{ الحقائق المُذهلة التي كشفت عنها الإعلامية هالة سرحان، مقدمة برنامج (هالة شو) على فضائية روتانا، عن المؤامرة التي تعرّضت لها من النظام المصري البائد، الذي يبدو أنه كان متضايقاً من صراحة وجرأة ما تطرحه هالة، فلفّق لها قضية (بنات الليل) التي لعب فيها بأوتار مشاعر المشاهدين العرب الذين يُعتبر الحديث عن الشرف عندهم خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه، ناهيك عن تجاوزه. ولعل هذه الحقائق أوضحت لي، ولكثيرين غيري، كيف أن الإعلامي يمكن أن يُشكِّل خطراً وإزعاجاً للسلطة إن كانت ترقص على الحبال، وبالتالي فإن دور الإعلام مهم إلى الحد البعيد في أن يكون رقيباً وكاشفاً وموضحاً وأحياناً محاسباً. ولعل الضيق من هالة سرحان يكشف إلى أي درجة أن الأنظمة العربية مهما ادعت من رفع سقف الحريات إلا أنها تتضايق وتتململ متى ما بدأت سكِّينة الإعلام (تهبش اللحم الحي)، واللحم الحي إما الفساد المالي أو استغلال السلطة أو التشبُّث بكراسي الحكم بطريقة ليس بينها والديمقراطية مودة وعمار. { وطالما أن الإعلام، بكافة أشكاله، المشاهد والمقروء والمسموع، يُشكِّل هذا البُعبُع للحكومات، يتضح لنا مدى أهميته وقوة تأثيره، مما يتطلّب من العاملين به أن يكونوا على قدر من قوة الشكيمة والمنطق والحجة والمصداقية، وأن يكونوا على درجة من الشفافية، لأنه لا يستقيم الظل والعود أعوج. ولعلي دائماً أحتفي وتزغرد دواخلي حيث أقرأ لصحافي سوداني مقالاً ينحاز فيه للشعب ولا ينافق الحكومة ولايتملّقها ويكشف الحقائق كما ينبغي أن تُكشف، والأرزاق بيد الله، وأعتقد أن محنة هالة سرحان تؤكد أن الليل مهما طال وأرخى سدوله لا بد من فجر أبلج وشمس ساطعة تقوي بأشعتها عظام الحقيقة، حتى وإن أصابها الكساح.. { ولأن الإعلام الُمشاهد، وأقصد الفضائيات، هو المستحوذ الأول على اهتمام المواطن العربي، حتى في أحلك القضايا، بدلالة أنني سألت الأخ الأستاذ الصحافي سعيد عبدالحليم، النقابي الكبير لصحف دار أخبار اليوم المصرية، وهو المسؤول الأول عن ذلك، إن كان توزيع الصحف قد زاد إبان الثورة المصرية؟ فقال لي: على العكس تماماً إذ أن (البوار) كاد يُهلكنا، لأن الناس اتجهوا إلى الفضائيات التي تمنحهم المعلومة والخبر محسوساً وملموساً (صورة وصوت وتعليق)! ولأن الإعلام المشاهد بهذا القدر من الأهمية أتوقع أن تلعب فضائياتنا دورها المفروض في مناقشة المسكوت عنه بجرأة ونفاذ إلى عمق الحقيقة، وأظن أن المشاهد السوداني الذي يتابع نماذج مما تقدمه الفضائيات العربية والأجنبية، صار ناقداً من منازلهم، يستخف بمن يحاول الاستخفاف بعقله ويعرض تماماً عن مشاهدة (الهيافات) التي تصدر من بعض المذيعين والمذيعات (المسطحين) الذين تحاصرهم علامات التعجب عن: كيف جاءوا، وعلى أي أساس دخلوا الاستديوهات!! { في كل الأحوال تظل علاقة الإعلامي والسلطة مثل علاقة المحامي عن المجني عليه، والمتهم حتى تُثبت براءته، وإن لم يكن المحامي (عكليتة) ودارس للقضية ضاع حق موكله في (شربة موية) حتى ولو كان الجاني لازال يحمل في يده سكينه التي ذبح بها وهي تقطر دماً! { كلمة عزيزة سعدتُ جداً بالعرض الأول على ما أظن للنيل الأزرق إف إم صوت وصورة، وهو إنجاز جديد للنيل الأزرق تدهش به سامعيها ومشاهديها، ولأن الدنيا صباح سعدت أن يكون مقدما البرنامج هما نجود حبيب وعبدالعزيز سوركتي، وكلاهما من الأصوات المريحة والوجوه الطيبة.. وإن كان عتبي دائماً على النيل الأزرق، التي يقف على رأسها رجلان من قبيلة الإبداع، الأخ حسن فضل المولى الذي يتمتع بكل أبجديات الإداري الإعلامي المسؤول الذي (لا يوتر)، ويوتر دي مهمة جداً للعاملين معه، ويمنحهم الأريحية والحرية اللازمة للإبداع.. والأخ الشفيع عبدالعزيز، هذا الساكن والساكت حديثاً، في الوقت التي تتفجر فيه غُدد الأفكار دون توقف، وعيني باردة.. أعتب عليهما الإصرار على أن تظهر بعض الوجوه على الشاشة فقط مجاملة لها لا أكثر ولا أقل، لا سيما وأن الشاشة جسم حساس يكشف سريعاً كل فاقد موهبة وفاقد ثقافة، في الوقت الذي يؤلمني أن تكون أمثال هايلين وميادة في المحطات الخارجية وغيرهن (يبرطعن) بالطول والعرض! أدفعوا بالشابتين في النيل الأزرق إف ام صوت وصورة تمهيداً لدخولهما الأستديو!! { كلمة أعز في الوقت الذي تُحظى فيه بعضهن بالأحاديث الصحافية والمواد الإعلانية (الكاربة) والمشاركة في البرامج عالية المشاهدة والمشاركات الخارجية، يُهضم حق فيهمة عبدالله الأحق بهذا التواجد!! أشكو إليك ياربي.