والعنوان مقتبس من اسم البرنامج الذي تقدمه إذاعة البيت السوداني أم درمان إف إم (أغنيات من ذهب). والرجال الذين هم من ذهب كثيرون في هذا الوطن وبعضهم مشهورون وبعضهم مغمورون ويوجدون في كافة المجالات، وسوف نكتب عنهم هنا في هذا الباب بين وقت وآخر .. ونبدأ بثلاثة منهم؟! والحقيقة أنه من النادر أن يكتب المرء أو يتكلم عن أحدهم دون أن يتطرق إلى الاثنين الآخرين فقد ارتبطت حياتهم منذ الصبا الباكر أوثق ارتباط وظلوا حتى النهاية يجسِّدون أنبل الصداقات وجمعت بينهم مصر التي هاجروا أو هربوا إليها في مطلع صباهم أيام كان الإستعمار البريطاني مهيمناً على البلدين مصر والسودان اللّذيْن كانا من وجهة نظر الحركة الوطنية فيهما بلداً واحداً وأحبوا مصر. وجمعت بينهم كلية الحقوق بجامعة القاهرة ثم جامعة السربون بفرنسا .. إنهم الدكاترة أحمد السيد حمد، وأحمد الطيب عبدون، وعقيل أحمد عقيل. وكان عقيل أسبقهم إلى الرحيل .. فقد توفي عام 1974م وقبل ثلاث سنوات مات أحمد السيد ومات أحمد الطيب 1985م. وبعد تخرُّجهم أول الخمسينيات وقبل ذلك أيام دراستهم في مصر منذ المرحلة الثانوية وخلال الجامعة فإنهم عملوا بالسياسة .. وكانوا وحدويين وكانوا يتقنون اللغتين العربية والفرنسية وكانوا خُطباء .. وأنيقين لهم حضور يُحس في أي مكان يتواجدون به وكانوا يكتبون في الصحف. والوحيد الذي عمل بالخدمة المدنية هو الدكتور عقيل فقد كان أول وكيل لوزارة الخارجية وعُرض عليه المنصب الوزاري أكثر من مرة وكان يرفض بل إنه رفض رئاسة الحكومة بعد ثورة أكتوبر 64. وكان أحمد السيد حمد وزيراً أكثر من مرة في حكومتي أكتوبر ثم في حكومة محمد أحمد محجوب عام 1968م ثم سجنه المايويون عام 69 وحاكموه ثم أُفرج عنه. ويبدو أنه من باب مراجعات النظام المايوي وليس تراجعاته أصبح أحمد السيد حمد وزيراً في حكومة جعفر نميري في النصف الثاني من السبعينيات. أما أحمد الطيب عبدون فقد عمل وزيراً في مايو 69 في حكومة بابكر عوض الله ثم رئيساً للديوان .. أو وزيراً لرئاسة الجمهورية لفترة قصيرة وقد عمل الأحمدان بجامعة الدول العربية بنفس الدرجة ففي سبعينيات القرن الماضي عمل أحمد السيد حمد أميناً مساعداً لجامعة الدول العربية وأحمد الطيب عبدون مديراً للجامعة العربية بباريس. وفي العمل الحزبي كان أحمد السيد حمد هو الأكثر انغماساً وفاعلية وشهرة ففي عام 1956م أصبح سكرتيراً عاماً لحزب الشعب الديمقراطي أحد الأحزاب الثلاثة الكبيرة في ذلك الوقت. وفي عام 1967 أصبح هو السكرتير العام للحزب الاتحادي الديمقراطي أكبر الأحزاب السودانية في ذلك الوقت وما أكثر ما يمكن أن يكتب عن عقيد وعن الأحمدين رحمهم الله.