{ المؤتمر الصحفي الذي عقده بالخرطوم السيِّد «باقان أموم»، وزير السلام بدولة الجنوب، هو إعلان (مبكِّر جداً) لفشل الدولة الجنوبيَّة الوليدة. { فقد عاد «باقان» إلى الخرطوم التي (لا يحمل فراقها)، بذات ادِّعاءاته القديمة المكرَّرة و(السخيفة)، التي لا تتجاوز (مربَّع الاتِّهامات) للمؤتمر الوطني بأنَّه وراء زعزعة الاستقرار - الُمزعزع أصلاً - في الجنوب، وأنَّه دفع بمليشيات عسكريَّة وموَّلها لإسقاط حكومة «سلفاكير» قبل التاسع من يوليو القادم، واستبدالها بحكومة (عميلة) للمؤتمر الوطني!! { «باقان» يظن أنَّ الشعب السوداني ساذج مثله، يصدِّق مثل هذه المزاعم، و«باقان» يتوهَّم أنَّ السودانيين في الشمال مازالوا يهتمُّون لأمره، وأمر حركته العنصريَّة الفاشلة، أو حتَّى لجنوب السودان. { الشعب في السودان - والسودان مازال هو اسم الدولة الشماليَّة - (رمى طوبتكم) يا «باقان» منذ إعلان نتيجة تصويتكم للانفصال بنسبة (98.5%).. انتهت سيرتكم معنا.. ولم نعد نكترث لكم.. اقتتلتم احترقتم.. أو تصالحتم.. أنتم أحرار في دولتكم.. ولهذا عندما أتوا لي مساء «أمس الأول» بخبر المؤتمر الصحفي للوزير في دولة الجنوب «باقان أموم»، قلت للزملاء المشرفين على الصفحة (الأولى): (ضعوه في الصفحة الثانية.. في أسفل الصفحة.. فلا يمكن أن تستمر الصحف الوطنيَّة مطيَّة على الدوام لسخافات وأكاذيب باقان أموم.. وعرمان.. وسجمان.. ورمدان). { اتِّهامات «باقان» للمؤتمر الوطني ليست جديدة.. لقد ظل يلوكها ست سنوات طويلة.. حتى حفظناها عن ظهر قلب.. ونسخة منها طبق الأصل يوزِّعها على الصحف والوكالات المدعو «ياسر عرمان»، الذي يريد أن يصبح (أميناً عاماً) لحزب (عميل) للحركة الشعبيَّة في دولتنا بقيادة الوالي «مالك عقار»!! { أمَّا تهديدات الوزير (الجنوبي) بإيقاف إمداد النفط عن الشمال، فهي مجرد (جعجعة) فارغة تكشف عن (رعونة) هؤلاء (السذَّج) الذين فصلوا جنوب السودان عن شماله، ثم ضربتهم الذلَّة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، فعجزوا عن إدارة الدولة (الحلم) بعد أن تحرَّرت وانعتقت من (نير) الاستعمار (الشمالي)!! { لقد استجاب الله تعالى لدعوانا عليهم، فضربتهم الزلزلة، واشتعلت النار في «جونقلي»، وحمي الوطيس في أعالي النيل، ودخل المنشقُّون «ملكال».. تماماً كما سقطت «بنغازي» و«مصراتة» وغيرها في أيدي ثوار ليبيا..!! { ولو كان (المؤتمر الوطني) قادراً على فعل ما فعله المنشُّون (الثوَّار) على حكم الحركة الشعبيَّة، لما سلَّم الجنوب لكم طوال السنوات الست الماضية، طائعاً، مستسلماً ومسلِّماً، بل ومباركاً نتيجة الاستفتاء (المضروب)!! { حكومتنا في السودان أضعف من أن تكون وراء تلك (الحروب) التي اندلعت في الجنوب خلال الأسابيع الأخيرة.. نحن نعلم.. وأمريكا تعلم.. والجميع كان يعلم أنَّها ستكون دولة (فاشلة) موبوءة بالصراعات القبليَّة المسلحة.. كلهم كانوا يعلمون ذلك.. المجتمع الدولي.. والأممالمتحدة.. والمخابرات.. والكنائس.. ومجموعات الضغط (الغبيَّة) في الولايات المتَّحدة وأوربا، لكنهم رغم كل ذلك، كانوا يصرُّون على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده وإعلان (استقلال) دولة جنوب السودان!! {«باقان أموم».. لا نريدك في «الخرطوم»، ما