الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقيبة المدرسية ثقل يقود إلى التشوه! (2/2)
نشر في الصحافة يوم 26 - 08 - 2012

تشكل الحقيبة المدرسية جزءا من شخصية التلميذ وهو يضعها على ظهره صباحا ويستعد للذهاب للمدرسة.. مشهد مألوف كل صباح في هذا الشارع او ذاك ورغم انه يبعث الامل والتفاؤل في اقبال هؤلاء الصغار على النهل من العلم الا انه بالمقابل تشكل حقيبته هاجسا له ولأسرته وذلك لثقل وزنها إذ نجد التلميذ «منكباً» الى الامام يتقدمه وجهه الذي يعكس الحمل الثقيل على ظهره.. دفعني هذا «المنظر» الذي اشاهده يوميا «داخل منزلي» اولا ثم الشارع العام لاعداد هذه الدراسة والتحقيق حول الحقيبة المدرسية لذلك حشدت لها الكثير من الآراء التي تنوعت بين خبراء التربية والتعليم والاطباء مروراً بخبراء علم النفس والاجتماع ولم اسقط من حساباتي أمهات الطلاب وأولياءهم والطلاب انفسهم..
وعن الصحة المدرسية يحدثني الدكتور خوجلي ابراهيم زروق الخبير في الصحة المدرسية والمدير السابق للصحة المدرسية بولاية الخرطوم قائلاً:
لا شك ان الهدف الرئيس من قيام صحة مدرسية هو تعزيز صحة الابناء الطلاب والمحافظة عليها، وان التوجه الحديث للصحة المدرسية في سياق تطورها هو التوجه الوقائي الذي يمنع ويقلل من حدوث الامراض بمختلف اسبابها المعدية والمكتسبة منها عبر النمط المعيشي والعادات والتقاليد والسلوكيات الصحية الخاطئة، والصحة المدرسية الجادة تبحث في كل ما يؤثر على صحة ابنائها لكي تضع العلاج اللازم وتوجه للوقاية منها قبل وقوعها.
ويضيف الدكتور خوجلي ابراهيم زروق، انه ومن ضمن هذه المشكلات الصحية، التأثيرات الجانبية لحمل الحقيبة المدرسية خصوصا للطلاب صغار السن منهم، وقد تناولت بعض الدراسات العلمية للصحة المدرسية، اثر الحقيبة المدرسية بوزنها وطريقة حملها على العضلات والمفاصل وهل يؤدي ذلك الى مشكلات تتعلق بآلام الظهر والعنق والكتفين وهل له علاقة بتقوس العمود الفقري، وهل لذلك الحمل الخاطئ للحقيبة آثار نفسية وفسيولوجية؟.
نتائج ودراسات:
اظهرت الدراسات العلمية أن (80% 90%) من الطلاب في كل دولة يستخدمون حقائب الظهر، وبالرغم من تفاوت وزن الحقائب المدرسية في الدراسات المختلفة فان أغلب هذه الدراسات اشارت الى أن متوسط وزن الحقائب كان دائما أعلى من الوزن الموصى به من خبراء الصحةة وهو (10%) من وزن الطالب.
ففي ايطاليا مثلا اجمعت دراسات اثبتت ان الطالب يحمل حقيبة يتراوح متوسط وزنها خلال ايام الدراسة ما بين (22% 27.5%) من وزنه، وان حوالى (35%) يحملون حقائب تزن اكثر من (30%) من وزنهم وقد وجد ان وزن الحقيبة ليس مؤشرا لحدوث آلام الظهر.. بينما وجد ان ارتباطا وثيقا بين شعور الطلاب بالتعب والارهاق وشعورهم بآلام الظهر كما اتضح من الدراسة ان الطلاب الذين يشعرون بالتعب والارهاق بعد حمل الحقيبة كانوا اكثر عرضة لآلام الظهر اربع مرات تقريبا مقارنة بالطلاب الذين لا يشعرون بالتعب.
كما أن الطلاب الذين عانوا سابقا من آلام الظهر كانوا أكثر عرضة لآلام الظهر أثناء حمل الحقيبة ست مرات وتقريبا مقارنة بالطلاب الذين لم يسبق لهم المعاناة من هذه الآلام.
