أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقيبة المدرسية ثقل يقود إلى التشوه! (2/2)
نشر في الصحافة يوم 26 - 08 - 2012

تشكل الحقيبة المدرسية جزءا من شخصية التلميذ وهو يضعها على ظهره صباحا ويستعد للذهاب للمدرسة.. مشهد مألوف كل صباح في هذا الشارع او ذاك ورغم انه يبعث الامل والتفاؤل في اقبال هؤلاء الصغار على النهل من العلم الا انه بالمقابل تشكل حقيبته هاجسا له ولأسرته وذلك لثقل وزنها إذ نجد التلميذ «منكباً» الى الامام يتقدمه وجهه الذي يعكس الحمل الثقيل على ظهره.. دفعني هذا «المنظر» الذي اشاهده يوميا «داخل منزلي» اولا ثم الشارع العام لاعداد هذه الدراسة والتحقيق حول الحقيبة المدرسية لذلك حشدت لها الكثير من الآراء التي تنوعت بين خبراء التربية والتعليم والاطباء مروراً بخبراء علم النفس والاجتماع ولم اسقط من حساباتي أمهات الطلاب وأولياءهم والطلاب انفسهم..
وعن الصحة المدرسية يحدثني الدكتور خوجلي ابراهيم زروق الخبير في الصحة المدرسية والمدير السابق للصحة المدرسية بولاية الخرطوم قائلاً:
لا شك ان الهدف الرئيس من قيام صحة مدرسية هو تعزيز صحة الابناء الطلاب والمحافظة عليها، وان التوجه الحديث للصحة المدرسية في سياق تطورها هو التوجه الوقائي الذي يمنع ويقلل من حدوث الامراض بمختلف اسبابها المعدية والمكتسبة منها عبر النمط المعيشي والعادات والتقاليد والسلوكيات الصحية الخاطئة، والصحة المدرسية الجادة تبحث في كل ما يؤثر على صحة ابنائها لكي تضع العلاج اللازم وتوجه للوقاية منها قبل وقوعها.
ويضيف الدكتور خوجلي ابراهيم زروق، انه ومن ضمن هذه المشكلات الصحية، التأثيرات الجانبية لحمل الحقيبة المدرسية خصوصا للطلاب صغار السن منهم، وقد تناولت بعض الدراسات العلمية للصحة المدرسية، اثر الحقيبة المدرسية بوزنها وطريقة حملها على العضلات والمفاصل وهل يؤدي ذلك الى مشكلات تتعلق بآلام الظهر والعنق والكتفين وهل له علاقة بتقوس العمود الفقري، وهل لذلك الحمل الخاطئ للحقيبة آثار نفسية وفسيولوجية؟.
نتائج ودراسات:
اظهرت الدراسات العلمية أن (80% 90%) من الطلاب في كل دولة يستخدمون حقائب الظهر، وبالرغم من تفاوت وزن الحقائب المدرسية في الدراسات المختلفة فان أغلب هذه الدراسات اشارت الى أن متوسط وزن الحقائب كان دائما أعلى من الوزن الموصى به من خبراء الصحةة وهو (10%) من وزن الطالب.
ففي ايطاليا مثلا اجمعت دراسات اثبتت ان الطالب يحمل حقيبة يتراوح متوسط وزنها خلال ايام الدراسة ما بين (22% 27.5%) من وزنه، وان حوالى (35%) يحملون حقائب تزن اكثر من (30%) من وزنهم وقد وجد ان وزن الحقيبة ليس مؤشرا لحدوث آلام الظهر.. بينما وجد ان ارتباطا وثيقا بين شعور الطلاب بالتعب والارهاق وشعورهم بآلام الظهر كما اتضح من الدراسة ان الطلاب الذين يشعرون بالتعب والارهاق بعد حمل الحقيبة كانوا اكثر عرضة لآلام الظهر اربع مرات تقريبا مقارنة بالطلاب الذين لا يشعرون بالتعب.
كما أن الطلاب الذين عانوا سابقا من آلام الظهر كانوا أكثر عرضة لآلام الظهر أثناء حمل الحقيبة ست مرات وتقريبا مقارنة بالطلاب الذين لم يسبق لهم المعاناة من هذه الآلام.
