بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروفيسور الطيب زين العابدين في حوار المراجعات مع (الأهرام اليوم) (1-2)

متواضع، سمة العلماء في كل زمان، شفرة جاذبيته تراوح مزجه بين خصلتي المعرفة والمرح، فالرجل لا يفتأ يحاصر المستمع إليه بالحكمة والقفشة. المثير في الأمر أنه يرد على هاتفه الجوال في كل الأوقات بلا تمييز، وهي ميزة في عرف الكثير من الساسة تحط من قدر المتمتع بها، بل ويراوح فهم العديد منهم أنه كلما زادت مكالماتك الفائتة علا مقدارك..!!
(الأهرام اليوم) جلست إلى البروفيسور الطيب زين العابدين في مكتبه المتواضع المطل على شارع النيل بجامعة الخرطوم وطرحت عليه أسئلة عدة حول الواقع السوداني وحالات الشد والجذب بين الدعوة للدولة الدينية والأخرى العلمانية في دولة الشمال عقابيل الانفصال.. التنوع وكيفية إدارته، وجدال الشريعة. ناقشنا معه كذلك موضوعات المؤتمر الجامع الذي تسعى إليه المعارضة، ودعواتها كذلك لإسقاط النظام. العدالة الانتقالية كانت حاضرة ضمن هذا الحوار، وكذا مسألتا أبيي ودارفور.. معاً نتابع حصيلة ردوده:
{ بعد الانفصال هل ما زال الرهان على الوحدة قائماً وعودة الجنوب إلى الشمال؟
- من ناحية نظرية الاحتمال قائم لكنه ضعيف، إلا في حالتين: إذا أصبحت دولة الجنوب فاشلة، وفي نفس الوقت السودان الشمالي يصبح دولة جاذبة، وبالتالي يكون هنالك مبرر لهذا الأمر، النماذج في العالم قليلة، منها اليمن الجنوبي عندما انفصل بعد تحرير اليمن إلى دولتين واستمر لفترة طويلة بآيدولوجيتين مختلفتين وبشعارات وسياسات مختلفة ولكن في الآخر دولة اليمن الجنوبي فشلت فشلاً ذريعاً، بل اقتتل الإخوة الأعداء في ما بينهم، وأصبح بالنسبة لهم اليمن الشمالي بلداً جاذباً ومستقراً. الاحتمال من ناحية نظرية قائم لكنه ليس كبيراً.
{ تجارب الانفصال التي حدثت في العالم هل هي شبيهة بما حدث هنا؟ وما الذي يميز حالة السودان عن الحالات الأخرى؟
- دعنا نبدأ بأفريقيا لأن العالم مختلف والدولة في أوروبا تختلف، ولا يمكن أن نقارن بألمانيا مثلاً، فألمانيا الغربية ما زالت تدعم ألمانيا الشرقية بمليارات اليورو، وبالتالي الفرق كبير.
حالات الانفصال في أفريقيا قليلة جداً، واحدة (بيافرا) في نيجيريا في الستينات، وأيضاً كانت أسبابها عرقية ودينية وثقافية لكن هذه المحاولة لم تنجح لأن (بيافرا) كانت صغيرة ولأن الدول الأفريقية لم تعترف بها، اعترفت بها دول قليلة جداً مثل تنزانيا ودولتان أخريان وفي ذلك الوقت كان الحكم عسكرياً والحكومات الاستعمارية نجحت في أن تهزم المحاولة، وبعد ذلك أصبحت هنالك حلول سياسية وزادوا المحافظات في نيجيريا، والمثال الثاني الذي نجح فعلاً وحقق الانفصال؛ أرتريا، وهي لها أسبابها الخاصة وهي تختلف عن السودان لأنها أصلاً لم تكن دولة واحدة، بل هي كانت دولة منفصلة وكانت تحت الوصاية لأثيوبيا وفي الآخر أثيوبيا ضمتها لها بالقوة، وبالتالي أصبحت هي دولة لها الحق في أنها تقرر مصيرها لأنها أصلاً لم تكن تتبع لأثيوبيا ولم تكن جزءاً من أثيوبيا القديمة. هنالك محاولات حدثت في (موزمبيق وأنغولا وفي الكنغو) والكنغو انفصلت وأصبحت هنالك الكنغو زائير والكنغو الديمقراطية الآن.
