قبل شهرين رشَّحنا «مصطفى عثمان» فتقاصرت حكومتنا حتَّى خرج لنا «الفقي»!! صراع «المصريين» و«القطريين» سيهزم الجامعة .. والفرصة (ذهبيَّة) أمام السودان «الهاشمي الحامدي» مرشَّحاً لرئاسة تونس و«زبيدة» عينها على «قصر قرطاج» { قبل شهرين (بالتمام والكمال)، وبالتحديد يوم 21/ فبراير الماضي، نشرتُ مقالاً في باب (شهادتي لله) تحت عنوان: (مرشَّح السودان للجامعة العربيَّة).. لعلَّكم تذكرونه. في ذلك المقال طالبت حكومة السودان بترشيح الدكتور «مصطفى عثمان إسماعيل»، مستشار رئيس الجمهوريَّة الحالي، وزير الخارجيَّة الأسبق، لمنصب الأمين العام للجامعة العربيَّة، خلفاً للسيد «عمرو موسي»، الذي ينوي الترشُّح لرئاسة الجمهوريَّة في مصر ما بعد الثورة. { كان الوقت مناسباً جداً قبل شهرين، فمصر - دولة المقر - كانت مشغولة (لشوشتها) في معركة ميدان التحرير والميادين الأخرى، من «أسيوط» إلى «إسكندريَّة»، وشرقاً إلى «السويس». و«تونس» كذلك كانت غارقة وما زالت في ترتيبات البيت الداخلي بعد رحيل «بن علي»، ودول مجلس التعاون الخليجي كانت في حالة حذر وترقُّب، أما الجزائر فلا تخلو ساحتها السياسيَّة من قلق وتوتر، فيما كان العقيد «القذافي» في حالة لا يُحسد عليها، وبالتالي لم تكن أمانة الجامعة العربيَّة أمراً يستحق بعض اهتمامه. «اليمن» أيضاً كانت ومازالت مشغولة باحتجاجات واعتصامات المعارضة. { إذن، كانت الفرصة ذهبيَّة، وما تزال، والكرة أمام «السودان» على انفراد بالمرمى الخالي.. بعد خروج الحارس!! { لم يخطر ببال وزارة الخارجيَّة السودانيَّة أن ترشِّح د. مصطفى، فقد كانت مشغولة بمواجهة داخليَّة مع والي جنوب دارفور د. «عبد الحميد موسى كاشا»، إثر طرده إحدى المنظمات الأجنبيَّة..!! { ولم يقدِّم المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الحاكم ترشيح د. «مصطفى» إلى الحكومة للإجراء والتنفيذ. { ولم تخرج الفكرة من عقول العباقرة مديري مراكز الدراسات الإستراتيجيَّة، وعلى رأسهم صاحب العقل الراجح والنظر الفاحص أحد أبرز مهندسي اتفاقيَّة «نيفاشا» الأستاذ «سيِّد الخطيب»!! { ولا الإدارة السياسيَّة برئاسة الجمهوريَّة لاح لها مثل هذا الخاطر، رغم أنَّه كان على رأسها سفير معتَّق، هو «عثمان نافع»، الذي انتقل إلى محطة خارجيَّة. { ولا.. ولا.. ولا..!! { الفكرة جادت بها قريحة مؤسَّسة (الأهرام اليوم)، عندما كانت مؤسَّسات دولتنا مشغولة بسفاسف الأمور، وعقد جلسة مجلس الوزراء في محطَّة كهرباء سوبا، وقد ينعقد المجلس ذات مرَّة في صيوان جوار كبري (الحتانة - الحلفايا) الذي تم افتتاحه مؤخراً، غير أن بعض (التشطيبات) من جهة «الحتانة» لم تكتمل بعد!! { أو ربما كان الشعور ب (الدونيَّة)، الذي ظل يلازمنا تجاه العالم الخارجي، هو الذي حال دون التجاوب (العاجل) مع فكرة ترشيح (سوداني) من قرية «رومي البكري» بالولاية الشماليَّة، لأمانة الجامعة العربيَّة!! { أو لعلَّه الحسد الذي بدأت أعراضه تظهر في سلوك الكثير من (الإسلاميين) السودانيين بعد الحكم!! فلماذا يرشحون (أخاهم في الله) «مصطفى عثمان اسماعيل»!! (يا أخي مصطفى شنو برشِّحوه للجامعة العربيَّة.. يا أخي هو هنا مريِّحنا)!! من قال لكم إن (الإخوان المسلمين) معقَّمون من داء الحسد؟! { الفكرة أو المبادرة كانت (ذاتيَّة) ومنفردة، حتى أنَّني لم أشاور فيها د. «مصطفى» قبل