وقد أظهرت دراسة مقطعية أجرتها جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة ضمت اكثر من14000 طالب اظهرت ان العوامل النفسية والاجتماعية اكثر أهمية من العوامل الميكانيكية في حدوث آلام الظهر في الاطفال وتتوافق هذه الدراسة مع أخرى اجريت في سويسرا وبلجيكا.
وفي الولايات المتحدة اثبتت الدراسات ان متوسط وزن الحقيبة يتراوح بين (10.3% 20%) من وزن الطالب، وان حوالى (73%) من الطلاب يحملون الحقيبة مستخدمين كتفا واحدا، الا ان دراسات اجريت بعد ذلك عام (2002م) اظهرت تناقضا كبيرا في هذه النسبة يصل الى (30%) يرجع ذلك الى برامج التوعية الصحية (حمل الحقيبة بطريقة صحيحة) توزيع وزنها على الكتفين والظهر، وفي المملكة العربية السعودية قام فريق بحثي من الادارة العامة للصحة المدرسية للبنين في العام (2005 2006) باجراء دراسة وصفية مقطعية دقيقة بهدف التعرف على انواع الحقائب المدرسية التي يستخدمها الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، وأساليب حملها ومتوسط وزنها ثم متوسط وزن الحقيبة الى وزن الطالب الذي يحملها بلغت عينة الدراسة (1600) طالب (300 المرحلة الابتدائية 160 المرحلة المتوسطة، و140 من المرحلة الثانوية) استخدمت الدراسة الطريقة العشوائية متعددة المراحل لتوزيع عينة الدراسة، ثم اختارت خمس ادارات تعليم وملخص مبسط لهذه الدراسة الدقيقة انه ثبت ان وزن الحقيبة التي يحملها الطالب في المعدل العام يساوي (3.3 كلجم) ويتراوح معدل نسبة وزن الحقيبة الى وزن الطالب (8.3%) وان وزن الحقيبة الى وزن الطالب يقل بتقدم المرحلة الدراسية حيث بلغ متوسط وزن الحقيبة الى وزن الطالب (99%) لطلاب المرحلة الابتدائية و(7.2%) لطلاب المرحلة المتوسطة و(6%) لطلاب المرحلة الثانوية.
وخلاصة الدراسة ان نسب الطلاب الذين يحملون حقائب مدرسية تزيد أكثر من (15%) من اوزانهم هي (10.7%) من طلاب المرحلة الابتدائية و(2.5%) من طلاب المرحلة المتوسطة و(2.1%) من طلاب المرحلة الثانوية، ومن هنا جاء التوجيه لادارات الصحة المدرسية بالمحافظات بتكثيف التوعية الصحية لطلاب المدارس الابتدائية.
المشكلات الصحية الناتجة من استخدام حقيبة الظهر:
تتمثل هذه المشكلات في بعض التأثيرات الحيوية على الطلاب نختصرها في الآتي:
(1) التأثير الميكانيكي: لكي يتكيف الطفل مع حقيبة الظهر ثقيلة الوزن فلابد له من:
(أ) زيادة ميل الجزع الى الامام، وهذا يزيد بزيادة وزن الحقيبة.
(ب) ضيق الزاوية القحفية الفقرية.. وذلك برفع الرأس للامام عند المشي لكي يتكيف مع هذا الوزن الزائد.
(ج) زيادة انحناء العمود الفقري للخلف لاحداث توازن بين وزن الحقيبة وكتلة البطن.
(د) تغيير طريقة المشي من حيث المسألة بين الخطوات وسرعة الخطوات ودرجة التمايل للجانبين وكذلك الوقت اللازم لتأرجح اليدين اثناء الحركة.
كل ذلك يتعرض له الطفل لسببين:
الاول ان الجهاز الهيكلي للاطفال يحوي كمية كبيرة من الغضاريف خصوصا في مناطق النمو وهذه الغضاريف هي اماكن نمو العظام.
