بعودة د. التيجاني السيسي وآخرين يحق لنا القول أن 70% من مشوار السلام وطريق السلام في دارفور قد انقطع، وبالتالي فالملف ومن قام على أمره في اعتقادنا أنه قد نجح، فالغوص بين الأغوار وعبر دهاليز السياسة وفي مكامن العمق دائماً ما يخرج لنا بالخلاصات والنتائج المرجوة والمطلوبة، إذن تحقق النجاح هنا ولو تبقت نسبة منه ويبقى على الجميع الدفع بهذه الحالة الجديدة التي أوجدها اتفاق الدوحة. فالسودان في قضية دارفور انبنت المداخل إليه على خلفيات بعيدة، وعلى الرغم من أنه على مدار السنوات الماضية كان الدور الإقليمي والمحلي محسوساً في مسارات السياسة السودانية، خاصة في ما يتعلق بقضية دارفور التي يتأزم الموقف فيها وينفرج بمقدار الانفراج والتأزم في العلاقات السودانية مع الغرب وأوربا وبالعكس. فمنذ اندلاع أزمة دارفور ظلت الحكومة السودانية تؤكد على خيار التفاوض والحوار للتعاطي مع هذه الأزمة، وعبرت عن هذه الإرادة من خلال مشاركتها وبأعلى المستويات في جولات التفاوض منذ اتفاق أبشي الذي رعته تشاد وأفضى إلى اتفاق من بعد ذلك، وتبعه اتفاق إنجمينا، حيث جددت الحكومة هنا التزامها عندما استؤنفت المحادثات من بعد ذلك، ويأتي كل ذلك الجهد بعد أن رفضت بعض الحركات الاشتراك في اتفاق أبشي متحججة وقتذاك بأن الوسيط التشادي غير محايد ومتحيز فجاء اتفاق إنجمينا تحت رعاية تشاد وبحضور مراقبين من الاتحادين الأفريقي والأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية، حيث تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في العام 2004م لتسهيل إيصال العون الإنساني للنازحين واللاجئين والمتأثرين بالحرب، ومن ثم جاءت مباحثات أبوجا وتواصل سعي الحكومة الحثيث للتوصل إلى تسوية سلمية للمشكلة وصولاً في ذلك لاتفاق أبوجا للسلام بعد جولات من التفاوض بين الحكومة وحركة تحرير السودان جناح مناوي، حيث رفضت حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد التوقيع على الاتفاق وأتى منبر الدوحة من خلال موافقة الحكومة على المبادرة العربية الأفريقية ومن خلال منبر الدوحة جرى التوقيع على اتفاق حسن النوايا مع حركة العدل والمساواة 2009م وأعقبه الاتفاق الإطاري 2010م بعد أن تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى ثم وقعت الحكومة الاتفاق الإطاري مع حركة التحرير والعدالة بالدوحة والذي تكلل بالنجاح لوجود رغبة وإرادة لدى الطرفين، هذا كله دعمه ائتمار أهل المصلحة وما وصلوا إليه، لكن الشاهد وكما قلت أن الدول المعادية للسودان ربما لا تهمها قضية بعينها، ولا يهمها أن اجتمع أهل السودان أم لم يجتمعوا طالما هم يديرون الأزمات بطريقتهم ويحركونها من وراء الكواليس، ولكن أهل السودان عكسوا نواياهم الخالصة في منبر الدوحة وفي غيرها من المنابر واختاروا طريق جمع الكلمة وبالتالي سيفوتون الفرصة على كل المخططات الدولية التي لا يعجبها ذلك ولا تريد لأي اتفاق أن يتم لأن في هذا التداعي لا تكون مصلحتها. الآن وقد تم استقبال الحدث وبدأ تنفيذ اتفاق السلام وتبقى فقط العمل الجاد حتى لا نقع في أخطاء أبوجا ولا نيفاشا ولنبدأ بالترتيبات الأمنية قبل كل شيء.