نموذج السودان أنا أعتقد أنه مختلف، لكن أهم معلم فيه جعل الحكومة في الخرطوم تقبل بتقرير المصير، ولذلك أنا أعتبر أن حالة السودان إلى حد ما مختلفة، وإلى حد ما أيضاً انفصال الجنوب وجد دعماً دولياً لأسباب ضد السودان الشمالي، وليس لمصلحة الجنوب، لأنه دولة عربية إسلامية ودخلت في مغامرات سياسية ضد الدول الكبرى في المنطقة.
{ التنوع في السودان أصبح مصدراً للصراع والنزاع، كيف تفسر هذه الحالة؟
- جميع الدول الأفريقية بها تنوع ثقافي وتنوع عرقي، لأن الحدود حدود اصطناعية صنعها الاستعمار، وحتى الصومال (دولة واحدة وقومية واحدة ولغة واحدة ودين واحد) قام بتقسيمها، أغلب الدول الأفريقية نجد بها قبائل مشتركة ومتداخلة، ومنظمة الوحدة الأفريقية قبلت بهذه الحدود، كما تركها الاستعمار، وقالت إذا فتحنا هذا الباب فإنه لن ينتهي، وأيضاً الاتحاد الأفريقي تبنى نفس الفكرة ومجلس الأمن والأمم المتحدة جميعهم يقبلون بهذه الحقيقة، وأن لا يلجأ الناس للانفصال بصورة سهلة، لكن عندما تحدث حروب وقتال تستمر لعشرات السنين وعدم قبول كامل تكون المآلات بمثل هذه النهايات، والمشكلة تكمن في أنه لا بد من حسن إدارة التنوع، فحسن إدارة التنوع لديه شروط، باعتبارنا قبائل مختلفة وأقاليم مختلفة، والاختلاف العرقي معه اختلاف إقليمي، وبالتالي المطالبة بالانفصال ممكنة، وهنالك كثافة للقبائل في أقاليم محددة، وقبائل الجنوب كل قبيلة لديها منطقة ومعروفة جداً، ولا يوجد أي خلاف حول هذا، ما أريد قوله أنه بدون حسن إدارة التنوع، فإن التنوع يقود إلى مشاكل.
السودان كان دولة مركزية قابضة، وخاصة في ظل الحكومات العسكرية، والحكومات العسكرية حكمت السودان (40) سنة، تريد أن تمسك البلد بالقوة وليس بصورة سياسية فيها نوع من التراضي، والأحزاب أيضاً في البداية كانت تخشى من الفيدرالية للجنوب التي كان يطالب بها قبل الاستقلال، وكانوا يعتقدون أن هذا المطلب يمكن أن يقود إلى انفصال، وبالتالي يجب ألا يسمح به على الإطلاق. وبداهة التنوع يتطلب ديمقراطية، فأي إقليم مهما صغر أو كبر يريد حظه من أنه تكون لديه مشاركة سياسية ونواب في البرلمان، وأن يكون هنالك حكم راشد يعطي كل ناس حقوقهم ويراعي حقوق الأقليات ومشاكلها، بالإضافة إلى التوزيع العادل للثروة، وتكون هنالك تنمية، لكن حكومة الإنقاذ نفذت آلاف الكيلومترات من الطرق وإلى اليوم لم تكمل طريق الإنقاذ الغربي الذي دفع فيه أهل دارفور وكردفان سكرهم لعدة سنوات، ولم تنفذ طريقاً واحداً للجنوب. نحن إذا سلمنا بأن الجنوب مختلف مع الشمال ففي الشمال نفسه نجد اختلافاً مع الشرق - تم توقيع اتفاقية مع أهل الشرق - وأيضاً دارفور ما زالت قضيتها معلقة، وهي ما زالت تطالب بمنصب نائب رئيس، وأعتقد أنه يجب منحهم منصب نائب رئيس كي يحفظ لنا الوحدة مع دارفور، فمنذ أن بدأت مفاوضات دارفور ظلت مختلفة حول قضيتين فقط؛ هي نائب الرئيس والإقليم الواحد، مع العلم أن الحكومة عندما جاءت الإنقاذ وجدت المنطقة إقليماً واحداً، وهذا منطق غير مقبول..!!