والسبب الثاني: نقص مرونة الانسجة المحيطة بالعظام من عضلات واوتار عضلية واربطة.. وضعف التوازن العضلي فاثناء النمو يصاحب النمو الطولي للعظام استطالة لهذه الانسجة وعندما تقع تحت قوة شد نتيجة للحمل الزائد تصبح أقل مرونة.
(2) التأثير الفسيولوجي
بينت معظم الدراسات بأن هنالك تأثيرات على الجهاز التنفسي في ان نسبة استهلاك الاوكسجين والتهوية ومعدل التنفس يعتمد على وزن الحقيبة وذلك عبر حركة عضلات البطن والصدر اللازمة لعملية التنفس.
(2) هنالك ارتباط وثيق بين ضغط الدم مع وزن الحقيبة المحمولة، وهنا اثبتت الدراسات ارتفاع ضغط الدم بعد 20 دقيقة من المشي مع حمل حقيبة تزن اكثر من (20%) من وزن الطفل.
(3) التأثير النفسي:
اثبتت الدراسات كما ذكرنا سابقا بان هذه المشكلات النفسية اكثر تأثيرا على الطفل وذلك يتمثل في الشعور بالتعب والارهاق وبعض نوبات الصداع والغثيان والضغط النفسي مع آلام في الظهر.
واخيراً يرى الباحثون ان وزن الحقيبة المدرسية الذي لا يزيد عن (10%) من وزن الطالب الذي يحملها هو مناسب وذلك استنادا الى دلالات وبائية وميكانيكية حيوية فسيولوجية ونفسية. وبالرغم من ذلك فان وزن الحقيبة قد لا يكون كافيا للوقاية من آلام الظهر والجهاز العضلي والهيكلي.
فشكل الحقيبة والمدة التي يجب حملها، والحالة الصحية واللياقة البدنية الناتجة من ممارسة الرياضة وعدم الخمول بالجلوس لفترة طويلة امام التلفاز والحاسوب وطريقة النمط المعيشي للاطفال من حيث التغذية وكذلك الحالات الوراثية وغير ذلك من عوامل مهمة يجب اخذها في الاعتبار.
أشواق وأمنيات:
وأخيراً جداً نتمنى أن تجرى مثل هذه الدراسات العلمية المهمة في هذا البلد الطيب بواسطة ادارات الصحة المدرسية الكثيرة والمتعددة الاغراض والاهداف او أي جهات أخرى صحية كانت أم تربوية وذلك لخصوصية المدارس في المجتمع السوداني، وذلك في ان معظمها منتشر في القرى النائية حيث يمشي الاطفال المساكين الى مسافات بعيدة سيرا على الاقدام حاملين لمثل هذه الحقائب الثقيلة. وان تضع هذه الدراسات التوصيات اللازمة لأولياء الامور وادارات المدارس وادارات التعليم لتعم الفائدة الجميع.
ولتسليط الضوء على الأثر النفسي لحمل حقيبة مدرسية ثقيلة على ظهر التلميذ جلست الى الدكتورة نجدة عبد الرحيم بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا التي اوضحت قائلة: تمثل الحقيبة المدرسية مشكلة حقيقية بالنسبة لتلاميذ الاساس حيث ان حجم الحقيبة وشكلها المكتظ بالورق يسبب ازعاجا وقلقا وذلك لأن الحقيبة المدرسية الكبيرة الممتلئة بالكتب الكثيرة تمثل عبئا وواجبا يرهق التلاميذ لاعتقادهم ان عليهم انجاز واجبات وحفظ واستيعاب كل المعلومات التي تتضمنها الحقيبة على كثرتها وصعوبتها وبالرغم من ان العاملين في مجال التعليم يدركون تماما ويعلمون اهمية علم النفس التربوي الذي يعنى بكل ما يخص التعليم والعملية التربوية بما فيها المناهج والمقررات الدراسية وكيفية وضع جدول الحصص وشكل المدرسة والادارة.
