{ في ظل الشد والجذب ما بين حق الملكية الفكرية التي تحفظ بلوائحها وبنودها حق المؤلف والملحن والمؤدي، في ظني أنها قد هضمت حقاً أصيلاً لضلع رابع في مربع الإبداع وليس مثلثه بأي حال من الأحوال والضلع الرابع هو المستمع الذي وحده من يمنح العمل الفني حق البقاء والديمومة؛ لأنه هو لجنة المعاينة الحقيقية التي تصفق للمنتج الفني أياً كان شكله الإبداعي ويكون التصفيق هو بمثابة الإشارة الخضراء التي تفتح له الطريق أو أن الجمهور هو الذي يعرض عنه ويدير وجهه وبالتالي ينتهي المنتج عند حد العرض الأول دون تواصل أو استمرار! ولأنه يهمني جداً حق هذا الضلع المهم والأصيل همَّني وأزعجني خبر صغير قرأته أمس الأول على إحدى الزميلات من الصحف السيارة أن واحدة من المغنيات قد اشترت من ورثة الراحل الكبير حسن خليفة العطبراوي عدداً من أغنياته بدعوى أنها لا تريد لهذه الأغنيات أن تندثر أو تموت! ودعوني بحرقة أقول إنه أهون عليَّ ألف مرة، وأنا واحدة من آلاف يعشقون الفنان الكبير، أهون عليَّ ألف مرة أن تموت هذه الأغنيات من أن تمشي بينناً مسخاً مشوهاً عاجزاً ناقص الخلقة لتصبح لا هي طير لا هي بشر ولا هي جن. ودعوني أسأل ورثة الراحل الذين وعلى ما يبدو أن الفنانة المذكورة قد منحتهم مبلغاً يسيل له اللعاب: أنهم كيف يفرطون في إرث الرجل وهو على فكرة إرث يخص الراحل العظيم وحده والمستمع الذي يعشقه وإن كان أبناؤه هم ذوو صلة به بالدم وبالحمض النووي فالشعب السوداني ذو صلة به بالعشق والسمع والإعجاب والمشاركة الوجدانية وبالتالي من حقه أن يرفض رفضاً باتاً أن تتعرض هذه الأعمال لأي تشويه وأقول تشويه وأنا على ثقة من الكلمة وعلى إصرار أن أرددها دون ملل لأنه إن كانت من طلبت أن تغني هذه الأغنيات هي أسرار بابكر لقلت ومالو خايل عليها وتستاهلها ولو أن إنصاف فتحي أرادت أن تردد «أنا سوداني» لقلت الشابة لها صوت جميل وإحساس عالٍ ودرجة مرتفعة من حُمّى الطرب، لكن أن تأتي أياً كانت لتغني أغنيات تعوَّدنا أن نسمعها في غاية الألق والروعة وتحيلها وتحرقها فتتحول إلى رماد يذر عيوننا المفتوحة دهشةً واستغراباً هو ما نرفضه جملةً وتفصيلاً. وأقول لأبناء العطبراوي لو أنكم أردتم لأعمال الوالد أن تستمر امنحوها لصوت يحمل الراية ويواصل المسير لا أن تجعلوها بضاعة معروضة لمن يدفع أكثر حتى لو كان الذي يدفع سيرمي بها داخل الفرن ويحرقها ويجيب خبرها. على فكرة اللفظ نفسه على حد ما جاء في الخبر أن المغنية (اشترت) الأعمال جعلني أتحسس خوفي لأن الحكاية دائماً تبدأ من واحد وتجتاح الجميع كزلزال اليابان الذي جلب عواصف تسونامي ويبدأ فصل مروع من حكايات شاكلة ورثة فلان باعوا أغنيات والدهم بالقطاعي هنا واحدة وهناك اتنين والمزاد لمن يدفع أكثر حتى لو كانت المشترية هي (فتحية كوشة) أو (عواطف دقداق) وإن كانت الصفة التي تمنح هؤلاء الحق هي الأقدار وحدها التي جعلتهم أبناء فلان الفلاني فقد نكون نحن أكثر عشقاً له وحفظاً لأغنياته وغيرةً عليها ومن هسي أقفلوا أضانكم! كلمة عزيزة { تحدثنا عن المتحف القومي حديث المشفق والخائف على تراث بلده وتاريخها وحضارتها وتعامل معنا المعنيون بالأمر بسياسة الطناش والكلام كان داير تكمِّلوا همِّلوا! لكن عاهدت نفسي أن أجعلها قضيتي وكل يوم أكتب الحقوا المتحف القومي..!! كلمة أعز غداً أحدثكم عن المستشفى البجيب المرض من مافي..!!