مازال العقيد معمر القذافي والفريق علي عبدالله صالح والدكتور بشّار الأسد هم رؤساء ليبيا واليمن وسوريا رغم مرور شهور من التظاهرات شبه اليومية المطالبة بسقوط نظم الحكم ورحيل الرؤساء .. ورغم سقوط مئات القتلى وتوقف عجلة الإنتاج والآثار السالبة التي نتجت عن ذلك على حياة المواطنين. منتهى الإمعان في تجاهل الإرادة الشعبية ومنتهى انعدام الكرامة لأنه لو كانت لدى أولئك الرؤساء ذرة من كرامة لما قبلوا أن يحكموا شعوباً تطالب برحيلهم كل يوم منذ بضعة شهور. وبينما يستمر السوريون واليمنيون وحدهم في معارضة نظامي الحكم في بلديهما فإن الليبيين يعارضون بمؤازرة دولية أبرز أشكالها القصف الجوي الذي يشنه حلف شمال الأطلسي على قوات القذافي بحجة حماية المدنيين، وقد أثار هذا التمييز في المعاملة أو التعامل الدولي مع ما يجري في هذه الأقطار الثلاثة كثيراً من علامات الاستفهام. ويلاحظ أيضاً أن تدخل القوات الجوية لحلف شمال الأطلسي لم يُعجِّل بعد بسقوط القذافي وكُتب وسوف يكتب الكثير عن (السهولة) التي تمت بها إزاحة الرئيسين .. التونسي زين العابدين بن علي والمصري محمد حسني عن الحكم في بلديهما والصعوبة التي مازالت تواجه الثوار في ليبيا وسوريا واليمن خلال سعيهم الطويل لإسقاط نُظم الحكم في بلدانهم. ومن التطورات الجارية على المسرح الليبي اعتراف بريطانيا بالمجلس الانتقالي الذي يرأسه مصطفى عبدالجليل ومقره في بنغازي كسلطة وحيدة في ليبيا ومعنى ذلك أن العقيد معمر القذافي لم يعد من وجهة نظر بريطانيا رئيساً لما تبقى من ليبيا التي أصبح جزءاً كبيراً منها يخضع لسيطرة الثوار وممثلهم المجلس الوطني الإنتقالي وهي خسارة دبلوماسية كبيرة لما تبقى من نظام القائد الأممي وملك ملوك إفريقيا. وما تبقى من ليبيا تذكِّر بعبارة أخرى ترددت وتتردد كثيراً بعد انفصال الجنوب وهي عبارة ما تبقى من السودان ونحن من أولئك الذين لايستريحون ولايرتاحون لهذه العبارة ونرجو أن تختفي. ثم نرجع إلى ليبيا فقد جاء في الأخبار المتصلة باعتراف بريطانيا بالمجلس الانتقالي أنها سوف تطرد القائم بالأعمال وأسرة السفارة الليبية بلندن وقد أُمهلوا ثلاثة أيام لمغادرة بريطانيا. وطلب أيضاً من أعضاء المكتب الشعبي الليبي مغادرة بريطانيا وقد أعلن ذلك وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج خلال مؤتمر صحافي عقده بالوزارة أمس الأول الأربعاء وقال لقد قررنا .. رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وأنا الإعتراف بالمجلس الوطني الإنتقالي باعتباره السلطة الحكومية الوحيدة في ليبيا ويعكس القرار الشرعية المتزايدة التي اكتسبها المجلس .. وكفاءته ونجاحه في الوصول إلى الليبيين وقد استطاع المجلس أن يُظهر التزامه بالديمقراطية والانفتاح بعكس القذافي الذي جرّدته وحشيته في التعامل مع الليبيين من شرعيته. وكانت بريطانيا في البداية رفضت أن تعترف بالمجلس بحجة أنها تعترف بالدول وليس الحكومات. وقالت إن الأفضل هو أن يرحل العقيد القذافي لكن بريطانيا لن تفرض حلاً سياسياً على الشعب الليبي.