يحلو لي أن اشبه برامج (التووك شو) بالعطر السوداني البلدي المعروف عنه أنّه كلما مرت عليه الأيام تعتق وتفتق عطره وفاح وأصبح أكثر جرأة وافتضاحاً لأنه يصل الأنوف بالقوة الجبرية لمكوناته المعطونة بالطيب.. ووجه الشبه أن برامج التووك شو تكتسب بمرور الوقت، ومع ما تتناوله من مواضيع جريئة قريبة ومغموسة في هموم المواطنين ومشاكلهم، تكتسب رواجاً واندياحاً وصك استمراريّة بأمر المشاهد الذي أصبح متاحاً له أن يقول رأيه في ما يقدم له من خلال مواقع الفضائيات (وفيس بوكها) للتواصل. لذلك أستغرب عندما أجد برنامجاً (كحزمة ضوء) يسير بالمقلوب، إذ أنني تفاءلت بأنه سيتطرق في خط بياني متصاعد إلى قضايا خطيرة تمس المواطن السوداني المهموم بمشاكل كثيرة، وأن سيفتح الملفات المسكوت عنها في نقاش ثر وموضوعي، تشاركه أطراف عدة، إلى أن فاجأتني الحلقة الأخيرة منه بأن يكون الموضوع الأساسي عن الأرصاد الجوي. ومع كامل احترامي لهذه الهيئة المهمة والاستراتيجية إلا أن الأسئلة التي وجهت لمديرها كانت استفسارية ومن النوع الفطير، وكان يمكن أن تكون فقرة جانبية وليست أساسية، في ظل قضايا الحديث عنها ضروري هذه الأيام، مثل زيارة السيد الرئيس إلى حلايب، هذا الملف المهم والخطير، أو الحوار الأخير في الدوحة بين الفصائل الدارفورية والحكومة، أو موضوع آخر هو الشغل الشاغل للمهتمين والتربويين والحادبين على مستقبل هذا البلد، وأعني حكاية العنف الجامعي بين الطلاب، هذه الظاهرة التي تفشت في أكثر من جامعة مؤكد لها أسبابها وتداعياتها أيضاً! العايزه أقوله إن برامج التووك شو تستمد جماهيرتها من جرأة طرحها وإدخال يدها في حجر العقارب دون خوف إلا من الله، والأمانة والمسؤولية تجاه هذا الشعب الذي يفتقد لبرامج حقيقية تكون لسان حاله المعبر عن آلامة وآماله وقضاياه، لذلك فإن أراد الإخوة في برنامج حزمة ضوء أن يقدموا برنامجاً حقيقياً وثراً، خاصة وأن أحد مقدميه رئيس تحرير لصحيفة كبيرة، مؤكد يعلم الكثير من الخفايا مما يجعله قادراً على صناعة الدهشة والتكتيك اللازم للهجوم، وآراؤه مؤكد ستمنح تيم الإعداد خيوطاً لمواضيع ساخنة وتلسع!! في العموم الحلقة الأخيرة من البرنامج جاءت باهتة وباردة وغير محفزة على المتابعة، والأسئلة كانت أقرب إلى السذاجة، من شاكلة (بتقولوا جايَ مطره وما بتجي)؟ وكان الأولى (بالزرزرة) الشؤون الهندسية بالولاية التي لاتعمل إلا في الخريف، والمفترض أن تكمل استعدادها ما قبل الخريف قبل ما اللواري والناس تقيف!! { كلمة عزيزة كل من يتابع فضائية النيل الأزرق هذه الأيام يتضح له تماماً مدى اعتمادها على البرامج التي قدمت من قبل أكثر من مرة، والجديد الأوحد فيها هي البرامج الإعلانية، وهذه حالات طارئة تكسر رتابة اللابرمجة التي تعيشها القناة هذه الأيام، وهذا ما يجعلني أسأل: هل الإنتاج متوقف تماماً عن أي برامج جديدة؟ وأقصد بالطبع المنوعة بما فيها من لقاءت فنية وأدبية وجماهيرية، وهو طابع عوّدت النيل الأزرق مشاهديها عليه.. أعتقد لو أن النيل الأزرق أوقعت بنفسها تحت عجلات التكرار ستفقد معظم مشاهديها، وصعب جداً أن تعيدهم إليها (لو ركوا في عش تاني). { كلمة أعز بعض الفنانين والممثلين المصريين اعتذروا عن موقفهم المعادي للثورةالمصرية بأنهم لم يكونوا متفهمين للحاصل ولم يكونوا على علم بمدى الفساد في السلطة، وهذا يجعل الأسئلة مشروعة من شاكلة: من أين يستمد المبدع وحيه إن لم يكن على صلة بالواقع؟ وهل ينفع أن يعبر عن الناس وهو بعيد عنهم؟! أها ده موضوع جاهز يا حامد عثمان وخلونا من المطره والهواء!!