الذي أتى بك إلى هنا؟! لماذا تعقد مؤتمراً صحفيَّاً في «الخرطوم».. لماذا لا تعقده في «جوبا» أو «ملكال» حيث يقاتلكم أبناء قبيلتك (الشلك)؟! { هل يتسنى لوزير «مصري» أو «ليبي» أو «إثيوبي» أن يأتي إلى «الخرطوم» ليعقد مؤتمراً صحفياً يهاجم فيه حكومة السودان؟! { من الذي سمح ل «باقان» بالعودة إلى «الخرطوم».. ومن الذي أذن له بعقد مؤتمر صحفي هنا.. هل حصل على إذن أو تصديق من السلطات المختصَّة؟! { نعم هناك قضايا عالقة بين الشمال والجنوب، ولكن اللجنة المشتركة وافقت، بل انتظمت منذ أشهر في عقد اجتماعاتها في «إثيوبيا»، وهي دولة مجاورة للشمال والجنوب. { تبقى أقل من (4) أشهر، لرفع علم الدولة الجنوبيَّة، رغم أنه ظل مرفوعاً أصلاً، طيلة السنوات الماضية، وفي وجه الرئيس البشير، ونائبه الأستاذ علي عثمان خلال كل الزيارات التي قاما بها إلى «جوبا» وغيرها من مدن الجنوب. { الجنوب انفصل منذ سنوات، وإعلان نتيجة الاستفتاء هو (إشهار) بين الأمم للحقيقة الماثلة على أرض الواقع، وتاريخ (9 يوليو) ما هو إلا موعد (الاحتفال). { نحن - كشعب سوداني - لا ناقة لنا.. ولا جمل في احتفال الرئيس «سلفاكير» ونائب الرئيس «مشار» والوزير «باقان» وثلتهم الانفصاليَّة - لاحظ أنني لا أناديه بالأمين العام للحركة الشعبية، فالحركة حزب في حكم (المحلول) أو هكذا ينبغي، ونوابها في البرلمان انتهت خدمتهم وتسلموا خطابات إنهاء الخدمة معزَّزين مكرَّمين. { إنَّني أنصح الوزير «باقان» بالبقاء في «جوبا» وإطلاق رسائله (الإعلاميَّة) من هناك، فقناة «الجزيرة» لديها مكتب نشط هناك.. وبعض الصحف لديها مراسلون بطرفكم.. { ما لا يعلمه «باقان» أنَّ «المؤتمر الوطني» كان بإمكانه أن يوقف ضخ البترول (لثلاثة أيام) فقط في حقل «فلوج» بأعالي النيل قبل تنظيم الاستفتاء.. ثلاثة أيام كانت كافية لإعلان (إفلاس) الدولة الوليدة، لأن أنبوب النفط (يتصلَّب) فوراً، وتحتاج «جوبا» من بعد ذلك إلى مليارات الدولارات وخمس سنوات لتركيب أنبوب جديد يمتد إلى سواحل كينيا على المحيط الهندي. { لكن «باقان» لا يدري.. ولا يدري أنه لا يدري..!! { خارج النص: فاجأتنا إحدى الصحف أمس بعنوان كبير على صفحتها الأولى يقول: (نقد: لم أحمل لافتة.. ولم أكتب حرفاً بأبو جنزير)!! والأغرب أنها جعلت المصدر (خاص)!! ولا أرى (خصوصيَّة) في هذا الخبر، فقد وزع سكرتير الحزب الشيوعي (نفياً) لخبر حضوره إلى ميدان «أبو جنزير» وكتابته جملة (حضرت ولم أجدكم)!! والصحف (المحترمة) لم تنف الخبر، لأن الواقعة ثابتة ومشهودة، وكما كتبت من قبل أن (الكرتونة بطرفي) ومازالت موجودة، والشهود موجودون ومن بينهم الزملاء: يوسف حمد ومتوكل أبو سن من (الأهرام اليوم)، بهرام عبد المنعم من (الأحداث)، وعائشة السماني من (الخرطوم). { الأستاذ «نقد» لم يحمل (لافتة) ولم يقل أحد ذلك، لكنه كتب على كرتونة: (حضرنا ولم نجدكم).. وخط يده يؤكد ذلك.. و(بصماته) على (الكرتونة) أيضاً موجودة، هذا إذا استدعى الأمر تدخل الأدلة والمعامل الجنائيَّة، رغم أن القضيَّة برمتها ليست (جناية)، بل (إضافة) و(فخر) جديد يضاف إلى تاريخ الأستاذ «نقد» السياسي. لا أفهم لماذا أراد البعض لزعيم الحزب الشيوعي، في هذه السن، وبعد كل هذا النضال، أن يزيف مواقفه ويتراجع عنها..؟!