طرحها للناس، وفوجئ بها هو كما فوجئ بها آخرون في السلطة، وهاتفني د. مصطفى بعد يومين ليشكرني على المبادرة، لكنَّه بدا غير متفائل بأنَّ حكومتنا وأجهزتنا ستأخذ الأمر مأخذ الجد. { والآن.. وبعد أن بدأت «مصر» تتنفَّس (فوق) ميدان التحرير، باغتتنا جميعاً بترشيح أحد أركان السياسة الخارجيَّة لنظام الرئيس «حسني مبارك».. رئيس لجنة العلاقات الخارجيَّة في (مجلس شعب أحمد فتحي سرور).. الدكتور «مصطفى الفقي» لمنصب الأمين العام للجامعة العربيَّة!! { ثم رشَّحت دولة «قطر» مواطنها الشيخ «عبد الرحمن العطيَّة»، أمين مجلس التعاون الخليجي لذات المنصب.. المرموق.. الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومعلوم أنَّ (المنافسة) و(المواجهة) (المصريَّة - القطريَّة) على الملفات العربيَّة قد بلغت أحياناً، مرحلة (الضرب تحت الحزام)، ويبدو واضحاً أنَّ الأشقاء في «مصر» لا يرون استهداف «قطر» للمشاريع «المصريَّة» محصوراً في رؤية سالبة محدَّدة تجاه نظام الرئيس المنصرف «حسني مبارك»، بل هي منافسة مستمرَّة على مقاعد (الريادة) العربيَّة، بالتقارب مع الأقطاب الغربيَّة، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة. «مصر» بتاريخها الضارب في قرون ما قبل الميلاد، وحضارتها، ومكانتها السياسيَّة، والعسكريَّة، و«قطر» بطموحها الذي لا تحدّه حدود الدولة (الصغيرة) التي تمدَّدت بالمال والعلاقات العامَّة، وسطوة قناة «الجزيرة»!! { الدور «القطري» (المتضخِّم) يزعج دولاً عربيَّة أخرى.. كبيرة ومهمَّة، مثل المملكة العربيَّة السعوديَّة التي لا تخفي ضيقها باستغلال «قطر» لقناة «الجزيرة» في تحقيق أجنداتها الخارجيَّة، تماماً كما كشفت وثائق «ويكليكيس». «السعوديَّة»، عبر رجال أعمال سعوديين، موَّلت إنشاء قناة «العربيَّة» لتلعب في ذات مساحة «الجزيرة»، برئاسة الصحفي والكاتب السعودي «عبد الرحمن الراشد» رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» السابق. { المرشَّح القطري - حسب مصادر عربيَّة - تسانده الكويت والبحرين والإمارات وسلطنة عمان والجزائر وجيبوتي وربما السودان. { السودان أعلن - رسميَّاً - رفضه المرشح المصري «مصطفى الفقي» لأسباب تتعلّق بتاريخ «الفقي» السيئ في الملف السوداني، وهو أحد منظِّري سياسة تعامل «مصر» مع جنوب السودان انطلاقاً من رؤية تتجاوز بقرة (الوحدة) التي ظلت (مقدَّسة) لدى المصريين، إلى أن خرج أمثال «الفقي» ليطالبوا بالتعامل مع جنوب السودان بواقعيَّة، وتجاوز مفهوم السودان القديم لأنَّه (دولة فاشلة)!! أو كما قال «باقان أموم»!! تصريحات «الفقي» موثَّقة في الصحافة المصريَّة. بالمناسبة أجرت (الأهرام اليوم) حواراً مع مرشّح مصر للجامعة العربيَّة، أداره الزميل «عزمي عبد الرازق»، الموجود بالقاهرة هذه الأيام. حاول المرشح خلاله الترافع عن نفسه ومواقفه تجاه السودان. { الدول التي من المتوقَّع أن تساند المرشَّح «المصري» هي: السعوديَّة، سوريا، اليمن، الأردن، فلسطين، المغرب، لبنان وتونس. { غير أنَّني - يا حكومة السودان.. يا سعادة الرئيس البشير.. يا وزارة الخارجية - مازلتُ أرى أن ترشيح الدكتور «مصطفى عثمان» والإصرار عليه حتَّى النهاية، سيحدث (انقلاباً) في عمليَّة الترشيح برمتها، وسيحقق انتصاراً غير مسبوق للسودان للأسباب الآتية: { أوَّلاً: معظم الدول التي