في الأخبار أن موسى كوسا؛ وزير خارجية النظام الليبي، هرب إلى بريطانيا، نائياً بنفسه من المصير المظلم المتوقع الذي ينتظر العقيد القذافي ومساعديه وأولاده وهو أي هرب وزير الخارجية الليبي خذلان كبير للعقيد وزمرته، وكان السيد كوسا يؤدي تكليفاً دبلوماسياً في تونس، والأرجح أن يكون التكليف متصلاً بالمحاولات الكثيرة التي يبذلها القائد الأممي للاتصال بالأوروبيين والأمريكيين لوضح حل للمأزق الذي يعيشه. ولا حل إلا الرحيل لكن القائد الأممي متشبث بالبقاء ولو رمزاً أو حاكماً اسمياً!! ويا للهوان، ويا للضعف الذي يجتاح الطغاة حين هم في الرمق الأخير. ويقولون إن العقيد رغم الذي يجري في ليبيا يريد أن يخلفه في الحكم أحد أبنائه، وفي البداية فإنه كان يفضّل أن يخلفه ابنه سيف الإسلام ولمّا تبين له أن الثوار يرفضونه يقال إنه رشح ابناً آخر هو معتصم! إن ملك الملوك ما زال يعيش في أوهامه وفي الخيالات التي يعاشرها بكل الإسراف في مخبأه، فالثوار يريدون اجتثاث النظام من جذوره التي هي القائد وأولاده في المقام الأول. وقد رحبّت بريطانيا بالتجاء وزير الخارجية كوسا إليها وخروجه على نظام القذافي، وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية «إننا نشجع ابتعاد الذين حول القذافي عنه ونرجو مستقبلاً أفضل لليبيا يسمح بتغيير سياسي وإصلاحات حقيقية تلبي تطلعات الشعب الليبي». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد لقائه في لندن مع بعض زعماء المعارضة الليبية قال إن حكومته تدرس تسليح الثوار الليبيين. وقد اتضح أن تسليحهم ضعيف وأن قوات العقيد القذافي، رغم افتقارها إلى السلاح الجوي، أقوى وأكفأ من قوات الثوار، ولذلك يرى البعض أنه قد يمضي وقت طويل ليستطيع الثوار أن يهزموا قوات القذافي ويسيطروا على كامل التراب الليبي، بما في ذلك العاصمة طرابلس. وهو حل صعب قد يستغرق زمناً ويكلف أرواحاً ويلحق دماراً بالبنيات التحتية والمنشآت وممتلكات المواطنين لكنه أفضل من دخول أية قوات برية أجنبية إلى ليبيا. وربما كان مقبولاً وسليماً عند الاضطرار أن تكون هذه القوات البرية عربية وقد كانت هناك سوابق عندما تدخلت القوات العربية في الكويت أول ستينيات القرن الماضي، درءاً لخطر همّ بتصويبه نحوها العراق «الشقيق» أيام حكم الرئيس عبدالكريم قاسم. وحفظ الله ليبيا العزيزة شعباً وأرضاً من كل سوء، متمنين في نفس الوقت المزيد من الانفضاض من حول القائد الأممي، ولن يكون كوسا آخرهم.