تعتبر كمية الكتب التي يحملها التلميذ احدى المشاكل الاساسية لما يترتب عليها من آثار نفسية وجسمية حيث ان التلميذ يكسوه الهم عندما يرى الحقيبة الممتلئة والمتكدسة بكميات من الكتب والكراسات والادوات والتي لزاما عليه ان يحملها من وإلى المدرسة ما يجعل التلميذ في نهاية اليوم منهك ذهنياً وجسديا ولا يستطيع فعل اي شيء حتى التحصيل يصبح عنده مجرد واجب كما ان حمل الحقيبة لمسافات وزمن طويل يرهق ظهر الطفل ويؤثر في نموه وبالتالي قد يعاني من مشكلة الوضع الصحيح للاستذكار الذي ينعكس بشكل مباشر على صحته وهنالك اطفال يظهرون تذمرا تجاه هذا الجهد والتعب بالهروب الذي يظهر في شكل اضطرابات نفسية تتمثل في اعراض عضوية مثل آلام البطن والصداع والاسهال والغثيان وقد تكون هذه شرارة تؤدي لكراهية المدرسة التي يترتب عليها التسرب الدراسي وللوقاية وحتى لا يتأثر ظهر الطفل بأي مشكلة ننصح بعدم حمل الطفل لحقيبة مدرسية ثقيلة خاصة في سني دراسته الأولى مع ضرورة (تعويد) الطفل على حمل الحقيبة بطريقة صحيحة مع النظر بعمق من اختصاصي المناهج في ايجاد منهج يقلل من مخاطر الحقيبة المدرسية لاحقاً.
الجدول غير قابل للتغيير:
أنسب الحلول هو الزام المدارس بوضع جدول ثابت غير قابل للتغيير تحت أي ظرف هذا ما اوضحته الاستاذة نجلاء عبد الماجد الباحثة الاجتماعية قائلة لابد من توزيع المواد المدرسية في جدول الحصص اليومي توزيعا منتظما بحيث يراعي الموازنة بين المواد النظرية والعملية مع توفير ادراج محكمة القفل لكي يتسنى للتلميذ وضع ادواته داخلها لتصبح حقيبته خفيفة عند الرجوع وفي رأيي ان هذا هو انسب الحلول وانجحها بجانب قيام ورش توعوية لتثقيف أولياء الامور والمعلمين من قبل الصحة المدرسية فيما يخص اضرار ثقل الحقيبة المدرسية وآلية تخفيف الحقائب والواجبات المدرسية علما بان ثقل الحقيبة يؤدي لبذل مجهود أكبر وبالتالي يكون هنالك تأثير ذهني وجسدي ونفسي وكل هذا يؤدي في النهاية الى التأثير في تركيز التلميذ ما يقلل من دافعية التعليم لديه..
الرئيس والوزير:
انتهى بي المطاف الى مكتب الدكتور يحيى صالح مكوار وزير التربية والتعليم السابق ولاية الخرطوم.. جمعت اسئلتي ونثرتها على طاولته واكدت له ان المتهم الاول المباشر هو المنهج الذي تتعدد كتبه وكراساته الامر الذي يجعل الحقيبة المدرسية ثقيلة على الطلاب.. تهدد مستقبلهم الصحي وذلك باثبات آراء الأطباء التي وردت ضمن طيات البحث والتي شرح فيها كل طبيب كل حسب تخصصه مشكلات الحقيبة المدرسية واشتراطاتها الصحية كما لم يغفل البحث والتقصي عن تدوين آراء التربويين وخبراء علم النفس والاجتماع اضافة لامهات الطلاب ونموذج لأكثر من تلميذ.. اذاً ما هو رأيكم سيادة الوزير خاصة وان رئيس الجمهورية أبدى ملاحظته خلال مؤتمر التعليم العام الماضي عن الحقيبة المدرسية وطالب بتخفيفها ما يعني (قلق) الرئيس تجاه ما يشاهده من حقيبة ثقيلة جاء رد الوزير موضحاً ان هذا الموضوع من الاهمية بمكان ويستدعي اتاحة اكبر حيز للنقاش يشترك فيه كل اهل الاختصاص فهو يجمع بين كثير من الاطراف يكون ختامها او مخرجها تلك الحقيبة