في العاصمة البريطانية لندن أُستقبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما استقبالاً حافلاً وخاطب مجلسي العموم واللوردات في قاعة ويستمنستر ونبهت الصحف وأجهزة الإعلام إلى أن ذلك لم يتسنَ من قبل إلَّا لأربعة لم يكن من بينهم رئيس أمريكي. وكان من بين هؤلاء الأربعة الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول وزعيم جنوب إفريقيا وبطلها نيلسون مانديلا وهو أمر لافت فعلاً أن يُحظى الرئيس أُوباما في لندن بما لم يحظَ به رؤساء أمريكيون كبار من أمثال ويلسون صاحب النقاط الأربع عشرة وفكرة عصبة الأمم ورئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية أيام الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918م. وكان رئيس وزراء بريطانيا في تلك الحرب هو زعيم حزب الأحرار المحامي الويلزي الخطيب لويد جورج وقد استطاع أن يقود بلاده بكل حنكة إلى الانتصار في تلك الحرب التي كان من تداعياتها زوال الخلافة العثمانية. ولم يلقَ هذا التقدير الذي لقيه الرئيس أُوباما في لندن رئيس أمريكي آخر من العيار الثقيل هو فرانكلين روزفلت الذي قاد بلاده إلى الانتصار في الحرب العالمية الثانية التي اشتعلت عام 39 وانتهت عام 1945م وكان يرأس الحكومة البريطانية في تلك الفترة السياسي الشهير وينستون تشرشل وقد قاد بلاده أيضاً إلى الانتصار في تلك الحرب على قوات المحور المؤلّفة من ألمانيا وإيطاليا واليابان. وكان تشرشل يهتم اهتماماً خاصاً بتقوية علاقة بلاده بالولاياتالمتحدةالأمريكية وربما كان وراء ذلك اختلاط العام بالخاص فمن ناحية هناك اللغة الواحدة، وهناك القوة الأمريكية الجبارة التي رجّحت كفة الحلفاء عندما اشتركت أمريكا في الحرب. ومن ناحية أخرى فإن الأمريكيين هم أخوال تشرشل فأمه أمريكية. وكانت العلاقات الأمريكية سمناً على عسل أيضاً قبل سنوات قليلة عندما كان الرئيس الأمريكي هو بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني هو زعيم حزب العمال البريطاني توني بلير.. وكأن العلاقات بين البلدين لا تزدهر إلا في الحرب، فقد ازدهرت العلاقات بينهما، وبين بوش وبلير أيام الحرب على العراق، لكنها كانت تشهد أيضاً بعض البرود والفتور على نحو ما حدث خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م وكان يرأس الولاياتالمتحدةالأمريكية أحد كبار أبطالها في الحرب العالمية الثانية الجنرال دوايت آيزنهاور وكان أنتوني إيدن هو رئيس الحكومة البريطانية. والآن هناك بقايا حرب على الإرهاب وحرب محدودة في أفغانستان. وغارات شمالية أطلسية على ليبيا وقد تسهم هذه الحروب والغارات ومعها الشباب المشترك واللغة الواحدة في تعزيز العلاقات الأمريكية البريطانية في هذا العهد، عهد الرئيس الأمريكي أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.