في دردشة رمضانية سريعة، التقينا وزير الإعلام الأسبق «الزهاوي إبراهيم مالك»، بعيداً عن السياسة، متناولين بعضاً من ذكرياته في الشهر الفضيل، مستطلعين كيفية قضائه يومه.. وما يحرص عليه في أيام رمضان.. فكانت هذه الحصيلة { كل عام وأنت بخير، الزهاوي ابراهيم مالك، ورمضان كريم؟ - رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير وصحة وأكثر عافية، سائلاً الله أن يحفظكم جميعاً ويمد في أيامكم بالخير والبركات، وأن ينعم شعبنا الكريم بحياة كريمة حرة وميسورة. { رمضان في حياة الزهاوي إبراهيم مالك؟ - أحمد الله منذ أن صرت مكلفاً بالصيام لم أتخلف يوماً عن أداء هذا الواجب، وهو شهر طيب أكثر فيه من قراءة القرآن الكريم والتصدق بما ييسره المولى عز وجل من إمكانيات، وأحرص فيه على مواصلة الأرحام. { هناك من يفضلون الاسترخاء في رمضان.. فهل أنت منهم؟ - رمضان به أيام صعبة وأخرى سهلة، ولا زلت أذكر أن رمضان مرَّة جاء في موسم حصاد السمسم، وكانت هناك ندرة في العمال، فكنت أقوم وقت السحور بالتحرك من القيقر إلى المزموم لنقضي اليوم كله بحثاً عن العاملين، ونرجعهم مع وقت الإفطار، وعندما نعود في الغد نجد نصفهم ذهب للبحث عن مشاريع أخرى.. ونعاود البحث مرة أخرى. وأنا أفضّل العمل في رمضان على الإجازة.. ولكن هذا العام صادف رمضان عطلة المجلس الوطني. { احك لنا بعض المواقف والذكريات في شهر رمضان الكريم؟ - أذكر عندما درسنا في المدرسة المتوسطة، ولم نكن بعد قد كلفنا بالصيام، كان معنا بعض الإخوة كبار السن من الصائمين.. وأذكر أن الحصة كانت لغة عربية، ومن بعدها تأتي الفسحة، وكانت الفسحة مدتها نصف ساعة، وعندما زاد الأستاذ من الوقت المحدد له للحصة.. بدأ البعض بالتذمر.. فسألنا هل هناك مفطرون؟ فرفعت يدي.. فقال أحد الإخوة الكبار: «ديل أولاد صغار».. وأولاد صغار بلغة الزمن دا تعني «حناكيش».. قالها في لهجة استخفاف، وبعد أن خرجنا كدت أتشاجر معه، وتفرقت بنا السبل بعد ذلك.. وبعد زمن وأنا في جامعة الخرطوم كنت ذات مرة أمر على قهوة النشاط في رمضان.. فوجدت صاحبي نفسه وأمامه كوب شاي وسيجارة.. فحييته وقلت له: (الصغار كبروا والكبار صغروا).. فقال لي: (أنت رجعي حاقد).. ومازلت أتذكر القصة حتى الآن.. ومن الطرائف التي لا زلت أذكرها أيضاً أن الأخ موسي كزام عليه رحمة الله - وهو من الظرفاء - كان يقول إنه ذات مرة في الأبيض صادف أن رمضان كان في المولد..! وكانوا يحضرون المولد ثم يتسحرون وينامون..! وكثير من الذين سمعوا هذا الكلام ظنوا أنه حقيقي ولم يفطنوا للدعابة. { كيف هو يومك في رمضان؟ - عادي جداً، فبعد صلاة الفجر أقرأ حوالي ثلاثة أجزاء يومياً حتى أختم المصحف ثلاث مرات خلال الشهر، ما استطعت سبيلا، وأكثر من قراءة الراتب في مواقيته، وفي مثل هذه الأيام من العطلات أقوم بزيارات للأهل والاقارب والأصدقاء في بيوتهم، ومكاتبهم وأدعو عدداً من الأصدقاء للإفطار. { هل تدخل المطبخ؟ - ضحك ثم قال: لا أدخل المطبخ أبداً ولا أجيد فعل أي شيء، أنا تربية «حبوبتي» وحبوبة لم تعلمني أن أدخل المطبخ. { ماذا تعلمته من حبوبتك؟ - تعلمت منها أشياء كثيرة، فهي معلمتي الأساسية.. علمتني الحكمة وطولة البال وكانت مولعة جداً بأن تعلمني الأشياء الخاصة جداً بالرجال.. علمتني كيف أحلب الغنماية وكيف أذبح.. علمتني أشياء ما كنت لأتعلمها من والدتي.. وشكلت شخصيتي، وكانت حكيمة.. وكان والدها يسمى ب (اب راي).. وخلاصة تجربتها في أبنائها أعطتني إياها.. ومن الطرائف أنها كانت (تنهرني) إذا اشتكيت من أحد الأولاد عندما أتشاجر معه. { ماهي الأصناف التي تفضل تناولها في رمضان؟ - الآبري والرقاق وبالطبع العصيدة بملاح الشرموط مع أنني منعت منها، ولكننا نحن عرب بناكل ملاح الويكاب وسلطة الروب تكون من الأشياء الثابتة لدينا. { هل من عادات افتقدتها في رمضان؟ - من الأشياء التي افتقدتها تناقص الإفطار الجماعي في الشارع.. { هل تحرص على تلبية الدعوات؟ - لا أحرص على تلبية الدعوات الكبيرة.. { ما هو القرار الذي اتخذته في رمضان إبان فترتك الوزارية ورأيت أنه قرار صائب؟ - أول قرار اتخذته هو إيقاف الإفطارات الجماعية، وأعطيت الموظفين أموالاً في أيديهم لقضاء مسلتزمات العيد، وأثناء توليتي الوزارة لم أكن اتشدد مع الموظفين في الدخول أو الخروج وكان شرطي هو إتقان العمل بصورة جيدة. { ما هي الأشياء التي تحرص على فعلها في رمضان؟ - الإكثار من الدعاء، لأن الدعاء مخ العبادة، والإكثار من الصلاة على النبي وقراءة الراتب قبل شروق الشمس وقبل غروبها. { وماذا عن البرامج التي تحب مشاهدتها في الشهر الكريم؟ - لا أحرص على البرامج السياسية وأركز على نشره الأخبار وافتقدت كثيراً «أغاني وأغاني» هذا العام لأن وقته كان مناسباً حتى يستطيع الإنسان مشاهدته. { بما أنك كنت وزيراً للإعلام كيف ترى حال القنوات الفضائية السودانية؟ - يكون جميلاً جداً إذا كانت هناك قنوات متخصصة ولديها القدرة على الاستمرارية، فهذه تكون إضافة جيدة للإعلام السوداني، ولا يكون الأمر مجرد تقليد وزحمة وصورة بلا فائدة. { ختاماً ماذا تود أن تقول؟ - أشكر صحيفة «الأهرام اليوم» على هذا اللقاء وأتمنى لها كل تقدم وازدهار وهي من الصحف المتقدمة، وأتمنى أن تحافظ على مستواها وعلى محرريها، ودائماً ما أحرص على متابعتها.