هم كأحزاب يعتقدون أنهم أهمّ من الأحداث نفسها! فكلما وجع الوطن عضواً تداعت قوى الإجماع الوطني بالسهر لإصدار بيان محموم العاطفة يشجب ويندد ويتصدى لذاك الألم بالحملات الإعلامية التي لا تترك مايكروفوناً ولا كاميرا ولا قلماً، إلا وعلقته على منضدة رغباتها بأن تكون هي الحدث وما غيرها هوامش على اللقاء! فاللقاء الذي تجرأ أن يكون مؤتمراً صحفياً بدار الأمة في أم درمان ظهيرة أمس الأول للتداول حول التدهور في الشأن الوطني، بحسب صياغة الرسالة الهاتفية القصيرة. كان لقاءً غير مفهوم البتة، فقد برى الصحفيون أقلامهم والمراسلون مايكروفوناتهم، ليخرجوا بخبر أول وخط عريض في صحف امس، لا سيما أن الأحداث تفرض وضعيتها المهمة من منحى إنساني وسياسي وأمني بشكل كبير. الى جانب المؤتمر الصحفي التوضيحي الذي أجراه السيد الرئيس ووزير الدفاع، قبل يومين على خلفيتها. لكن المؤسف أن الأقلام والعدسات تكسرت آحاداً حيث لم تزد (د. مريم الصادق المهدي) بعد السلام والشكر إلا بوعد الإعلام الموجود بمؤتمر صحفي (جد جد) يوم أمس، الموافق نهار اليوم، لإطلاعهم على تفاصيل المذكرة التي أجمعوا عليها كقوى إجماع وطني تعبيراً عن رفضهم القاطع والشاسع لما يحدث في النيل الأزرق. عطفاً على الحزب الحاكم المؤتمر الوطني. وذلك بالقيام بمجهود شعبي يسع كل قطاعات الشعب يتضمن مفهوماً واحداً (لا الحرب).! وكأن الحرب هناك تنتظر أن تسمعنا جهاراً مجمعين على قولة (لا) الناهية بأن تقف ولا تؤذي الناس، الناس الذين بكامل بساطتهم يعرفون أن أبعاد مثل هذه المذكرات لا تنشر لتصل إلى هجير وضعهم المتردي الذي يعيشون هم فيه! بل تقبع هنا تحت ظل المركز الآمن وبرودة الألسنة المصرحة بأن الإجماع الوطني يدعو إلى وقف الحرب - التي لا تسمع ولا ترى لكنها تتكلم - والعودة إلى التفاهم! تفهمنا انتظارنا ساعتين ونصف لقولة حق تعيد إلى قوى الإجماع الوطني هيبتها السياسية كأحزاب يحمل كل حزب على حدة، فكراً سياسياً ومؤسسية حزبية تؤهله أن يصدر لوحده بياناً ومذكرة. تفهمنا أن يتعالى علينا المجتمعون باعتبارهم منشغلين بالحوار والنقاش للوصول إلى حل وخارطة تفاهم تعيد إلى السودان ثوبه الملون بأربعة ألوان لم نعد نرى منها سوى الأحمر والأسود! تفهمنا الإشارة إلى قيام هيئة لتقصي أحداث النيل الأزرق تعمل بحياد وشفافية.! لكن - بغبائي العادي - لم أستطع تفهم الدعوة من أساسها لكمية من القنوات والصحف والجهات وليس هناك مؤتمر ولا مذكرة ولا بيان! ولم يتقبل أحد من الحاضرين الاستخفاف بزمنهم المهني والخاص لمجرد اهتمامهم بقول آخر غير القول الرسمي لما يحدث في البلاد. البلادة التي صارت تبدو في وجوهنا وتقبلنا، وردود أفعالنا تجاه كل حدث جديد مؤسف أو مفرح، تجعل الساسة يمرحون في أرض وجوهنا بالبيانات الرسمية الخادعة والإجماع والمذكرات باعتبار أنها كبلادة، علامة رضا لكل تلك الأفعال! ولا يتواضع منهم رأي لأن يراها كنوع من الانفصال النفسي - أو الفصام إن شئتم - بأن نقول (لا للحرب) السياسية / النفسية، التي نعيشها يومياً بتوقع مفعم بأمل بكرة، لا يحمل وعداً بمؤتمر صحفي ناقص العدد السياسي أو مذكرة تفاقم من الوضع النفسي أو حرب لن تفهم لغة (لا) ولو أجمعوا حزبياً على قولها ومعهم وطنياً، نحن. { نحنا وعامة الأهل المتلنا بوادي متعاملين ومتعاونين وجونا هادي القلب السليم سيدو إن غضب، ما بعادي روّاغ كلمة، ما بيعجبنا، فارغ وفاضي! (ود شوراني)