العمل الإعلامي الفاعل يرتكز على القواعد والأسس والمهارات العلمية والعملية للقائم بالاتصال التي تعينه على أداء مهامه بإتقان، وكلما زادت تجارب وخبرات القائم بالاتصال التراكمية ودافعه وإيمانه برسالته، ازداد نجاحه. وقد ذكر أرسطو في كتابه (عن البلاغة) منذ عهود طويلة أن البلاغة هي البحث عن جميع وسائل الإقناع المتوافرة، وأشار إلى أهمية دراسة ومعرفة الشخص الذي يتحدث (الخطيب) وربط مكانة المتحدث الاجتماعية بمدى تأثيره على الجهود، كما أكد على ضرورة التفاعل بين الخطيب والجمهور، وذلك يكون من خلال الأسلوب الشيق الجذاب والمنطق والحجج المقنعة. ورجل الإعلام الناجح هو الذي يعبر عن مضمون فكرته بصورة صحيحة من خلال فهمه لعقلية وميول الجمهور. المقدمة أعلاه للبروفسيور عبدالمحسن بدوي استهل بها ورقته المقدمة في ورشة تنمية الموارد البشرية في مجال الإعلام التي أقامتها أكاديمية السودان لعلوم الاتصال أمس الأربعاء بقاعة وزارة الإعلام، قدم خلالها ورقته جاءت بعنوان (الإعداد العلمي والعملي للمشتغلين بالإعلام)، وتضمنت عدداً من المحاور عن معايير اختيار العاملين في المجال الإعلامي وعددت بعض المعايير، منها القدرة على فهم أبعاد رسالته وخصائص وإمكانات الوسيلة وأن يكون على وعي تام وإدراك بالمسؤوليات إزاء المجتمع والدولة، وأن يكون موضع ثقته وقائد رأي في المجتمع والمقدرة على توصيل المعلومات وتفسير مدلولاتها، بجانب الكفاءة والاستعداد الإبداعي والانضباطي، إضافة إلى المقدرة على التعامل كتقنيات الاتصال الحديثة. وأكد بدوي على أهمية برامج التعليم والتدريب الإعلامي المنظمة وهي نفس التوصيات التي خرجت بها ورقة البروفيسور علي محمد شمو التي قدمها في ذات الورشة بعنوان (الإعلام والتكنلوجيا أين السودان في هذا السياق؟!)، وتضمنت العديد من المحاور، منها تعريف للإعلام وآخر للتكلنوجيا أو التقانة. وقال شمو إن التكنلوجيا الحديثة أحدثت تغييراً جوهرياً في اتجاه الرسائل ووفرت للمتلقي فرصاً جديدة لم يكن يحلم بها في السابق وأصبح بفضلها قادراً على التعامل والحوار الآني وإبداء الرأي وتوضيح وجهة نظره في ما يتلقى من رسائل فوراً وفي نفس اللحظة ما يسمى بالحداثة والفورية، تبعاً لذلك فقد ولد جيل جديد أو مفهوم جديد للإعلام أطلق عليه الإعلام الجديد (NEW MEDIA) وهو الذي يشكل الآلة الإعلامية الهائلة التي تدير العالم اليوم وتتحكم في كل ما يتعلق بالنظام الكوني الذي تتحرك في داخله السياسة والاقتصاد والنظم الاجتماعية والثقافية والقيمية التي أصبحت تدار وفق نظام جديد يقوم على المعلومات والمعرفة ومن خلال عالم افتراضي جديد يسير جنباً إلى جنب مع العالم الحسي الذي تتحرك فيه أجسادنا وقوانا التقليدية.. إنه عالم يتصل فيه الناس في الزمن الحقيقي (REAL TIME) ويتداولون ويتحاورون ويتسامرون وكأن لم تكن بينهم مسافات وأبعاد ومساحات ومواقيت تجعله واحداً في زمن القائلة أو منتصف النهار والآخر في منتصف الليل، وأضاف شمو: بل قد يكون بعضهم في يوم والآخر في يوم آخر ومع ذلك اللقاءات مستمرة والحوارات قائمة، بل إن أنظمة المعلومات تستطيع أن تتحاور معك مباشرة وفي أي وقت وفي أيه لحظة وتقضي لك كل ما تسعى إليه من عمل في غياب كامل للبشر. وأشار شمو إلى أن التكنلوجيا ليست وقفاً على الإعلام بل أسهمت في تغيير وتطوير كل وسائل الحياة وكل المجالات، وذكر الفوائد التي جناها السودان من تقانة الاتصالات والمعلومات L.C.T في مجال الإعلام الجديد (NEW MEDIA) والذي أوضح بأنه مجموعة من التطبيقات الحديثة التي وفرتها شبكة الإنترنت منها فقد بلغ عدد المستخدمين للهاتف السيار 17 مليون مشترك حتى كتابة هذه السطور وهم في زياة صاروخية لا تستقر أرقامها على حال، وسائل الاستقبال والتلقي من الأقمار الصناعية، ففي استطاعة أي مواطن وفي أي مكان في هذا السودان أن ينصب اللاقط (DISH) ويستقبل أعداداً لاتحصى من القنوات الفضائية التي يعج بها الفضاء الخارجي، وكذلك إجراء المحادثات الدولية والدخول إلى شبكة الإنترنت ويتعامل مع من تريد في هذا العالم واستخدام تقنية الFM في بث الراديو مكن الدولة من التصديق لقطاعات خاصة لتقديم خدمات متنوعة للجمهور (رياضية، ثقافية، اقتصادية، تعليمية، دينية) وقد وفرت هيئة البث تقنية متطورة لاستضافة أجهزة الإرسال لكل المحطات المصدق لها في الخرطوم وغيرها. وقدم د. مجذوب بخيت محمد توم عميد كلية علوم الاتصال بجامعة بينوك ورقة عن اقتصاديات الإعلام، تعرض خلالها لأهم المعوقات التي حالت دون قيامها بوظائفها التي تتمثل في (التثقيف، الترفيه، التعليم، التنمية، الإرشاد والتوجيه، الدعاية والإعلان) على أكمل وجه، والمعوقات بحسب ورقة بخيت تتمثل في عدم توفر الإرادة السياسية، عدم الاستقرار السياسي والإداري والبيروقراطية وضعف رأس المال الذي أدى إلى ضعف المؤسسات مثل الصحافة والتلفزيون وعدم الملاءمة بنية العمل وغياب نظام توظيف يقوم على الحقوق والواجبات ومشكلة التعاطي مع اللغة (اللسان، ولغة الخطاب). وقدم الأستاذ فخري عبدالقادر علي من قناة الشروق ورقة التجارب الناجحة في مجال الإعلام - قناة الشروق، تطرق خلالها للقنوات الفضائية السودانية ورسالاتها وأهدافها، كما أسهب في تفصيل برامج قناة الشروق وقيمها ورسالتها ورؤيتها وكذلك هوية القناة.