اختار الرئيس عمر البشير أمس (الخميس) من مدينة الدويم أن يرسل خطاباته إلى الصين المُناصرة للسودان، والمجتمع الدولي الذي يضغط عليه، والدول العربية التي ساندته بالأموال في إقامة مشاريع التنمية. وقبل يوم واحد فقط من مشاركته غداً (السبت) في الاحتفال الرسمي بإعلان دولة الجنوب الوليدة وضع البشير ملامح المرحلة المقبلة والتحديات التي تواجه علاقة جوبا والخرطوم، وكانت دارفور حاضرة في حفل افتتاح كبري الدويم والمشاريع المصاحبة له، وركل الرئيس كرة اتفاق اديس أبابا الإطاري خارج الملعب السياسي، وحسم مكان ملف التفاوض مع كل من يحمل السلاح، وجعله داخل السودان، واستثنى الدوحة إلى يوم الخميس القادم، موعد التوقيع على وثيقة السلام النهائية. لبست الدويم حلة زاهية، وحرصت اللجنة الإعلامية للاحتفال على وضع علم السودان في بالونة ترتفع إلى أعلى كلما تحركت الرياح، ومعه شعار ولاية النيل الأبيض.. الدلالة السياسية واضحة للعيان من توزيع العَلَم بكميات كبيرة مع عودة الفنان «قيقم» إلى تذكير الناس بشعارات ثورة الإنقاذ الوطني. وفد الرئيس ضم: رفيق دربه الفريق أول بكري حسن صالح المشرف على شؤون الرئاسة.. مسؤول ملف دارفور «غازي صلاح الدين»، وزير الطرق والجسور «عبد الوهاب محمد عثمان»، وزير الدولة للكهرباء والسدود «الصادق محمد علي» ووزير الزراعة «عبد الحليم المتعافي»، وجلس وزير الدولة للتنمية البشرية السماني الوسيلة خلف الرئيس الذي جلس إلى جواره والي النيل الأبيض يوسف الشنبلي.. كان الفريق أول بكري يتبادل الهمس مع البشير كثيراً قبل أن يبتسم الرجلان بين الحين والآخر.. شعار الافتتاح للكبري ردّده مراسل الإذاعة السودانية الحاج أحمد المصطفى: « شكراً شكراً يا البشير»، ومنه كرره الرئيس: «شكراً شكراً يا الصين». معتمد الدويم «صلاح علي فرج» قال كلمته في الاحتفال حول المغزى من المشاريع التنموية، ومن بعده تحدث السفير الصيني «لي تشنغ» بلسان عربي وقال: «هذا الكبري رمز قوي لتمسك السودان بالتنمية والاستقرار.. الصين تتمسك بالتعاون مع السودان من دون تقييد». وقال وزير الطرق والجسور «عبد الوهاب عثمان» إن الحكومة تقوم حالياً بتنفيذ العديد من المشروعات التنموية حيث يجري العمل في تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي بطول (1100) كيلومتر، والطريق الدائري بكردفان، بخلاف القيام بتنفيذ أكثر من أربعة آلاف كلم من الطرق في مختلف أنحاء السودان، نصيب جنوب كردفان منها ألفا كيلومتر. { طفلة كسيحة تحمل صورة الرئيس وهي في نقَّالة طبيَّة من المشاهد المؤثرة في الاحتفال أن طفلة كسيحة حملها رجال الهلال الأحمر السوداني في نقالة طبية، وهي لا تستطيع تحريك جسدها، حملت صورة الرئيس البشير لتقوم بإلقاء التحية عليه.. مضت دون أن يعرف أحد من هي، وماذا أصابها من بلاء في هذه الدنيا؟ { مشروعات تنموية وبحسب البرتكول تحدث الوالي «يوسف الشنبلي» عن المشروعات التنموية في النيل الأبيض، وقال إن افتتاح الرئيس لمحطة مشكور التحويلية سيسهم في إحداث تغييرات جوهرية في عملية الزراعة والصناعة بالولاية، وأرسل الوالي تحياته للشهداء وخص منهم الزبير محمد صالح وعلي عبدالفتاح، وقرأ بعضاً من شعر الأخير: «أخي إن تغشتنا بزخرفها الدنا.. ذكرناك فالعهد القديم موثق.. وميعادنا أن نلتقي بك قائم». وقال الوالي إن كبري الدويم يُعد من المشروعات التنموية الكبري التي ظل مواطنو الولاية يحلمون بها لأكثر من (50) عاماً، مؤكداً استعداد حكومته لتوفير كافة مقومات الحياة الكريمة للمواطنين. ووضع الوالي مطالب سكان النيل الأبيض أمام الرئيس، وخص منها الشنبلي محطات المياه وتجميع المشاريع الزراعية. { هدية مجسمات الذهب الخالص لكبري الدويم: منحت اللجنة المنظمة للاحتفال باسم ولاية النيل الابيض مجسمين من الذهب الخالص لكبري الدويم، لكل من الرئيس ووزير الطرق والجسور، وقدمت هدايا تقديرية أخرى للسفارة الصينية ولوزارة الكهرباء والسدود ولرئيس (البنطون) عبدالمنعم حسن الزبير بعد أن صار جزءاً من تاريخ الدويم وذكرياتها التي تتناقلها جيلاً بعد جيل. الرئيس البشير قال في خطابه: «تمر علينا الذكرى 22 لثورة الإنقاذ.. البلد كانت محتاجة للإنقاذ، والدويم بصورة خاصة كانت محتاجة للإنقاذ.. لأن مدينة العلم والنور لقيناها في أول زيارة مظلمة». وعدّد البشير فضل المدينة في التعليم، وقال إن الولاية موعودة بمشروعات تنموية كبرى، مشيراً إلى الجهود الجارية لإنشاء محطة كهرباء كوستي التي سترفد الشبكة القومية ب (500) ميقاواط، مبيناً أن الدولة تولي مشروعات التنمية الكبرى أولوية عظمى، وأشار إلى مشروعات السدود التي تم تنفيذها، وقال إن هذه السدود ستسهم في زراعة مليوني فدان، وحيّا دور دولة الصين في قيام هذه المشروعات، فضلاً عن جهود الصناديق العربية في تمويل المشروعات التنموية بالبلاد، وهتف الرئيس: «شكراً شكراً يا الصين»، ومعه ردّدت الحشود. ووجه البشير ولاية النيل الأبيض بمساعدة النازحين القادمين من أعالي النيل، داعياً إلى ضرورة توفير السكن وسبل كسب العيش لهم، وقال: «باسم أهل السودان نبارك لأهل الجنوب دولتهم ونتمنى لهم التوفيق، نحن عايزنّها دولة مستقرة وآمنة، وإذا لم تبق كذلك إخوانكم بُكره من الجنوب حيجوكم هنا ماعندهم قبلة غيركم». وأضاف: «نقول لإخوتنا في الجنوب رجاء احفظوا حدودكم لأننا لن نقبل تدخلاً في شؤوننا، ونحن لن نتدخل في شؤونكم.. نريد علاقة تقوم على تبادل المنافع وحرية الحركة للمواطنين عبر الحدود وعلى التبادل التجاري». وتناول الرئيس أحداث جنوب كردفان ووصفها بالغدر والخيانة، وكذلك تحدث عن الاتفاق الإطاري في أديس أبابا، وقال للحركة الشعبية قطاع الشمال: «ما في شراكة سياسية قبل الترتيبات الأمنية وما في تفاوض خارج السودان». وفي قضية دارفور كشف الرئيس عن توجهه الخميس القادم لحضور مراسم الاحتفال بالتوقيع على وثيقة سلام دارفور في الدوحة آخر منابر التفاوض.