· إلحاقاً لما كتبناه بالأمس عن أزمة المياه بولاية الخرطوم يتصل مدادنا بعد أن حصلت على معلومات مهمة من سلطات المياه وهي لعمري تساند توجهاتي حيال هذه الأزمة وتؤكد سلامة قراءتي لها وحسن ظني بهؤلاء الرجال الذين يبذلون جهداً خارقاً من أجل أن ننعم بنعمة الماء وعلى رأسهم الوزير الهمام يوسف تبن وزير البنى التحتية الذي ظل مرابطاً بمحطات المياه حتى يدركه الفجر أو يدركه الماء نقياً أو يدركانه معاً، وهذا وحده يعكس الاهتمام السياسي الكبير بهذه الأزمة ذات البعد الفني أكثر من أن يكون لها بعد إداري يتصل بتقصير صريح وهذا وحده ما ستكشف عنه المعلومات التي تحصلت عليها بجهد مني من أجل عيون قارئ هذه الزاوية وهذا واجبي. · بدأت أزمة المياه في الأيام الفائتة بزيادة كبيرة في معدلات العكورة التي وصلت إلى (37000) وحدة ضوئية وهي في معدلها الطبيعي تقف عند الرقم (9000) وحدة ضوئية وقد أدت الزيادة الكبيرة إلى قفل الفلاتر والشبكات مما أثر في إنتاجية محطات المياه النيلية وأدى إلى تراجع إمدادات المياه في بعض الأحياء وارتفاع مستوى العكورة في بعضها الآخر لتهبط الكمية المنتجة من المياه وذلك في يوم الأربعاء الفائت إلى (650) ألف متر مكعب بما يقارب نصف الطاقة الإنتاجية لكافة المحطات والآبار الجوفية المنتجة فانطلقت مجهودات واسعة منذ الوهلة الأولى لوضع معالجات سريعة ومن ثم الانطلاق لاحقاً نحو معالجات جذرية لهذه المشكلة وحتى يوم أمس الأحد قفزت الكمية المنتجة إلى (1035000) متر مكعب وما زال هناك مقدار من الكميات المنتجة حتى نصل إلى الطاقة القصوى لجميع المحطات والآبار وهي (1350000) متر مكعب وهذه الطاقة القصوى تزيد عن حاجة الولاية من المياه وهي بتلك الكمية التي وصلت إليها أمسية السبت، وهي مليون وخمسة وثلاثون ألف متر مكعب، تكون ولاية الخرطوم قد وصلت إلى الكميات الكافية لسقاية الخرطوم وكفايتها من المياه، أما العمل في خفض معدلات العكورة فقد وصلت حتى صباح الأمس إلى معدلها الطبيعي وهو تسعة آلاف وحدة ضوئية وفي بعض المناطق ما زالت في معدل ستة عشر ألف وحدة ضوئية وذلك بفضل المجهودات الفنية واستخدام مواد تنقية المياه من الكلور والباك بودرة. · تظهر مجهودات سلطات المياه بجانب إعادة خدمة المياه لعدد من الأحياء بالولاية وخفض معدل العكورة، تظهر في معدلات الأعطاب والكسورات التي كانت في يوم السبت أول أمس (300) بلاغ في مختلف أنحاء ولاية الخرطوم تمت صيانة (252) منها وتجري عملية الصيانة ل (48) عطلاً أو كسراً وهذا جهد كبير يحسب للهيئة ومهندسيها وعمالها وقد تحصلت على هذه الأرقام بالتفاصيل ولكن لضيق مساحة العمود يمكن أن نطرح نماذج من المدن الثلاث ففي محلية الخرطوم عدد البلاغات (90) تم صيانة ثمانين منها وجار العمل في العشرة المتبقية وفي أمبدة عدد البلاغات (20) تمت صيانة ستة عشر منها وفي بحري عدد البلاغات (40) تمت صيانة اثنين وثلاثين منها وكلها أعطال في الشبكات ومواعين توزيع المياه التي تحتاج إلى تجديد الكثير منها مع استمرار الخدمة. · النقص الذي حدث في مناطق جبرة وبعض أجزاء من الصحافات كان بسبب تراجع الإمداد في محطة سوبا التي هبطت طاقتها الإنتاجية إلى أقل من النصف بسبب الأطماء أما وضعها الآن وبعد المجهودات الكبيرة التي بذلت وصلت إلى تجاوز طاقتها القصوى وهي مئة ألف متر مكعب بزيادة (1.6) ألف متر مكعب مما أدى إلى استقرار الإمداد في مناطق جبرة والصحافات وكذلك من المعلومات المهمة أن محطة المنارة بأم درمان تنتج فائضاً يصل إلى (130) ألف متر مكعب ولكنه لا يضخ بسبب عدم وجود شبكات توزعه إلى الخرطوم بحري والخرطوم وبعض المناطق البعيدة في أم درمان وكذلك فإن محطة جبل أولياء بها فائض يصل إلى (67) ألف متر مكعب. · تتباين أسباب الأعطاب وفي كثير من الأحيان تكون خارجة عن سيطرة العمل الإداري والفني مثل تلك الباخرة التي قادتها الرياح لتضرب محطة (المنارة) بأم درمان وتتسبب في أعطاب وكسور وكذلك من بين الأسباب التي أدت إلى أزمة كبيرة في إمداد المياه هو ما حدث بمنطقة بري حيث كان التفسير الابتدائي أن العطب وراءه عمل تخريبي ولكن اتضح في النهاية أن المسألة كانت مجرد (باقات) بلاستيكية وأعشاب ناتجة عن بعض أعمال الصيانة أدت إلى أزمة مياه بري. · في ختام هذه المعالجة لا بد من الإشارة إلى الجهود التي يبذلها العاملون بالمياه وقبلها الإرادة السياسية لوزراء ومعتمدي ووالي الولاية من أجل استقرار خدمة المياه وإيصالها إلى كل إنسان في الولاية وقبل كل ذلك لا بد من التعامل بموضوعية مع هذه الخدمة المهمة وتفهم تعقيداتها وكلفتها والمشاركة في الحلول وألا يكون الماء سلعة سياسية فهو سر الحياة ولنتكاتف جميعاً من أجل الحفاظ عليه.