{ ونحن نستعد لاستقبال العام الدراسي الجديد قريباً، فإن هذه رسالة أم.. ومجتمع.. ووطن، أكتبها وكلي رجاء في أن تجد آذاناً صاغية لدى السادة خبراء التعليم بوزارة التعليم العام، ليقوموا بما يرونه مناسباً لإعادة النظر في أمر السلم التعليمي الثماني المعمول به حالياً في مدارس الأساس، ولا ضير من التراجع عنه ولهم أن يعلموا أن تراجعهم عنه لن ينقص من قدرهم لدينا ولن يوصمهم بسوء التقدير أو عدم الموضوعية، أو على أسوأ الفروض نناشدهم أن يقوموا بإجراء بعض التعديلات عليه بحيث يصلح لهذا الزمان مع هذه الأجيال. { لقد حاولت مراراً أن أنظر لنصف الكوب الممتلئ لهذا السلم التعليمي فخلصت - شخصياً - إلى أن ماءه عكر لا يصلح للشرب، فبغض النظر عن المقررات الكثيرة والمواد العديدة التي بررناها بصغر سن أبنائنا بمرحلة الأساس واستعدادهم الفطري للاستيعاب وقلنا إنها ستكون معلومات مفيدة لهم - إن هم نجحوا فعلياً في استيعابها، فإن تلك المقررات تضحكني أحياناً، لا سيما وأنا أرى تلميذاً ذكراً يطلب منه في المقرر الرسمي أن يحيك مريلة لطفل حديث الولادة أو ينسج «عنقريب»!! ففي الأولى استخفاف برجولته المأمولة وتجاوز لبيئتنا الاجتماعية، وفي الثانية «تخلف» وعدم مواكبة للعصر الذي يقوم فيه الآخرون من حولنا باختراعات دقيقة وعبقرية، وإذا كان الهدف الأساسي من تلك الحياكة هو تنمية قدرات الفتيات كشريحة مستهدفة من ذلك المقرر فلماذا لا يكون ذلك منهجاً إضافياً مصاحباً للفتيات فقط، أو لماذا لا تعود حصص التدبير المنزلي للجدول من جديد مثلما كانت عليه على أيامنا؟! { إن المواد الدراسية في حاجة فعلية لإعادة النظر، فمعظمها متهم «بالحشو» الذي لا يسمن الطلاب ولا يغنيهم عن جوع. أما في ما يتعلق بالسلوك فما هو تقييمكم يا سادتي للجمع بين الأطفال الأبرياء من طلاب وطالبات الصفوف الصغرى - رغم تحفظي على كلمة أبرياء تلك - وبين البالغين اليافعين من طلاب وطالبات الصفوف الكبرى، علماً بأن هؤلاء غالباً يكونون قد وصلوا سن المراهقة بكل ما نعلمه عنها وما طرأ عليها من مستجدات حديثة يشيب لها الولدان. { أتمنى ألا ندفن رؤوسنا في الرمال طويلاً وعلينا أن نعترف بأن العديد من التجاوزات التربوية تحدث داخل حيشان المدرسة وبين جدران الفصول، وأن الانحراف الأخلاقي قد طال بعض مدارسنا، لا سيما مع غياب الدور المقدس للمعلم الذي لم ينج كذلك من التغيير، فلم يعد على ما كان عليه من تمام المتابعة اللصيقة لتلاميذه في المدرسة والشارع وحتى البيت، بعد أن أصبح هو الآخر مهموماً بملاحقة لقمة العيش ومكابدة هموم الدنيا. { وإنني على ثقة من أن التردي الكمي والكيفي الذي صاحب هذا السلم والذي يتحدث عنه الجميع منذ سنوات قد بلغ أولي الشأن داخل الوزارة المعنية، أما لماذا لم يتخذوا الإجراء اللازم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فإن هذا سؤال مدفوع لهم ننتظر الإجابة عليه، إن كانوا فعلاً يكترثون لأمرنا كأولياء أمور ولأمر أبنائنا كطلاب! فربما كنا على خطأ وكانت نظرتنا للأمر قاصرة وهناك العديد من الإيجابيات التي لم نكتشفها من بين ضباب هذا الواقع، وقد يتفق معي البعض أو يختلف آخرون، تبقى القضية بالأخير نظرة شخصية لهذا السلم التعليمي العقيم. { تلويح: ألا رحم الله المدارس المتوسطة فقد كانت ذات دور وسيط فعلياً.