ستساند المرشَّح «المصري» «مصطفى الفقي»، إنَّما تفعل ذلك نكايةً بدولة «قطر»، لا حبَّاً أو قناعةً بالمرشَّح المصري، وأبرز الناقمين على «قطر» هي دول: «سوريا»، «السعوديَّة»، «اليمن»، «المغرب» و«الجزائر»، وذلك على خلفيَّة تسليط (آلة) «الجزيرة» (الحربيَّة) ضد الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان، ولا أدلَّ على تأكيد هذا الرأي من أن العلاقات (السوريَّة - المصريَّة) ظلَّت - دائماً - في حالة (شد وجذب)، ولا يستطيع مراقب أو دبلوماسي عربي أن يصف علاقات (القاهرة - دمشق) بأنَّها علاقات (سمنة على عسل)، لكنَّ الرئيس السوري «بشار الأسد» رفض مؤخراً استقبال رئيس وزراء «قطر» الشيخ «حمد بن جاسم» لأسباب تتعلق بالموقف القطري من الاحتجاجات الشعبيَّة في «سوريا». { ثانياً: بعض دول الخليج التي تساند المرشح القطري، لا تستبطن وداً تجاه القيادة القطريَّة، فدولة «الكويت» أغلقت مكتب قناة «الجزيرة» في الكويت، و«البحرين» يغالبها إحساس الضيق من تسليط آلة «قطر» الإعلاميَّة بكثافة على الاحتجاجات في «البحرين» خلال الأسابيع الماضية، وذات الشيء ينطبق على «سلطنة عمان». { ثالثاً: في حالة تقدُّم السودان بمرشَّح، هو الدكتور «مصطفى عثمان»، فإن دولاً صديقة للسودان من المحورين، ستعيد حساباتها وتنضم إلى صف السودان، وأبرز هذه الدول هي: الصومال، جيبوتي، موريتانيا، جزر القمر، واليمن. { رابعاً: إذا كانت مساندة المرشح المصري هي في الغالب (مكافحة) للتمدُّد (القطري)، فإنَّ دولاً مهمة ومؤثرة مثل «السعوديَّة» و«سوريا» و«لبنان» ربما تفلح اتصالات سودانيَّة مكثفة بها، في إقناعها بدعم مرشح «سوداني» لتجاوز (مواجهة عربيَّة) جديدة على منصب «الأمين العام»، الذي إن جاء من جهة «قطر»، أو «مصر»، فإنَّه سيأتي على خلفيَّة (صراع) محتدم، مما سينعكس على عمل الجامعة العربيَّة، وسيؤدي إلى تحجيم دورها أكثر وأكثر، بل تعويقها وشلِّها تماماً. { (الأهرام اليوم) نشرت من قبل خبراً عن اهتمام سفير دولة عربية مهمة بمقالنا حول ترشيح د. مصطفى فأرسل صورة منه إلى رئاسة وزارة الخارجية في بلاده قبل شهرين من الآن. { إن الأمين العام الحالي «عمرو موسى» جاء إلى المنصب (بإجماع) الدول العربيَّة، وهذا ما لن يتوفَّر للمرشَّح المصري «مصطفى الفقي»، ممَّا سيجعله أميناً عاماً على مجموعة الدول التي ستؤازره، فيما سيعمل المحور الآخر في مخالفته. { في ما يتعلق بالموقف السوداني من المرشَّح «الفقي»، فإنَّني أخشى من (انبطاح) حكومتنا في اللحظات الأخيرة، كما عوَّدتنا في مثل هذه المواقف، وفي هذا المحور، فإنَّ الدبلوماسيَّة المصريَّة ستستخدم كل (كروت الضغط) في مواجهة السودان، بما فيها المصادقة على ميثاق «روما» والانضمام للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، كما أكد ذلك وزير خارجية مصر «نبيل العربي»، الذي عبَّرت الرئاسة السودانيَّة عن فرحها الغامر بتعيينه!! فيما أكد «علي كرتي» وزير خارجيَّتنا أنَّ «العربي» كان أحد مستشاري الحكومة القانونيين في ملف «أبيي»!! (دائماً مستعجلين)!! (يللاَّ خمُّوا.. وصرُّوا)!! { وكيل وزارة الخارجيَّة السفير «رحمة الله عثمان» نفى وجود أيَّة علاقة بين تصريح «العربي» حول انضمام «مصر» للجنائيَّة، ورفض السودان لترشيح «الفقي»!! طبعاً النفي يُفترض أن يأتي من الخارجيَّة