الممتلئة وخيراً فعلت يا استاذة اخلاص بطرح هذا الموضوع وجمع خيوطه التي ظهرت في ثنايا حديثك اولا انا اؤكد ان غياب يوم السبت من الجدول اصبح عبئاً على الطلاب اذ تم توزيع حصصه على ايام الاسبوع الأخرى فتشكل بذلك عبئاً اضافيا على الطفل ولقد طرحت أمر العودة ليوم السبت كيوم دراسي وناقشت مجلس الوزراء في ذلك فأشار المجلس بضرورة قيام ورشة تضم كل جهات الاختصاص ولم يتم تحديد تاريخ قيامها.. من أسباب تكدس الكتب داخل الحقيبة وارهاق ظهر التلميذ تخلي بعض الاساتذة عن الالتزام باكمال اليوم الدراسي داخل المدرسة المعنية اذ ان هؤلاء المعلمين يرتبطون بحصص اخرى في (مدارس خاصة) أملاً في عائد سريع وجاهز وهنا تظهر المشكلة اذ لابد ان يملأ (الحصة الفاضية) معلم آخر لمادة أخرى لذلك تتجه المدارس بالزام الطلاب باحضار كل الكتب والكراسات المدرسية وبذلك تصبح الحقيبة عبئاً على التلميذ لذلك لابد من الانضباط التام من ادارة المدرسة وتوفير البيئة الجيدة للمعلم والطالب معا حتى لا نرهق ظهر التلميذ بالحقيبة وانا اتفق معك ان المنهج نفسه يحتاج الى تغيير فالحشو والتطويل احد سماته وبالتالي يزيد من حجم الكتاب الواحد والكتب الاخرى والمنهج هنا في السودان شأن اتحادي وليس ولائي وادارة المناهج تشرك المعلمين الذين هم في المدارس التجريبية في وضع المنهج لكن هذه المدارس ليست خير مثال وهنا نجد ان الحقيبة كمواصفات بريئة من التهم الموجهة اليها لأنها خاوية تطابق المواصفات الموجودة لذلك لا بديل لثقل الحقيبة غير الالتزام بالجدول اليومي والعودة لمقاعد الدراسة يوم السبت كما كان سابقا، علماً بأن ثقل الحقيبة يرتبط بالمدارس الحكومية فقط ففي المدارس الخاصة يوجد المعلم بالمدرسة وهو الذي يعمل على توزيع جدول الحصص بالكيفية التي لا تؤثر فيها اجازة يوم السبت وقبل الخروج من مكتبه سألته ان كان الحل في عمل نسختين للكتاب احداهما بالمدرسة والثانية بالمنزل في معية التلميذ اجابني بأنها ستكون عبئاً على الوزارة كما انها فكرة غير عملية البتة.
خروج وخاتمة:
خرجت من مكتبه وشيء من الارتياح يكسو ملامح وجهي بعد بحث متواصل عن ثقل الحقيبة المدرسية والتنقيب داخلها كذلك وبعد وضع النقاط على الحروف مع السيد الوزير السابق وغيره من أدلى بدلوه في هذا التحقيق المخصص عن الحقيبة المدرسية التي وجد (البلاغ الاول) عنها الطريق الى اوراقي فتهيأ قلمي للكتابة والسرد.. لم أكن (الحكم) ولم أصدر (حكماً) لكني تمنيت (سرا) أن اشارك في رفع الثقل الذي يقود الى التشوه مستقبلا.
بعيدا عن ظهر فلذات أكبادنا الذين سعيت لطرح مشكلة حقائبهم المدرسية من خلال هذا التحقيق الذي اتمنى من (أعمق أعماق قلبي) ان (ينزل منزلتين) الأولى بردا وسلاما على احبائي الصغار ووعدي لهم بتسليط الضوء على القصص الموجعة التي نطقت بها الافواه البريئة والثانية ان ينزل منزلة (النواة) على طاولات جهات الاختصاص لتبدأ في تغيير وتبديل محتويات الحقيبة المدرسية.. وكم أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل الآراء لكل من يهمه الأمر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.