وقد أظهرت دراسة مقطعية أجرتها جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة ضمت اكثر من14000 طالب اظهرت ان العوامل النفسية والاجتماعية اكثر أهمية من العوامل الميكانيكية في حدوث آلام الظهر في الاطفال وتتوافق هذه الدراسة مع أخرى اجريت في سويسرا وبلجيكا.
وفي الولايات المتحدة اثبتت الدراسات ان متوسط وزن الحقيبة يتراوح بين (10.3% 20%) من وزن الطالب، وان حوالى (73%) من الطلاب يحملون الحقيبة مستخدمين كتفا واحدا، الا ان دراسات اجريت بعد ذلك عام (2002م) اظهرت تناقضا كبيرا في هذه النسبة يصل الى (30%) يرجع ذلك الى برامج التوعية الصحية (حمل الحقيبة بطريقة صحيحة) توزيع وزنها على الكتفين والظهر، وفي المملكة العربية السعودية قام فريق بحثي من الادارة العامة للصحة المدرسية للبنين في العام (2005 2006) باجراء دراسة وصفية مقطعية دقيقة بهدف التعرف على انواع الحقائب المدرسية التي يستخدمها الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة، وأساليب حملها ومتوسط وزنها ثم متوسط وزن الحقيبة الى وزن الطالب الذي يحملها بلغت عينة الدراسة (1600) طالب (300 المرحلة الابتدائية 160 المرحلة المتوسطة، و140 من المرحلة الثانوية) استخدمت الدراسة الطريقة العشوائية متعددة المراحل لتوزيع عينة الدراسة، ثم اختارت خمس ادارات تعليم وملخص مبسط لهذه الدراسة الدقيقة انه ثبت ان وزن الحقيبة التي يحملها الطالب في المعدل العام يساوي (3.3 كلجم) ويتراوح معدل نسبة وزن الحقيبة الى وزن الطالب (8.3%) وان وزن الحقيبة الى وزن الطالب يقل بتقدم المرحلة الدراسية حيث بلغ متوسط وزن الحقيبة الى وزن الطالب (99%) لطلاب المرحلة الابتدائية و(7.2%) لطلاب المرحلة المتوسطة و(6%) لطلاب المرحلة الثانوية.
وخلاصة الدراسة ان نسب الطلاب الذين يحملون حقائب مدرسية تزيد أكثر من (15%) من اوزانهم هي (10.7%) من طلاب المرحلة الابتدائية و(2.5%) من طلاب المرحلة المتوسطة و(2.1%) من طلاب المرحلة الثانوية، ومن هنا جاء التوجيه لادارات الصحة المدرسية بالمحافظات بتكثيف التوعية الصحية لطلاب المدارس الابتدائية.
المشكلات الصحية الناتجة من استخدام حقيبة الظهر:
تتمثل هذه المشكلات في بعض التأثيرات الحيوية على الطلاب نختصرها في الآتي:
(1) التأثير الميكانيكي: لكي يتكيف الطفل مع حقيبة الظهر ثقيلة الوزن فلابد له من:
(أ) زيادة ميل الجزع الى الامام، وهذا يزيد بزيادة وزن الحقيبة.
(ب) ضيق الزاوية القحفية الفقرية.. وذلك برفع الرأس للامام عند المشي لكي يتكيف مع هذا الوزن الزائد.
(ج) زيادة انحناء العمود الفقري للخلف لاحداث توازن بين وزن الحقيبة وكتلة البطن.
(د) تغيير طريقة المشي من حيث المسألة بين الخطوات وسرعة الخطوات ودرجة التمايل للجانبين وكذلك الوقت اللازم لتأرجح اليدين اثناء الحركة.
كل ذلك يتعرض له الطفل لسببين:
الاول ان الجهاز الهيكلي للاطفال يحوي كمية كبيرة من الغضاريف خصوصا في مناطق النمو وهذه الغضاريف هي اماكن نمو العظام.