المصريَّة، وليس السودانيَّة!! { وكيل خارجيَّتنا قال إنَّ الرئيس «البشير» زار دولاً أعضاء بالمحكمة الجنائيَّة!! يعني هي القصة سفريات وبس؟! القصة أكبر من كده.. يا سعادة السفير.. والسودان سعى حثيثاً إلى انسحاب دول أفريقيَّة من منظومة الجنائيَّة، فكيف لا يُبالي بانضمام أعظم جاراته.. الشقيقة الكبرى، إلى محكمة «أوكامبو» الاستعماريَّة؟!! { الخارجيَّة المصريَّة حاولت تبرير الخطوة (بكلمتين حلوين)، لكن «العربي» لم ينف ما قاله حول الجنائيَّة.. و(برضو تقول لي كان مستشارنا في موضوع «أبيي»!! عشان كدة الموضوع ما ماشي لي قدَّام!!). { أخيراً.. ادفعوا بقوَّة ورأس مرفوع وثقة زائدة، بترشيح الدكتور «مصطفى عثمان» إلى منضدة الجامعة العربيَّة.. ففي كل الأحوال.. لن تخسروا.. بل ستكسبوا ما لم تكونوا تحلمون به.. ففي أسوأ (التسويات) يمكنه أن يحل مساعداً للأمين العام، مع التزام بترشيحه في الدورة القادمة، مع مكاسب اقتصاديَّة وسياسيَّة أخرى، (ويمكن الجماعة.. أخوانا ديل.. يتخارجوا بأخوي وأخوك من «حلايب»). { أظرف وأطرف تعليق سمعته من أحد شباب مدينة «الثورة» عن أسباب (امتناع) السودانيين عن التجاوب مع نداءات (التظاهر) و(الاعتصام) ضد النظام، كما حدث في بعض الدول العربيَّة، قوله: (الحكومة دي شغلت الناس في روحها.. عربات بالقسط.. تلاجات بالقسط.. ملايات بالقسط.. يا أخي لو داير «شبشب سفنجة» - لا مؤاخذة - برضو بتلقاهو بالقسط!! كلُّو واحد ساكِّي القسط لآخر الشهر.. يعني ح يطلعوا الشارع كيف؟! بعدين كلُّ كم شهر كده.. فاتحين كبري جديد.. والناس تقول ليك: ماشين نشوف الكبري الجديد)!! التعليق مُهدى إلى قادة المعارضة السودانيَّة، مع تحياتي. { صديقنا العزيز الإعلامي التونسي الكبير الدكتور «محمد الهاشمي الحامدي»، أعلن رغبته في الترشح لمنصب رئيس الجمهوريَّة في «تونس» الشقيقة. «الهاشمي» الذي يرأس قناة «المستقلة» في «لندن»، شرع في التحضير للحملة الانتخابيَّة، وتقوم حرمه السيِّدة الجسورة «زبيدة» بقيادة الحملة ميدانيَّاً في المدن والضواحي التونسيَّة، وقد وقَّع على مذكرة ترشيحه - حتى الآن - أكثر من (50) خمسين ألف مواطن تونسي. «زبيدة» امرأة عربيَّة من طراز خاص، وجدتها في «لندن» بحجابها، وعباءتها السوداء، تكافح من السابعة صباحاً، تدير الشؤون الماليَّة والإداريَّة بالقناة، وتربي بناتها، اللائي لم يخلعن الحجاب في وسط ضجيج عاصمة الضباب وثقافتها الغربيَّة الطاغية. { لو فاز «الهاشمي» بالرئاسة في تونس - وفي رأيي أنه سيكون منافساً قويَّاً - فسأكون أنا وزميلي «محمد الفاتح أحمد» صديقين مقرَّبين من رئيس جمهوريَّة «تونس»، ولا شك أننا سنحل ذات يوم ضيفيْن عزيزين على «قصر قرطاج»، تحت رعاية السيدة الأولى «زبيدة»، التي لا شك أن (خشونة) ومعاناة الحياة في بريطانيا ستدفعها إلى تقديم نموذج مختلف عن نموذج حرم الرئيس المخلوع السيدة «ليلى الطرابلسي»!! { يا «هاشمي» نحن مستعدون لتقيم خبراتنا (الانتخابيَّة) المتواضعة من عصارة معركة الدائرة (13) - «الثورة»، التي نؤكد أنَّنا كنا الفائزين بها والممثلين الشرعيين لناخبيها. هل سيدعم (المؤتمر الوطني) صديقه «الهاشمي» أم يساند مرشح الشيخ «راشد الغنوشي»؟ أم يجتهد في التوفيق بين (الشيخ) وتلميذه السابق؟! لا أدري، ولا أظن أن (المؤتمر الوطني) يدري!! { وكل سبت وأنتم بخير.