وتكلفة الصمت الباهظة، لا تجبر المسؤولين عليه، فيتحدثون واعدين بال(حا) كي تتخدر عقول المنصتين لهم، فعلى ارتفاع سعر الصمت نظير فقرهم يحسنون السكوت! وإن كان على تراب في خشومهم! حسناً هو كلام التراب، ما يجعل الأهالي المتظلمين من مشروع تجمع قرى (القماراب) النموذجية بمحلية الريف الجنوبي ولاية الخرطوم يفضلون الحديث على باهظ الصمت عن مشكلتهم الماثلة طوال أربعة عشر عام منذ بدء حيازتهم للأراضي وحتى يومنا هذا فوق مكاتب وزارة الشؤون الهندسية لولاية الخرطوم إدارة تنظيم القرى، حيث لم تنجح جميع مخارج حرف الحاء المنطوقة من كل الأفواه المسؤولة في ختم مشكلتهم بتسليمهم الأرض المملوكة عبر البيع والحيازة. ما حاز على اهتمامهم هذا الوقت بالذات بالحديث، أنه تناهى إليهم سمعاً أنه وبحسب موقع تجمع قرى القماراب بالقرب من موقع مطار الخرطوم الجديد، ستقوم الحكومة بعمل تسويات لملاك الأراضي كل حسب المساحة والموقع بقيمة لا تتعدى الأربعين مليون بالقديم طبعاً لتنزع منهم بالتراضي والتعويض وتقدم كأراض استثمارية بالعملة الأجنبية لتشابه ببنيانها سماحة المطار العالمي للمدينة النموذجية الخرطوم.! وولاية الخرطوم، عنها وزارة شؤونها الهندسية إدارة تنظيم القرى أخرجت تقريراً بحوزتنا وبتوقيع المهندس (أبوعبيدة محمد) مدير إدارة تنظيم القرى، وموجه لرئيس مجلس محلية الريف الجنوبي وبتاريخ التاسع من فبراير من العام 1998 وبعد أن قام بزيارة للموقع لتحقيق الهدف بتنظيم القرى وتجميعها في منطقة نموذجية ذكر التقرير (قامت الإدارة بزيارات للموقع ووقفت على تأثير الزحف الصحراوي عليها ووضح لها أن المباني قد دمرتها الرمال كلية وأن البعض محاطة بها وأن الحياة دالة على المشقة والهلاك وأن رفع الضرر عنهم واجب!!)، ثم يواصل المهندس باقتراحات من ضمنها (البدء في علاج أمر مواطني هذه المنطقة واختيار موقع مناسب ليكون قراهم النموذجية وتستخدم الأساليب العلمية لتوفير الخدمات. وأن يتم ترحيل المتضررين للموقع الجديد بعد عمل الدراسات الاجتماعية الخاصة بذلك. ونسبة لحالة البداوة والطابع الريفي المتميز نقترح أن تكون مساحة القطعة في حدود 600 متر مربع. والله نسأل أن ينفع بالجميع البلاد والعباد لما فيه الخير لهم). انتهى تقرير الإدارة والوزارة. وزيارة المنطقة عبر الخيال من خلال اسمها فقط تبين لأعمى العقل أنها منطقة ريفية دون الحاجة لزيارتها على أرض الواقع لتعرف حينها أن الأهالي بدأوا في البيع لكسب بعض المال لتعويضهم الخسارة مرتين كما هي تجارة الأرض بالشطارة! وليكسبوا تعويضاً يدوياً في حال انتظار التعويض الآلي من الحكومة المتمثلة في هرم طويل وعريض وسلسلة لا متناهية من المكاتب والإدارات. تجعل المتظلم يخرج عن صمته بتركه لحديث التقارير وغيبتها! ما غاب عن أهالي المنطقة والمشترين الذين وعدهم السيد (محمد الشيخ مدني) المسؤول عن التسويات لتلك المنطقة خيراً، أن الإيصال المالي الدليل الوحيد على المبايعة، حيث لا شهادة بحث أو مكاتبة تدلل على انتقال الملكية، إن هذا الإيصال الصادر عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني لصالح محلية الريف الجنوبي، هو إيصال مقطوع الصلة عن الأرض المعنية، حيث أن ذات المحلية هي التي وجهت ذاك المهندس لإصدار ذاك التقرير الدال بذات قدرتها على انتهاء صلاحيتهم على ذاك التراب بقرار رسمي وبيئي تمثل في الزحف الرملي والهلاك والضرر الذي يرفع للقوة الاقتصادية لذوي الدخل اللا محدود بامتلاك أفضل الإمكان وبأسعار فوق خيال صمت الكلام.! إن حديث النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ (علي عثمان محمد طه) بقرار توفير السكن والتمليك مشاريع الإسكان الشعبي للجميع بلا تحيز أو تمييز هو ما دعا الأهالي والمتضررين هناك لمناشدته عبر الكتابة بما عرف عن استجابته لمشاكل الناس، أن يعالج بالعدل وينظر إليهم كأصحاب حق تغفلوا في صمتهم حينما اعتبروه صبراً.. وأن يجيز لهم ما تحاول الإدارات والمكاتب حجبه عنهم بدعوى المشقة والهلاك لبيعه استثماراً كما حدث في كثير من المناطق السابقة. وأن يتحدث عنهم فقد ملأت خشومهم التراب بعد أن ملأوا به مداخل الأراضي.