والسبب الثاني: نقص مرونة الانسجة المحيطة بالعظام من عضلات واوتار عضلية واربطة.. وضعف التوازن العضلي فاثناء النمو يصاحب النمو الطولي للعظام استطالة لهذه الانسجة وعندما تقع تحت قوة شد نتيجة للحمل الزائد تصبح أقل مرونة.
(2) التأثير الفسيولوجي
بينت معظم الدراسات بأن هنالك تأثيرات على الجهاز التنفسي في ان نسبة استهلاك الاوكسجين والتهوية ومعدل التنفس يعتمد على وزن الحقيبة وذلك عبر حركة عضلات البطن والصدر اللازمة لعملية التنفس.
(2) هنالك ارتباط وثيق بين ضغط الدم مع وزن الحقيبة المحمولة، وهنا اثبتت الدراسات ارتفاع ضغط الدم بعد 20 دقيقة من المشي مع حمل حقيبة تزن اكثر من (20%) من وزن الطفل.
(3) التأثير النفسي:
اثبتت الدراسات كما ذكرنا سابقا بان هذه المشكلات النفسية اكثر تأثيرا على الطفل وذلك يتمثل في الشعور بالتعب والارهاق وبعض نوبات الصداع والغثيان والضغط النفسي مع آلام في الظهر.
واخيراً يرى الباحثون ان وزن الحقيبة المدرسية الذي لا يزيد عن (10%) من وزن الطالب الذي يحملها هو مناسب وذلك استنادا الى دلالات وبائية وميكانيكية حيوية فسيولوجية ونفسية. وبالرغم من ذلك فان وزن الحقيبة قد لا يكون كافيا للوقاية من آلام الظهر والجهاز العضلي والهيكلي.
فشكل الحقيبة والمدة التي يجب حملها، والحالة الصحية واللياقة البدنية الناتجة من ممارسة الرياضة وعدم الخمول بالجلوس لفترة طويلة امام التلفاز والحاسوب وطريقة النمط المعيشي للاطفال من حيث التغذية وكذلك الحالات الوراثية وغير ذلك من عوامل مهمة يجب اخذها في الاعتبار.
أشواق وأمنيات:
وأخيراً جداً نتمنى أن تجرى مثل هذه الدراسات العلمية المهمة في هذا البلد الطيب بواسطة ادارات الصحة المدرسية الكثيرة والمتعددة الاغراض والاهداف او أي جهات أخرى صحية كانت أم تربوية وذلك لخصوصية المدارس في المجتمع السوداني، وذلك في ان معظمها منتشر في القرى النائية حيث يمشي الاطفال المساكين الى مسافات بعيدة سيرا على الاقدام حاملين لمثل هذه الحقائب الثقيلة. وان تضع هذه الدراسات التوصيات اللازمة لأولياء الامور وادارات المدارس وادارات التعليم لتعم الفائدة الجميع.
ولتسليط الضوء على الأثر النفسي لحمل حقيبة مدرسية ثقيلة على ظهر التلميذ جلست الى الدكتورة نجدة عبد الرحيم بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا التي اوضحت قائلة: تمثل الحقيبة المدرسية مشكلة حقيقية بالنسبة لتلاميذ الاساس حيث ان حجم الحقيبة وشكلها المكتظ بالورق يسبب ازعاجا وقلقا وذلك لأن الحقيبة المدرسية الكبيرة الممتلئة بالكتب الكثيرة تمثل عبئا وواجبا يرهق التلاميذ لاعتقادهم ان عليهم انجاز واجبات وحفظ واستيعاب كل المعلومات التي تتضمنها الحقيبة على كثرتها وصعوبتها وبالرغم من ان العاملين في مجال التعليم يدركون تماما ويعلمون اهمية علم النفس التربوي الذي يعنى بكل ما يخص التعليم والعملية التربوية بما فيها المناهج والمقررات الدراسية وكيفية وضع جدول الحصص وشكل المدرسة والادارة.