الآن لدينا مشكلة أيضاً في جبال النوبة التي فيها (40) ألف جندي يتبعون للجيش الشعبي، والنيل الأزرق التي طالبت بالحكم الذاتي، والتنوع لا تتم إدارته بهذه الصورة، ب”الاستهبال”، بل يدار بتراضٍ سياسي، هذا يحتاج لمجهود حقيقي للمحافظة على هذا التنوع، وأفضل مثل في أفريقيا ضربه مانديلا. السياسة لا تحتاج إلى حماقة ولا “رجالة”، ولا تحتاج إلى “ألحس كوعك”، بل تحتاج إلى تخطيط حقيقي، ونحن لم نبذل مجهوداً حقيقياً بعد، وإذا ظللنا بهذه الصورة فيكمن أن ينقسم السودان مرة أخرى..!!
{ إذن أنت تلمح إلى أن حديث الرئيس حول تحديد هوية السودان بكونها عربية إسلامية فيه عدم اعتراف بالتنوع؟
- حديث رئيس الجمهورية حديث سياسي، وتطبيق الشريعة صعب في السودان لأن التنوع موجود في السودان، وحتى الآن لدينا مواطنون كثر غير مسلمين في النيل الأزرق، وهنالك وثنيون في جبال النوبة والنيل الأزرق، ولدينا الأقباط موجودون. هنالك تنوع، ونحن لم نشتك من التنوع الديني، بل هنالك تنوع عرقي وتنوع ثقافي، وأقل عامل في الصراع في السودان هو الدين. الجنوبيون في السابق كانت لديهم كنيسة في القصر الجمهوري منذ عهد غردون إلى أن جاء نميري وأقنعهم وقام باعطائهم كنيسة في شارع واحد وفي الرياض، وكانت الكنيسة داخل القصر الجمهوري وتم نزعها في السبعينات، وبالقرب من وزارة الخارجية هنالك كنيسة، وهنالك كنائس أخرى كثيرة في الخرطوم، التربية المسيحية تدرس في المدارس ولا توجد مشكلة دينية أصلاً، لكن المشكلة اقتصادية وسياسية وتنموية وهذه هي التي تؤدي إلى الصراع، الصراع في السودان لم يكن صراعاً دينياً. نحن نحتاج لعدالة ولمحاربة الفساد الذي يشتكي منه الناس والعدل في معاملة جميع الناس، والعمل بقيم الدين الأساسية وممارسة الشورى التي هي جزء من الدين ومنصوص عليها في الدين. ونحن في جامعة الخرطوم أخذوا منا (110) آلاف متر مربع تتبع ل(البركس) بدون أن يشاور الرئيس أي إنسان، وأتحدى أي إنسان أن يقول إن الرئيس شاوره.. (110) آلاف متر تم نزعها من جامعة الخرطوم كي يعطيها لصندوق رعاية الطلاب، وكلمة دولة عربية إسلامية هذه لم تنجح في السودان، من قبل حاول نميري تطبيق الشريعة وفشل في ذلك، والقانون الجنائي الحالي هو نفس القانون الذي وضعه نميري، ولكن الدين ليس هو القانون الجنائي، بل تطبيق قيم الدين الأساسية وهي العدالة والحرية والشورى والمساواة بين الناس، هذا هو الذي يحتاج له المواطنون، لا يحتاجون لدولة إسلامية عربية. حديث الرئيس هو حديث سياسي ولا داعي له. أنا لا أمانع في أن تكون الدولة عربية إسلامية لكن يجب أن تكون دولة إسلامية عربية “مجيّهة”.
