بحاجة إلى هزة أرضية تقرر مصيرها في القادم من المراحل، ولن تجدي في ذلك المصالح المشتركة أو الظروف الجوية أو حتى سيناريو الحوار فوق وتحت الطاولة! تحتاج أن تعدل زاوية قبلة الولاء الرياضي، وأن تعاد الثقة إلى مسألة الوطن في الرياضة، التي هي فوق كل ولاء والتزام، فكما غاب الإعلام كله عن استقبال المنتخب الوطني رغم هزيمته وتراجعه إلى المركز الخامس سيغيب الجمهور عن افتتاح البطولة الذي تزيد مدته عن الأربعين دقيقة في إستاد تمَّت صيانته كاملاً بجانب إستادات مدن أخرى لمتابعة مسلسل طويل الحلقات لمجلس الهلال لن ينتهي النهاية السعيدة أبداً.