تعتبر كمية الكتب التي يحملها التلميذ احدى المشاكل الاساسية لما يترتب عليها من آثار نفسية وجسمية حيث ان التلميذ يكسوه الهم عندما يرى الحقيبة الممتلئة والمتكدسة بكميات من الكتب والكراسات والادوات والتي لزاما عليه ان يحملها من وإلى المدرسة ما يجعل التلميذ في نهاية اليوم منهك ذهنياً وجسديا ولا يستطيع فعل اي شيء حتى التحصيل يصبح عنده مجرد واجب كما ان حمل الحقيبة لمسافات وزمن طويل يرهق ظهر الطفل ويؤثر في نموه وبالتالي قد يعاني من مشكلة الوضع الصحيح للاستذكار الذي ينعكس بشكل مباشر على صحته وهنالك اطفال يظهرون تذمرا تجاه هذا الجهد والتعب بالهروب الذي يظهر في شكل اضطرابات نفسية تتمثل في اعراض عضوية مثل آلام البطن والصداع والاسهال والغثيان وقد تكون هذه شرارة تؤدي لكراهية المدرسة التي يترتب عليها التسرب الدراسي وللوقاية وحتى لا يتأثر ظهر الطفل بأي مشكلة ننصح بعدم حمل الطفل لحقيبة مدرسية ثقيلة خاصة في سني دراسته الأولى مع ضرورة (تعويد) الطفل على حمل الحقيبة بطريقة صحيحة مع النظر بعمق من اختصاصي المناهج في ايجاد منهج يقلل من مخاطر الحقيبة المدرسية لاحقاً.
الجدول غير قابل للتغيير:
أنسب الحلول هو الزام المدارس بوضع جدول ثابت غير قابل للتغيير تحت أي ظرف هذا ما اوضحته الاستاذة نجلاء عبد الماجد الباحثة الاجتماعية قائلة لابد من توزيع المواد المدرسية في جدول الحصص اليومي توزيعا منتظما بحيث يراعي الموازنة بين المواد النظرية والعملية مع توفير ادراج محكمة القفل لكي يتسنى للتلميذ وضع ادواته داخلها لتصبح حقيبته خفيفة عند الرجوع وفي رأيي ان هذا هو انسب الحلول وانجحها بجانب قيام ورش توعوية لتثقيف أولياء الامور والمعلمين من قبل الصحة المدرسية فيما يخص اضرار ثقل الحقيبة المدرسية وآلية تخفيف الحقائب والواجبات المدرسية علما بان ثقل الحقيبة يؤدي لبذل مجهود أكبر وبالتالي يكون هنالك تأثير ذهني وجسدي ونفسي وكل هذا يؤدي في النهاية الى التأثير في تركيز التلميذ ما يقلل من دافعية التعليم لديه..
الرئيس والوزير:
انتهى بي المطاف الى مكتب الدكتور يحيى صالح مكوار وزير التربية والتعليم السابق ولاية الخرطوم.. جمعت اسئلتي ونثرتها على طاولته واكدت له ان المتهم الاول المباشر هو المنهج الذي تتعدد كتبه وكراساته الامر الذي يجعل الحقيبة المدرسية ثقيلة على الطلاب.. تهدد مستقبلهم الصحي وذلك باثبات آراء الأطباء التي وردت ضمن طيات البحث والتي شرح فيها كل طبيب كل حسب تخصصه مشكلات الحقيبة المدرسية واشتراطاتها الصحية كما لم يغفل البحث والتقصي عن تدوين آراء التربويين وخبراء علم النفس والاجتماع اضافة لامهات الطلاب ونموذج لأكثر من تلميذ.. اذاً ما هو رأيكم سيادة الوزير خاصة وان رئيس الجمهورية أبدى ملاحظته خلال مؤتمر التعليم العام الماضي عن الحقيبة المدرسية وطالب بتخفيفها ما يعني (قلق) الرئيس تجاه ما يشاهده من حقيبة ثقيلة جاء رد الوزير موضحاً ان هذا الموضوع من الاهمية بمكان ويستدعي اتاحة اكبر حيز للنقاش يشترك فيه كل اهل الاختصاص فهو يجمع بين كثير من الاطراف يكون ختامها او مخرجها تلك الحقيبة