{ كيف تنظر إلى دعوات بعض القوى السياسية لتشكيل حكومة قومية وهل يمكن أن تكون مخرجاً من أزمات البلاد؟
- أحزاب المعارضة معترفة بأنها ضعيفة، وأنها غير منظمة وأن مقدراتها وإمكاناتها أقل بكثير من المؤتمر الوطني، ومن قبل قمنا باستطلاع لأعضاء الأحزاب السياسية، وأغلبهم سلّم بأن المؤتمر الوطني لديه وجود حقيقي وكوادر، لا أعتقد أن الأحزاب إذا وجدت احتراماً في التعامل مع المؤتمر الوطني وحواراً جاداً، ماذا تعني (حكومة قومية) و(حكومة ذات قاعدة عريضة) و(حكومة ائتلافية)؟ هذه كلمات، لكن تعني ماذا في النهاية؟ نحن نريد شكل الحكومة ووضع المواطنين والأحزاب فيها يكون بأي شكل، يجب أن لا يختلفوا في المسميات والشعارات والكلمات، يجب أن يحدث حوار أولاً بخلاف المسمي للحكومة، الإشكال لم يكن حول اسم الحكومة، بل الإشكال في أن تعامل أحزاب المعارضة باحترام، حيث هنالك عدم احترام للمعارضة، وهنالك استهانة بها وهذا نوع من الغرور الذي أصاب المؤتمر الوطني، والمشكلة لم تكن في اسم الحكومة ولا حتى في التمثيل لأنهم لم يصلوا إلى مرحلة التمثيل والمحاصصة، من قبل عندما أراد حزب المؤتمر الوطني أن (يشق) حزب الأمة أعطوا مبارك الفاضل (5) وزارات وغيروا له قانون الأحزاب، في السابق كان هنالك قانون أحزاب التوالي غيروا القانون كي لا يلزمونه بإقامة مؤتمر، وفي عام 2002م تغير قانون الأحزاب لشخص واحد هو مبارك الفاضل لماذا؟ لأنهم كانوا يريدون أن (يشقوا) حزب الأمة، ولكن الآن مبارك الفاضل رجع مرة أخرى إلى حزب الأمة، والحركة الإسلامية هي التي (انشقت) وإلى الآن لم تتوحد، لذلك يجب أن يكون هنالك تعامل جاد مع المعارضة وأن يتناقشوا في مسألة الحكومة وتكوينها والدستور والانتخابات وأن يتم هذا بنوع من الندية، والمسألة لم تكن مسألة اختلاف في اسم الحكومة، وأنا أعتقد أن المعاملة غير جادة من قبل الحكومة، وهنالك عدم جدية من الحكومة في الحوار مع المعارضة، والمشكلة لم تكن في اسم الحكومة بل المطلوب هو الحوار الجاد من الحكومة كي تصل إلى اتفاق مع المعارضة وتصل إلى حل وسط لأن الديمقراطية جميعها مبنية على التسوية والسياسة أيضاً كذلك، والحكومة في بعض الأحيان تدعو الناس إلى القوة وتقول نحن استلمنا هذا الحكم بالقوة والذي يريده يأتي لنا بالقوة، وهذا لم يكن حديث سياسة، بل هذا حديث عنده “اسم ثانٍ”، وبخصوص أن دعوات القوى السياسية لتشكيل حكومة قومية هل يمكن أن يكون مخرجاً من الأزمات، أنا أعتقد أن أي إنسان يدعو إلى الشيء الذي يريده، لكن المحك في أن يتلاقى هؤلاء الناس ويتحاورا بجدية في هذا المجال ويصلوا إلى حل في الموضوع، والمسألة لم تكن اختلافاً حول شعار أو اسم.
