الانتخابات على طريقة الحركة الشعبية هي نموذج جديد لم تألفه البشرية من قبل وأفضل منه بكثير الانتخابات على طريقة اللعب (99.9%) التي كانت تلعبها الأنظمة الشمولية وهي تخوض انتخابات غير نزيهة وأحياناً تخوضها أحادية المنافسة، فالحركة الشعبية خاضت الانتخابات الفائتة والاستفتاء بجنودها وجيشها والعين الحمراء وحراسة (ستاير) الاقتراع والهتاف الجهير الذي تصفع به أذن كل ناخب (إما أن تصوّت لنا أو ألا تحضر) وإن لم تحضر فهذه نفسها ستسبب لصاحبها مشاكل كثيرة. هكذا خاضت الحركة الشعبية الانتخابات في النيل الأزرق في محليتي (باو) و(الكرمك) وقد باشر جيشها وجنودها كل مراحل العملية الانتخابية بدءاً بالحشود التي تؤم الندوات وتدشين الحملات الانتخابية ثم هي نفسها التي تهتف وتضرب وتقتل إن استدعى الأمر ذلك وقد كان شعارهم وهتافهم (يا النجمة يا الهجمة). ويحتشد جنودها أمام صناديق الاقتراع وخلفها فتجدهم يمثلون ضابط المركز والعريفين وحراسه وعند فرز مثل هذه الصناديق تجد أن نسبة التصويت (100%) وليس من بينها تالف أو مخالف للنجمة. يتخوف الناس أن تمارس الحركة الشعبية ذات الممارسة في انتخابات جنوب كردفان في مطلع شهر مايو القادم إن لم تتحسب السلطات والأحزاب الأخرى التي تخوض هذه الانتخابات ونخص بالذكر مفوضية الانتخابات والمنظمات التي سوف تشارك في مراقبة هذه الانتخابات المهمة التي نتوقع إن سارت الأمور كما ينبغي وخرجت نزيهة وحرة أن تعرّي الحركة الشعبية وتضعها في حجمها الحقيقي. ما يدعونا إلى القلق البدايات لحملة الحركة الشعبية التي شهدتها ولاية جنوب كردفان في الفترة القليلة الماضية وهي تحشد جنودها الموجودين جنوب حدود (56) إلى إستاد كادقلي بالزي المدني ليشكلوا نسبة كبيرة من الحشد الذي حضر تدشين الحملة الانتخابية للحركة الشعبية وقد لاحظ المراقبون أن المشاركين في الحشد الانتخابي كانوا منظمين في طريقة إجلاسهم وهتافاتهم وحركتهم التي كانت أقرب إلى (البيادة) منها إلى المشي على الطريقة المدنية وهناك من يعرفهم بسيمائهم وأسمائهم وهناك من شاهد عمليات ترحيلهم من وإلى مواقع معسكراتهم. من أبرز المحفزات التي أنجزتها الحركة الشعبية قبيل الانتخابات في محاولة لكسب الأصوات نجدها أنجزت ترقيات لعدد (9) من أبناء جبال النوبة رقتهم إلى رتبة اللواء و(25) تمت ترقيتهم إلى رتبة العميد وشرعت في تأهيل (500) من أفرادها من الصف إلى الضباط وهي بذلك تخاطب من تملك عليهم ولا تخاطب شعب جبال النوبة بأي محفزات فقط هي تحفز جنودها وهم وقودها لخوض الانتخابات فهم الذين سيرهبون بقية أفراد الشعب بذات طريقة اللعب التي تحدثنا عنها في مفتتح هذه الزاوية وهذا هو سلاحها لخوض أية عملية ديمقراطية وقد جرّبته في الجنوب وفي النيل الأزرق والتحدي الأن أمامها أن ينجح في جنوب كردفان. الترقيات التي أنجزتها الحركة الشعبية محسوبة لتصطاد عصفورين بحجر واحد، الأول تجهيز جنودها ورفع معنوياتهم ليقبلوا على الانتخابات بكل همة ونشاط لينفذوا ما يطلب منهم، أما العصفور الثاني فهو إرهاق الحكومة السودانية مالياً وهي بعد التاسع من يوليو القادم ستبدأ عملية استيعاب هذه القوات ولذلك فإن الحركة الشعبية تطلق ترقيات لا تكلفها شيئاً وهي في الحقيقة لا تمنحهم رواتب ولم تشرع حتى الآن في توفيق أوضاعهم ومنحهم مستحقات خدمتهم مع الجيش الشعبي وما زالت قياداتهم من أبناء النوبة بالحركة الشعبية بعيدة كل البعد عنهم فالرجل الوحيد الذي كان ينادي بحقوقهم وحقوق أهله النوبة ما زال معتقلاً بالرغم من المناشدات الكثيرة من الداخل والخارج التي تطالب بإطلاق سراح اللواء تلفون كوكو وهو أحد المرشحين لمنصب الوالي بولاية جنوب كردفان، أما بقية القيادات فإنها لا تفكر إلا في مصالحها فقط. انتخابات جنوب كردفان خطوة مهمة في طريق كنس بقايا الحركة الشعبية وخطوة بالغة الأهمية لبلوغ العافية لجسد بلادنا وتحريرها من العمالة لأضعف وأفقر دولة في العالم تقودها عناصر إلى ما لا تحمد عقباه.