الممتلئة وخيراً فعلت يا استاذة اخلاص بطرح هذا الموضوع وجمع خيوطه التي ظهرت في ثنايا حديثك اولا انا اؤكد ان غياب يوم السبت من الجدول اصبح عبئاً على الطلاب اذ تم توزيع حصصه على ايام الاسبوع الأخرى فتشكل بذلك عبئاً اضافيا على الطفل ولقد طرحت أمر العودة ليوم السبت كيوم دراسي وناقشت مجلس الوزراء في ذلك فأشار المجلس بضرورة قيام ورشة تضم كل جهات الاختصاص ولم يتم تحديد تاريخ قيامها.. من أسباب تكدس الكتب داخل الحقيبة وارهاق ظهر التلميذ تخلي بعض الاساتذة عن الالتزام باكمال اليوم الدراسي داخل المدرسة المعنية اذ ان هؤلاء المعلمين يرتبطون بحصص اخرى في (مدارس خاصة) أملاً في عائد سريع وجاهز وهنا تظهر المشكلة اذ لابد ان يملأ (الحصة الفاضية) معلم آخر لمادة أخرى لذلك تتجه المدارس بالزام الطلاب باحضار كل الكتب والكراسات المدرسية وبذلك تصبح الحقيبة عبئاً على التلميذ لذلك لابد من الانضباط التام من ادارة المدرسة وتوفير البيئة الجيدة للمعلم والطالب معا حتى لا نرهق ظهر التلميذ بالحقيبة وانا اتفق معك ان المنهج نفسه يحتاج الى تغيير فالحشو والتطويل احد سماته وبالتالي يزيد من حجم الكتاب الواحد والكتب الاخرى والمنهج هنا في السودان شأن اتحادي وليس ولائي وادارة المناهج تشرك المعلمين الذين هم في المدارس التجريبية في وضع المنهج لكن هذه المدارس ليست خير مثال وهنا نجد ان الحقيبة كمواصفات بريئة من التهم الموجهة اليها لأنها خاوية تطابق المواصفات الموجودة لذلك لا بديل لثقل الحقيبة غير الالتزام بالجدول اليومي والعودة لمقاعد الدراسة يوم السبت كما كان سابقا، علماً بأن ثقل الحقيبة يرتبط بالمدارس الحكومية فقط ففي المدارس الخاصة يوجد المعلم بالمدرسة وهو الذي يعمل على توزيع جدول الحصص بالكيفية التي لا تؤثر فيها اجازة يوم السبت وقبل الخروج من مكتبه سألته ان كان الحل في عمل نسختين للكتاب احداهما بالمدرسة والثانية بالمنزل في معية التلميذ اجابني بأنها ستكون عبئاً على الوزارة كما انها فكرة غير عملية البتة.
خروج وخاتمة:
خرجت من مكتبه وشيء من الارتياح يكسو ملامح وجهي بعد بحث متواصل عن ثقل الحقيبة المدرسية والتنقيب داخلها كذلك وبعد وضع النقاط على الحروف مع السيد الوزير السابق وغيره من أدلى بدلوه في هذا التحقيق المخصص عن الحقيبة المدرسية التي وجد (البلاغ الاول) عنها الطريق الى اوراقي فتهيأ قلمي للكتابة والسرد.. لم أكن (الحكم) ولم أصدر (حكماً) لكني تمنيت (سرا) أن اشارك في رفع الثقل الذي يقود الى التشوه مستقبلا.
بعيدا عن ظهر فلذات أكبادنا الذين سعيت لطرح مشكلة حقائبهم المدرسية من خلال هذا التحقيق الذي اتمنى من (أعمق أعماق قلبي) ان (ينزل منزلتين) الأولى بردا وسلاما على احبائي الصغار ووعدي لهم بتسليط الضوء على القصص الموجعة التي نطقت بها الافواه البريئة والثانية ان ينزل منزلة (النواة) على طاولات جهات الاختصاص لتبدأ في تغيير وتبديل محتويات الحقيبة المدرسية.. وكم أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل الآراء لكل من يهمه الأمر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.