{ حسناً: لكن نجد أن هنالك بعض الأحزاب السياسية مثل (المؤتمر الشعبي) يدعو إلى العمل على إسقاط النظام في الظرف الحرج الذي يمر به السودان.. هل إسقاط النظام سيكون من مصلحة السودان والقوى السياسية أم أنه سيخلق مزيداً من التمزق والشتات؟
- المؤتمر الشعبي منذ أن بدأ يدعو إلى إسقاط النظام وهذه الدعوة لم تكن دعوة جديدة، لكن الآن يعتقد أن المناخ مناسب، ويرى أن هذه الحكومة مسؤولة عن انفصال الجنوب، وهي بالتأكيد مسؤولة عن انفصال الجنوب، وهذا جريمة سياسية في حق وحدة السودان، وبالتالي يمكن يستعمل ضد هذه الحكومة، وأيضاً أصبحت هنالك انتفاضة عربية في عدد من البلاد العربية وهنالك ظهور، وهذا أيضاً مناخ يساعد في هذه المسألة، لكن أصلاً هذا هو خط المؤتمر الشعبي منذ أن بدأ أنه يريد إسقاط هذه الحكومة، لكن هو لم يكن عنده القدرة كي يسقط هذه الحكومة، وصحيح إذا تعبأت قوى كثيرة جداً وأغلب القوى التي تُعبأ، والتي عُبئت فعلاً، سواء أكانت في مصر أو تونس أو ليبيا، هؤلا لم يكونوا أحزاباً سياسية، بل هؤلا ناس لم يكونوا عاملين وغير محترفين للعمل السياسي، لكن كرهوا حكوماتهم ب”الله واحد”، لأسباب كثيرة جداً جداً، والأسباب هذه في السودان موجودة، الظلم موجود، والمحسوبية موجودة، والاستبداد موجود، وضعف الحريات موجود بأسباب مختلفة ولم تكن جميع المجتمعات مثل بعضها البعض، والمؤتمر الشعبي وحده لا يستطيع أن يفعل ذلك، وأي اضطرابات لن تكون من مصلحة البلد، لكن أيضاً استمرار الأوضاع الظالمة لن يكون من مصلحة البلد، والخيار لن يكون بين استقرار واضطراب يؤدي إلى إسقاط النظام، لكن أنا أقول لك إن الوضع الموجود هذا وضع متأزم وفيه احتقانات سياسية، وهنالك مشاكل في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وفي الشرق، وهذا وضع غير مقبول وهذا وضع مضطرب، وهذا هو الذي يقود إلى المشاكل، وأنا أعتقد أن الدعوة إلى إسقاط النظام لم تكن في المصلحة، والمؤتمر الشعبي الذي يدعو لها لم يستطع فعل هذا، لكن أيضاً الوضع الموجود هذا لا يصلح للاستمرار، ولم يكن عنده صلاحية للاستمرار، والأخطاء التي جعلت أن تكون هنالك اضطرابات في البلاد العربية أسبابها موجودة أيضاً في السودان، وبالتالي يجب عندما يقول إنسان مثل علي عثمان محمد طه، عندما يقول: نحن نريد نقيم جمهورية ثانية، تفسيرهذا يعني ماذا، هذا يعني أن الجمهورية غير ممتازة وغير كافية وغير مقنعة، لذلك دُعي إلى جمهورية ثانية، لكن يجب أن نعرف الجمهورية الثانية وأهدافها حتى لا تكون مثل شعار السودان الجديد الذي طرحته الحركة الشعبية، ولذلك يجب أن نعرف ماذا يقصدون بالجمهورية الثانية، لكن هذا يفسر بأن الجمهورية الأولى غير صالحة للاستمرار في المرحلة القادمة، ولكن نريد منهم أن يعرفونا بالجمهورية الثانية، ولذلك فإن العمل لإسقاط النظام كشعار فقط لم يكن عنده قيمة، وخاصة عندما يكون الإنسان “ماعندو القدرة عليه”، وهو شيء مضر، لكن أيضاً الأوضاع الموجودة حقيقة أوضاع فيها احتقانات كبيرة ومسببة للبلد مشاكل وسمعة سيئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.