والعام الدراسي هاجس مروع.. تبدأ معاناتنا معه قبل أن يبدأ ما بين الأقساط المدرسية والأدوات والمستلزمات.. ومراجعة الدروس ومشاكل أبنائنا خلال العام والمصروفات والمطالبات المادية الطارئة وغيرها. واحدة من مشاكلي الأساسية تكمن في الحقيبة المدرسية والحذاء المدرسي وأقلام الرصاص، فالأخيرة لم تعد كالسابق وأصبحت كلها (خشابية)، العلاقة بينها وبين (المبرأة) علاقة عداء تتطلب عدم التعاون والاستجابة.. فالقلم لم يعد يستجيب لجهود المبرأة التي تمعن في النيل منه حتى ينتهي تماماً. أما الحذاء والحقيبة فإنني أضطر لشراء أكثر من ثلاث أو أربع حقائب ومثلها من الأحذية خلال العام الدراسي!! وإذا أخذنا الحقيبة الدراسية كنموذج لواحدة من إشكالاتنا خلال العام وجدنا أنها لا تلبث أن تتمزق ولا تقوى على حمل أغراض أبنائنا.. البعض يرجئ الأمر لأسباب تتعلق بمعدل جودة البضاعة الصينية غالباً.. إذ أنها البضاعة السائدة في السوق.. فكل شيء بات صينياً و(صنع في الصين). ولكني لا أظنه سبباً كافياً لاستمرار حكايتنا المحزنة مع الحقائب والأحذية، حتى وإن افترضنا أن هذه الأحذية تعاني من نشاط أبنائنا الزائد وحركتهم المتواصلة.. إذاً ما المشكلة؟ وإن لم يكن بالإمكان الوقوف على حقيقة المشكلة فما هو المطلوب لنضمن التعايش السليم مع هذه المنتجات دون أن تهلك كاهلنا بمتطلبات زائدة فوق طاقة احتمالنا الاقتصادي؟!. لقد بدأت أمعن في التأكيد على أبنائي للاهتمام بالحقيبة المدرسية والعناية بها وتدليلها كي تعيش طويلاً، وقد تطور الأمر للتهديد والوعيد لكل من تسول له نفسه التهاون في العناية بحقيبته بأنني لن أسعى إلى توفير أخرى له إذا حدث لا قدر الله أي حادث لحقيبته الحالية العزيزة. ثم تفتق ذهني عن فكرة جهنمية ليست جديدة ولكنني استدعيتها من الماضي الجميل، حيث كنا نكتفي بحمل كتب وكراسات اليوم في حقائبنا وفق الجدول الدراسي للحصص والذي كان أبرز ملامح الفصل الدراسي على أيامنا، يعلق في مكان بارز وبصورة جميلة وهو غالباً ثابت لا يتغير طوال العام ويستخدم بدقة متناهية ما لم يحدث طارئ للمعلمين يستدعي استبدال الحصص المنظمة. ولكنني فوجئت بأن أبنائي لا يعرفون شيئاً عن هذا الجدول، وإن وجد فهو قاصر على مكاتب المعلمين ليبين لهم نشاطهم اليومي أما الطلاب فلزاماً عليهم أن يحملو كل كراساتهم وكتبهم على ظهورهم يومياً في هذه الحقيبة المفتقرة لمواصفات الحقيبة المثالية والصحية والملائمة لأعمارهم وأحجامهم وإمكانياتهم ذهاباً وإياباً في رحلتهم المستمرة سعياً وراء التحصيل العمري، دون أدنى اعتبار للمخاطر المحتملة من تقوسات وآلام في العظام وإنهاك وإهدار لطاقاتهم إلى جانب ما يكابدونه نفسياً من سخط على هذه الحقيبة المتعبة والتي ينوءون على حملها وهم من ذلك ضجرون. وقد يرى البعض أن هذه أمور هامشية وثانوية في إطار إشكالات الطلاب مع التعليم، ولكن التطور والإنسانية يضعان في المقام الأول تهيئة بيئة دراسية مريحة وصحية وجاذبة للطالب، لا سيما هؤلاء الصغار المساكين.. فهل توقفت يوماً وأنت تشاهد تلميذاً صغيراً دون السابعة وهو يحمل على ظهره حقيبة مدرسية ضخمة وممتلئة وأمعنت النظر في مشيته وكأنه حمار يحمل أثقالاً يجرجر قدميه ويمد رقبته ليتمكن من شحذ قواه لحمل هذه الحقيبة، ثم نمعن في ظلمه والقسوة عليه ونطالبه بتحصيل دراسي مثالي ونتائج مبهرة!! والمضحك المبكي أنني علمت أن الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس متمثلة في اللجنة الفنية للعب ومستلزمات الأطفال لديها مواصفة وشروط معينة للحقيبة المدرسية، أما متى وصفتها وكيف ستطبق فهذه أسئلة تعسفية لا وقت لي للإجابة عنها كوني في طريقي نحو السوق لأشتري لأبنائي حقائب مدرسية غير مطابقة للمواصفات لأن العام الدراسي الجديد قد أزف وكل عام وأنتم وأبناؤكم وحقائبهم الدراسية بألف خير. تلويح: ما دامت هناك مواصفة خاصة للحقيبة المدرسية فلا بد من وجود أخرى للأدراج والمقاعد وهذه حكاية أخرى قد نحكيها يوماً في (فسحة الفطور)، ورحم الله أدراجنا العزيزة ذات (الطبلة) التي كانت تمنحنا الخصوصية والأهمية والراحة.