في غياب الخطوط الحمراء تنمو المخاطر وتتكاثر، وعندما تشعر فئة خارجة من بني جلدتنا بأنك تتعقّل وتتجنّب المواجهة والحرب فإنهم يمارسون اللعب الضاغط معك ويكررون ذات الأدوار القذرة التي لا فكاك منها إن لم ننزع ثوب العقلانية وسياسة النفس الطويل، لأنها بصراحة لا تنفع في كل مكان وزمان، وقد مللناها وسئمناها وبتنا أقرب إلى مواجهة الحكومة إن لم تواجه أعداء أمتنا وتحسمهم وتوقف هذه المسرحية الطويلة والمملة التي اسمها الحركة الشعبية سابقاً ولاحقاً. يمارسون التزوير وبكل جرأة يتهمون به منافسيهم، وينتهكون الحريات في أبشع صورة ويطالبون بها في الشمال، ويغلقون مناطقهم المحررة كما كانوا يسمونها في وجه الجميع ويمرحون و(يبرطعون) في كافة أنحاء البلاد، ويعتقلون المئات والعشرات من أبناء الشمال ومن خصومهم ويطالبون الشمال بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الشمال، ويغلقون الجنوب في وجه تلاميذ المدارس ويقيمون مركزهم العام على بعد خطوات من مقرن النيلين وفي أركويت ينصبون مؤتمراتهم الصحفية وهي تسيء للشمال وتخطط لضرب استقراره وأمنه، وذات الفئة للأسف تندفع معهم وتهتف خلفهم وينفذون تدابيرها كما يطلبونها منهم. في النيل الأزرق وفي الجولة الانتخابية الفائتة مارسوا كافة حقوقهم الدستورية والانتخابية في مناطق نفوذ المؤتمر الوطني وقواعده وباشروا الرقابة في التسجيل وفي عملية الاقتراع أمام أعينهم وعملاً بملاحظاتهم حتى إن جانبها المنطق والقانون الانتخابي، أما مناطقهم المحررة فتجري فيها (حاجة تانية) غير الانتخابات عندما تستبدل الصفوف والحشود بفصيلة من قوات الحركة الشعبية تحتل مركز الاقتراع وتضرب وتعتقل وتمارس الاقتراع نيابة عن الأرقام الفلكية الموجودة في السجل الانتخابي فتخرج نتائج الفرز وهي تتجاوز العدد المحدد وكلها تصوت لرمز انتخابي واحد وليس من بينها بطاقة تالفة واحدة وبالرغم من ذلك يتفوق المؤتمر الوطني ولكن تدخل حسابات السياسة والتوازنات فيصعد الخاسر فائزاً والفائز خاسراً لعل ذلك يحمل هؤلاء على رد الجميل والمشاركة مع إخوتهم لبناء الوطن ولكنهم يخرجون عليهم وهم أسوأ من أي وقت مضى. ذات السياسة تنفذها الحركة الشعبية الآن بجنوب كردفان وقد تم رصد عدد من المخالفات التي دفعت بكادر الرقابة من المؤتمر الوطني إلى خارج المناطق المحررة فباشرت الحركة الشعبية الاقتراع بنفسها وقد كشف الأستاذ يوسف عبد المنان في تغطيته لهذه الانتخابات عن مراكز اقتراع صوتت متجاوزة العدد المرصود في سجلها الانتخابي وأبعدت عناصر المؤتمر الوطني من عدد كبير من مراكز الاقتراع بعد أن تم الاعتداء عليهم وخلت الكثير من المراكز في تلك الأنحاء من التالف الذي لم تسلم منه المناطق المستنيرة مثل كادقلي العاصمة والمدن الكبرى بجنوب كردفان وبالرغم من كل ذلك تخرج علينا الحركة الشعبية وتدعي أن منافسها زوّر الانتخابات وهي تعلم قبل غيرها سلامة العملية الانتخابية في كافة المناطق الأخرى وقد راقبها كادرها ومارس كافة حقوقه التي ينص عليها القانون الانتخابي. هم يعلمون أن المؤتمر الوطني حريص كل الحرص على وصف الانتخابات بالنزاهة حتى في مناطقهم التي يعلم تماماً ما يجري فيها من تزوير وكل ذلك من أجل المجتمع الدولي والثناء عليه وقد قام بكافة التزاماته على أكمل وجه وهو يعلم أنهم حتى إن زوروا لن يتمكنوا من الفوز ولذلك يتركهم المؤتمر الوطني ويتساهل معهم وهم يستغلون كل ذلك للضغط على المؤتمر الوطني من أجل الوصول إلى أهدافهم. وها هم يسعون لتفجير الأوضاع في جنوب كردفان والضغط على المؤتمر الوطني ولكن هذه المرة لن تكون الأمور مثل سابقاتها والعملية الانتخابية لن تكون بأي حال من الأحوال على غرار انتخابات النيل الأزرق ولن نسمح أبداً بأن تكسب الحركة الشعبية مكسباً واحداً بهذه الطريقة حتى وإن قبل المؤتمر الوطني ذلك ويجب أن تعلم هذه الفئة أن الشعب أكثر جهوزية لنزالهم ولن يفرط بعد اليوم في شيء مهما تواضع وقلّ شأنه...