جبال النوبة سلسلة شاسعة واسعة تمتد على امتداد مساحة ولاية جنوب كردفان وظل أهلها يؤكدون أن لديهم 99 جبلاً يمثل كل منها بطناً من بطون النوبة وتتباين لهجاتهم وتتفق في الإخاء والنقاء وحب الأرض. فهم مزارعون بالفطرة ولهم أضخم احتفال حصاد قبلي في السودان والبعض منهم يمتهنون الرعي. لذا كانت مبادرة الاتحاد القومي للتراث الشعبي السوداني عظيمة وهو يُقدِّم لمواطن الخرطوم الآتي من كل أصقاع السودان المهرجان الثقافي لتراث جبال النوبة الذي شهده ميدان الخرسان بحي النخيل الرابط بين محليتي أم درمان وأم بده طوال نهار وليل السبت 12 مارس الماضي. إدارة الاتحاد جعلت من المهرجان جسراً للدور القومي للموسيقى الشعبية في الارتباط بالموروثات بُغية ترقية الوجدان وخلق توازن نفسي، ومضت لأبعد من ذلك إلى تمكين القبائل السودانية من التعبير عن ثقافاتها واعتبرته أعداداً لمهرجان الثقافة الخامس وكل ذلك يصب في تحفيز ورعاية الفرق والجماعات التراثية وإبراز مكوِّناتها. وحوى المهرجان المشهود الفنون الشعبية والصناعات التقليدية والغناء والمطبخ السوداني بجبال النوبة. ورغم أنه قد قُلِّص إلى يوم واحد بعد أن أُعد له لأن يكون أسبوعاً إلا أنه أعطى ثماره فقد كانت إيقاعات (الكرنق) و(المردوم) تهز أرجاء محليتي أم درمان وأم بدة ونغم (الربابة) الحنين يسلب أفئدة أبناء الجبال فطافت في رؤوسهم كادُقلي الجميلة والدلنج الخضراء والدبيبات الساحرة والجبال الستة ومعاقل الميري الأخّاذة و(منقة) أبو جبيهة (وشاي) رشاد ومياه خور أبو حبل العذبة. ولقبائل النوبة دور كبير في إثراء الساحة الثقافية والرياضية بل هم حُماة السودان عندما يرتدون (الكاكي) ويضغطون على الزناد. فهنالك البروفيسور خميس كجو كندة، مولانا أحمد هارون، عبدالعزيز الحلو، حامد بريمة، جلال كادُقلي، اللواء إبراهيم نايل إيدام، المطرب حمدان أزرق، قلق، موسى الزومة، محمد مركز، علاء الدين يوسف، منصور سبت، كابتن فيصل العجب، الباحث جراهام عبدالقادر والعديد من الرموز الثقافية والرياضية والاجتماعية كما أسلفت. وأيضاً قبيلة الحوازمة العربية الأصيلة بمناطق الجبال مع وجود مقدَّر للمسيرية تلك القبيلة الممتدة في غرب وجنوب وشمال كردفان حتى الولاياتالجنوبية وآخر معاقلها مدينة أبيي. وللنوبة مقولات فخر يعتزون بها في لحظات الصفاء ويرددون دائماً (نحن النوبة الدقو الدهب راكوبة). المرأة النوبية أو (النوباوية) كما يحلو لهم تسميتها نشيطة ونظيفة وذات خُلق كريم تحب زوجها وتعاونه على التغلُّب على نوائب الدهر وتغار عليه جداً وتحب أولادها لدرجة الجنون، وغير ذلك فهي قوية ومصادمة عن حقوقها حتى النهاية.