السلام عليكم ورحمة الله { جاء في الأخبار على لسان السيد وزير الخارجية، الأستاذ علي كرتي، أن قضية حلايب المتنازع عليها مع مصر وصلت إلى بر التوافق بين البلدين، حيث اتفق البلدان على أن يصبح قطاع حلايب منطقة اقتصادية وإدارية مشتركة تلتقي فيها مصالح الشعبين. وقال أيضاً: إنَّ المواطنين قريباً سيتحركون بكل حرية في قطاع حلايب. (راجع صحيفة التيار عدد 18/5/2011). { تعليقي على هذا الخبر هو: إذا تمَّ حل مشكلة حلايب بكل هذه السهولة، لماذا لا يتم حل مشكلة أبيي بذات الطريقة؟ أي: أن تصبح منطقة أبيي منطقة اقتصادية وإدارية مشتركة تلتقي فيها مصالح شعب دولة السودان الشمالي مع مصالح دولة السودان الجنوبي! { لكن يتطلب ذلك عدة خطوات، منها إجراء مشورة شعبية لسكان المنطقة (المسيرية، دينكا نقوك والقبائل الأخري بمنطقة أبيي) لإبداء رأيهم حول جعل منطقة أبيي منطقة مشتركة بين دولتي السودان الشمالية والجنوبية. قد يقول قائل إنّ بروتوكول أبيي ينص على قيام استفتاء بخيارين فقط: الانضمام لدولة الشمال أو الانضمام لدولة الجنوب. ولكنني أقول: إن كلمة بروتوكول تعني اتفاقية مبدئية وليست نهائية (راجع المعاجم القانونية)، بمعنى: أن بروتوكول أبيي يمكن تعديله حسب متطلبات المرحلة، إذ أن قصة النزاع حول تبعية منطقة أبيي بين دولة الشمال ودولة الجنوب صارت تشبه تماماً تلك القصة في الأدب العربي التي تحكي عن نزاع امرأتين حول طفل تدعي كل منهما أمومته. لكم تحياتي و شكري. د. هشام محيي الدين - من جامعة جوبا { من المحرر: اسمح لي دكتورهشام أن أختلف معك، وقبل ذلك أختلف مع السيد وزير الخارجية علي كرتي وهو يتحدث عن حل مشكلة حلايب عبر اتفاق سوداني مصري يقال إنه ينص على أن تصبح حلايب منطقة مشتركة إدارياً وتقوم فيها استثمارات بين البلدين، وهذا لعمري يعقد المشكلة ويضيّع الحق السوداني الواضح ويمنح المصريين المزيد من الوقت لتغيير ملامح وهوية حلايب ويجعلهم يقطعون نصف المشوار في اتجاه تمصيرها، لا سيما وأنها منطقة غنية بالموارد وتضيف للساحل السوداني المطل على أهم وأخطر الممرات المائية في العالم (البحر الأحمر). { الفرصة كانت مواتية للوصول لحل جذري لهذه المشكلة بعد زوال نظام حسني مبارك، وكان علي حكومتنا أن تضغط في اتجاه التحكيم الدولي وأن تستثمر الأوضاع الحالية التي تعيشها مصر، لا سيما وأنها في حاجة ماسة للسودان أكثر من حوجة السودان لها، وقد افتقدناهم أيام حوجتنا لهم وبل مضوا في إضعاف بلادنا والمشاركة في كافة المؤامرات التي كانت تستهدفها، فماذا ستضيف لنا مصر وقد تراجع نفوذها وضعفعت قدراتها الاقتصادية وتعاني من حصار أفريقي عنيف ولن تجد غير السودان معيناً ومفتاحاً لحلحلة مشاكل كثيرة وخطيرة تتصل بملف المياه وغيرها، أما السودان فإنه بعد التاسع من يوليو سيستقر وسيعمل على توفيق أوضاعه بما يخدم مستقبله ونهضته وتحقيق سلام دارفور وإفساح المجال لقوى سياسية مقدرة لتشارك في الحكم وسيستمر تدفق الموارد بعد دخول مناطق عدة قطع العمل فيها مراحل متقدمة لتضيف للمنتج من النفط ومن الاحتياطات النفطية بالإضافة لموارد أخرى تتصل بالزراعة والثروة الحيوانية والمعادن وإستراتيجية صناعة السكر والأسمنت وصناعات أخرى. { الحسابات جميعها تدفع باتجاه الحل الجذري لهذه المشكلة بدلاً من هذا الوضع الذي يتحدث عنه وزير الخارجية، ولذلك أختلف معك في اعتماد هذه التصريحات حلاً لمشكلة حلايب، وكذلك أختلف مع كافة الأصوات التي تنادي بأن تصبح منطقة أبيي منطقة مشتركة بين الشمال، وما تنادي به وينادي به كثيرون يتمثل في الوضع القائم، وهل هذا الوضع أفضى للاستقرار والتعايش أم أن الحرب والصراعات مازالت مستمرة حتى أمس الأول؟ إن مواجهة المشكلة ومهما تكلف فإنها أفيد للجميع وتجعلهم يتجهون نحوالمستقبل وكل شيء واضح ومحدد.