أنزلت المحكمة الجنائية العام بأم درمانجنوب، برئاسة القاضي عز الدين عبد الماجد، أمس (الأربعاء)، عقوبة تقضي بالسجن لمدة (5) سنوات على النظامي المدان بقتل ابنة خالته، وأمرته المحكمة بدفع الدية المغلظة (40) ألف جنيه لأولياء الدم، والد ووالدة المجني عليها، اللذين أبديا للمحكمة رغبتهما في التنازل عن الدية. وجاءت الإدانة بالقتل شبه العمد لعدم توافر القصد الجنائي للمتهم، حسب ما جاء في القرار الذي تلاه القاضي في بداية الجلسة، وذكر فيه أن حيثيات القضية ووقائعها تلخصت في أن المتهم بتاريخ 7/6/2010م في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً قام بضرب المجني عليها (بالشلوت) على صدرها، مما أسقطها وسبب لها ارتجاجاً بالمخ، وذلك بالريف الجنوبيلأم درمان. واستمعت المحكمة بعد الإحالة للمتحري وشهود الاتهام واستجوبت المتهم ووجهت له التهمة، وردّ عليها، واستمعت لشهود دفاعه. ولتحديد مسؤولية المتهم الجنائية قامت المحكمة بتعريف مادة الاتهام وأركانها، وعلى هداها قامت بمناقشتها مع ما قدم من بينات، حيث وجدت المحكمة أن الاتهام قدم شاهدين بينهما والدة المجني عليه، ورأت المحكمة أن إفادتها كافية لإثبات جرم المتهم فوق مرحلة الشك المعقول، وأفادت بأن المتهم ضربها (كفّين) ولم تسقط وضربها (بالشلوت) في أعلى بطنها مما أوقعها أرضاً، وقررت المحكمة قبول شهادتها حيث لم يثبت وجود عداوة ظاهرة، وثبت ضرب المتهم للمجني عليها، كما أكد تقرير الطبيب الشرعي الذي شرح الجثة وجود سائل رغوي يخرج من الأنف والفم ووجود تضخم في الغدة الدرقية وكدمات في فروة الرأس وتجمع دموي ونزيف فوق وتحت السحايا تسبب في الوفاة بسبب الإصابة بجسم صلب، والثابت أن المتهم أصابها بتلك الضربات التي أدت لقتل المرحومة، مما يثبت توافر الركن المادي للقتل. وللوصول للركن المعنوي لا بد من توافر القصد الجنائي الذي اختطت له محاكم العدالة بعض المعايير تتمثل في الآلة المستخدمة والموضع الذي استخدمت فيه، كما يُستشف من الأقوال والأفعال التي تصاحب الفعل، ووجدت المحكمة أن المتهم استخدم يده وقدمه في الضرب على الوجه وأعلى البطن، وهذا لا يجعل المحكمة تقرر أن المتهم قصد ذلك لأسباب، وهي أن المريضة مصابة بالغدة الدرقية، وذكر الطبيب الشرعي الذي مثل شاهد دفاع أن الغدة الدرقية تؤثر على الشخص، والسائل الرغوي سببه الفشل التنفسي، كما أن والدة المجني عليها رفضت إسعافها ودفعت بأن ابنتها توفيت وهي ليست بطبيب، ورأت المحكمة أن والدة المرحوم تسببت في تأخير إسعافها وذلك يؤثر في القصد الجنائي، كما أشار استشاري الغدد بأن تأخير الإسعاف يكثر من النزيف، وكذلك قول الشاهدة بأنها لم تسقط بسبب (الكف) وإنما بالركلة، وهذا ما لم يذكره تقرير التشريح، والطبيب الشرعي ذكر أن اليد تعتبر آلة صلبة إذا ما استخدمت بقوة، وإفادة الشاهدة تؤكد عدم سقوطها، ورأت المحكمة أن استخدام المتهم لقدمه لا يجعله يعلم بأن الموت نتيجة راجحة لفعله، ويفهم من المستند الطبي أن ارتطام المرحومة بالأرض أو بأي جسم صلب يجعل الموت نتيجة محتملة، وعليه خلصت المحكمة إلى أن الضربة أدت لسقوطها، وارتطام رأسها أدى لإصابتها بالارتجاج، ورأت المحكمة أن والدة المجني عليها تصرفت تصرفاً غريباً بعدم إسعافها لمدة (4) ساعات، ومحاولة المتهم إسعافها وتعنت الوالدة، بالتالي يثبت للمحكمة أن المتهم لم يقصد قتل المرحومة، وبانتفاء القصد الجنائي يسقط الركن المعنوي لجريمة القتل. وعليه قررت المحكمة إدانة المتهم تحت طائلة المادة (131) من القانون الجنائي. وبسماع المحكمة للظروف المخففة التي قدّمها ممثل الدفاع عن المتهم الأستاذ (جعفر كجو) وقعت عليه عقوبة السجن ودفع الدية لأولياء الدم.