منذ ظهور أول منشور يشير إلى انطلاقة تمرد في دارفور في التاسع عشر من يوليو 2002م انطلقت جهود كبيرة لمعالجة الأزمة وقد حظيت الجهود الأولية التي قامت بها الحكومة وهي تتفاوض مع المجموعة المتمردة بالنجاح والوصول إلى اتفاق تم تدوينه بخط اليد على ورق الفلسكاب ثم عادت المجموعة ونفضت يدها من الاتفاق وواصلت هجماتها على المقار الحكومية والممتلكات العامة وقوافل الحركة التجارية. بدأت الجهود تتوالى فكانت مفاوضات أبشي الأولى في 3/9/2009م وقد توصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ومعالجات لبعض الأوضاع إلا أن حركة العدل والمساواة رفضت الاتفاق وفي 4/11/2003م كانت أبشي الثانية وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار والاستمرار في معالجة جذور المشكلة إلا أن حركة العدل والمساواة تسببت في انهيار الاتفاق بعد أن نصبت كميناً للقوات المسلحة بمنطقة أبو قمرة بشمال دارفور. في الأول من سبتمبر 2003م انتقل التفاوض إلى منبر إنجامينا وفي هذه الجولة غيرت الحركات المتمردة مطالبها وذلك بمطالبتها ب (13%) من عائدات البترول وكذلك طالبت بتسلم قيادة المنطقة الغربية وقد وصفها المراقبون بعدم الجدية في تحقيق السلام وهاجمها الرئيس ديبي واتهمها بطرح مطالب تعجيزية وبالرغم من ذلك لم تتوقف الجهود لتحقيق السلام فكانت إنجامينا الثانية في مارس 2004م وشاركت حركة العدل في هذه الجولة ولكنها عادت وتنصلت عن الاتفاق بحجة أن ممثليها لم يكونوا مخولين لتوقيع اتفاق. انتقل المنبر التفاوضي بعد ذلك إلى أديس أبابا في الخامس عشر من يوليو 2004م إلا أن الحركات المسلحة قاطعته فكان الانتقال إلى أبوجا وقد كانت الجولة الأولى في هذا المنبر في 23/8/2004م وتتابعت جولات أبوجا حتى الجولة السادسة التي انعقدت في 15/9/2005م وأعقبها اتفاق أبوجا في الخامس من مايو 2006م وقد رفضت حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور التوقيع وقد وجد الاتفاق التأييد من الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية والمجتمع الدولي. الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق السلام في دارفور لم تنقطع وقد شملت المنبر التشادي والمبادرات الليبية (سرت الأولى والثانية وطرابلس) والمبادرة المصرية الشاملة والمبادرة التنزانية في أروشا والقمة الخماسية التي انعقدت بطرابلس وضمت رؤساء نيجيريا ومصر وليبيا والسودان وإريتريا بالإضافة إلى قمة داكار التي جمعت بين الرئيس البشير والرئيس ديبي وهناك المبادرة العربية الأفريقية التي انعقدت بالرباط بالمغرب في مارس 2007م. كما لم تتخلف المبادرات الدولية عن ركب تحقيق السلام في دارفور فكانت المبادرة البريطانية في مطلع العام 2008م والمبادرة الفرنسية في 11/6/2007م. الجهود الداخلية كانت حاضرة وبقوة من القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية المختلفة فكانت مبادرة الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الأصل والتجمع الوطني بالإضافة إلى مبادرات أهل السودان التي انعقدت بكنانة والحوار الدارفوري الدارفوري في أكتوبر 2006م كما انعقد عدد من المؤتمرات التي هدفت لعلاج الأزمة من جذورها فانعقد في 22/7/2002م مؤتمر نيرتتي مع قبيلة الفور وفي خواتيم العام ألفين تم تكوين لجنة التفاوض مع قبيلة الزغاوة برئاسة عضو مجلس الثورة التجاني آدم الطاهر كما انعقد ب(كاس) مؤتمر مع القبائل العربية وفي الفترة من 25 - 26/3/2003م انعقد مؤتمر الفاشر لبحث جذور المشكلة وتنمية الإقليم بالإضافة إلى كل ذلك فإن جهوداً كثيفة لا يتسع المجال لذكرها. في جانب معالجة جذور المشكلة انعقدت خلال سنوات الأزمة أكثر من ثلاثة وثلاثين مؤتمراً للصلح بين مختلف قبائل دارفور مقارنة بستة وعشرين مؤتمراً للصلح انعقدت بالبلاد في الفترة من 1932م - 1997م وفي ذات الفترة حدث (29) نزاعاً بين قبائل دارفور حسب الإحصاءات المتوفرة وفي تاريخ سابق لدارفور هناك (صلح) انعقد بين البديات والماهرية بحضور سلاطين باشا في سبعينيات القرن التاسع عشر وقد تم في منطقة تقع شمال الفاشر حسب مذكرات سلاطين باشا في كتابه السيف والنار. المنبر الأخير الذي نحن بين اتفاق سلامه الذي وقع الخميس أول أمس انطلقت مفاوضاته في مطلع العام 2009م وحتى يصل لهذه المحطة الأخيرة أنفق ثلاثين شهراً في التفاوض والرحلات المكوكية بين العواصم والاتصالات والفعاليات وربما تكون الدوحة قد استقبلت الآلاف من أبناء دارفور من أجل إنهاء معاناة الناس في هذا الإقليم وبالرغم من كل ذلك ما زال هناك من يعارض الاتفاق من داخل الدوحة ومن أوروبا ويعد الناس بالحرب والقتل والتشريد واستمرار معاناتهم وهناك من ينتظر حبيسين، أحدهما تحبسه أزمة ليبيا وعقيدها المتهور والآخر تحبسه إسرائيل داخل حياة داخل فنادق باريس. أعظم ما في وثيقة الدوحة أنها تخاطب الأزمة والحلول التي يستحقها شعب دارفور دون النظر لمن حتى يشغل ماذا والله المستعان.