لم يكن الأمر بالعادي حينما ترى امرأة تقف أمامك مع مئات الرجال في سوق العربات لتتقاسم معهم لقمة العيش و(تُحاجج لتقلع) عمولتها من أيدي المشتري، ف(السمسارة عواطف) احتفظت بالزي الأنثوي وتنازلت عن حقها في أن تُنادى باسم امرأة أو أن تُعامل أيضاً كامرأة، فحذفت حرف الواو من اسمها لتتحوّل بسرعة البرق من «عواطف» إلى «عاطف»!، فكان ذلك التغيير بمحض إرادتها لتجعل الأمر طبيعياً وتقي نفسها شر الملاحقات والمطاردات التي قد تحدث لها. كان هذا عند ولوجها إلى عالم (الكِرين) لتكون سمسارة عربات فحكت قائلة: «عاطف هايس».. اسم أُطلق عليَّ في الكِرين لأنني في عملي هذا أتعامل مع الرجال كرجل وليس كامرأة، فتعاملي خشن وجاف جداً لأن السمسرة تتطلب الجدية في العمل. فبدأ عملي في الكِرين منذ مجيئي مع زوجي لشراء عربة حينها انتابني شعور بأن أعمل هنا. فتعلمت القيادة مع زوجي بداية دخولي لهذا المجال بشراء عربة (روزا) ومن هنا بدأت تجارتي بالسيارات وأصبحت قادرة على قيادة أي سيارة «هايس، روزا، دفار، ....الخ». وتواصل: لا يوجد شيء ساهل، فقد واجهتني معاكسات ومشاحنات، ولكن عدم اهتمامي بمعاكساتهم وعدم خوفي منهم وشجاعتي جعلتني أتخطى الصعاب. وعن أصعب موقف مرّ بها روت قائلة: كنت أملك عربة (روزا) وفي أحد الأيام استأجرتها لشباب كانوا في طريقهم لقضاء رحلة في مدينة «مدني» فحدث ما لم أكن أتوقعه حيث تعاطى كل الشباب على متن الحافلة (الخمر) ما عدا الكمساري الذي أرسلته معهم للحفاظ على العربة كان (واعياً) تماماً لأنه يتبع لي، ، فمنع الكمساري السائق أن يقود العربة وهو (سكران) واتصل عليّ وأخبرني بما حصل حيث قال إنهم في منطقة (بُتري) عائدين إلى الخرطوم. ونسبة لأن كل الركاب كانوا في نفس حالة السائق أي سكارى، ذهبت إلى هنالك ومعي رخصة القيادة وأوراق العربة وعندما وصلتهم وجدت جميع الركاب على الأرض فطلبت منهم أن يصعدوا فاندهشوا وتفاجأوا لكوني امرأة تريد أن تقود هذه الحافلة، فصعدت الحافلة وقمت بلف التوب وأخذت طاقية من أحد الركاب وقلت «لا إله إلا الله»، وعند سيري بشارع مدني كان هنالك وفد حكومي قادم وعندما اقتربوا منا أشار إليّ ضابط المرور بالتوقُّف مطلقاً صافرته، وحينها أوقفت العربة، كانوا يظنون أنني رجل، فجاء العسكري ووقف قرب العربة فعندما وجدني امرأة أصابته الدهشة، بعدها ذهب إلى العميد قائد الوفد الذي كان داخل عربة (اللاندكروزر) وتفاجأ هو الآخر بأن امرأة تقود عربة ركاب، فطلب مني الرخصة وأوراق الحافلة وقال لي (بتقدري تواصلي)؟ فقلت له.. نعم. وبعدها تم وضعي في إمتحان صعب من هذا الوفد ضباط اثنين يسيرون أمامي وبقية الوفد المكوّن من عربتيْ لاندكروزر خلفي وأنا في الوسط أقود (الروزا) وكنت أقود بنفس سرعتهم التي كانت (120 - 130) كلم/ الساعة وبعد أن وصلت إلى لفة المعمورة (الخرطوم) تلقيت تحية حارة من العميد قائد الوفد.