وحانصليك يا صبح الخلاص حاضر ونفتح دفتر الأحزان من الأول إلى الآخر ونتساءل منو الكاتل منو المكتول منو الربحان منو الخاسر هاشم صديق ولك أن تتساءل عزيزي المشاهد لأحداث النيل الأزرق (منو الربحان منو الخاسر)، والسؤال بصورة أخرى، ماذا كسب السيد عقار من هذه العملية الرعناء التي كلفته الكثير، فلقد خسر الرجل مالك ملكه في رمشة عين وانتقل من حياة القصور والدثور إلى الأحراش والغابات! لكنك إذا أمعنت النظر ملياً وتجولت بين معطيات تراجيديا هذه الأحداث ستخرج ببعض المسوغات، بحيث لم يكن مطلوباً من السيد عقار أكثر من أن يملاء شاشات الفضائيات العالمية بصور بعض المواطنين الفارين من بؤرة الأحداث في عدة جهات، وذلك كما فعل أخ له من قبل، كان لزاماً على السيد عقار أن يفعل ما فعل وإلا سيكتب خائناً «لميثاق السودان الجديد».. و.. ذات السيناريو الذي فعله السيد الحلو، الانسحاب من بيت الحكومة تكتيكياً، ثم إمطار المدينة بوابل من الرصاص والهرب باتجاه الأطراف المتاخمة لدولة جنوب السودان، ثم الجلوس على ركام الأحداث وأنقاض الحكاية ليكمل الممولون الكبار من وراء البحار بقية الفصول، على أن «حكومة الخرطوم» تطيح في مواطنيها قتلاً وتشريداً وتنكيلاً، وأنها تستخدم القوة المفرطة في مواجهة مواطنيها العزّل إلى بقية تراجيديا ودراما المشهد. وها هي الحركة الشعبية «قطاع النيل الأزرق» بعد سبعة أيام من تمردها تكسب خطاً إعلامياً هائلاً من منسقة السياسة الأوروبية، فلقد خرجت هذه السيدة الشمطاء لتعلن «قلق الاتحاد الأوروبي» من جراء أحداث النيل الأزرق ومن ثم تدعو الطرفين إلى الاحتكام لصوت العقل، وذلك دون التساؤل عن مسببات التفجير والعبور مباشرة إلى «الحالة الإنسانية»، على افتراض أن أوروبا والعالم الأول معني بالدرجة الأولى بالحالة الإنسانية وأن أوروبا تمتلك من الأخلاق ما فاض عن حاجتها وهي تصدره إلينا عبر الفضائيات مجاناً، والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء، ولا أظن أننا نحتاج لعبقرية لنكتشف هذه البضاعة الأوربية المزجاة، دون أن ينهض أحد هنا في أرض «النيل والشمس والصحراء» ليقول لهم «هذه بضاعتكم ردت إليكم» وستجد أن «أوروبا القلقة إنسانياً» هي ذاتها أوروبا التي تموّل هذه الاختراقات والحروبات، وذلك على طريقة مثلنا الشعب (الأضينة دقو واعتذر له)! أو مثلنا الآخر الذي يقول (تقتل القتيل وتمشي في جنازته)! وإلا من أين للسيد عقار «بسيارات الهمر» الأمريكية، هكذا طفق رجل النيل الأزرق المقال يوزع في سيارات الهمر والدبل كاب من البكاسي على أبنائه كما توزع الشوكولاتة؟ أين هو من قضايا الهامش والتهميش؟ فصاحب الهمر مناضل «خمسة نجوم» في أمة لا تملك (ثمن السخينة والبوش)؟!، ليس مالك عقار وحده من يمتلك الهمر ويتوزع أبناؤه بين مدارس وجامعات نيروبي ولندن، وعن عقارات عقار حدث ولا حرج، بل كل أدعياء الحركة الشعبية ومناضليها الكبار يمتلكون القصور والحسابات المليارية والدولارية. مخرج.. غير سلاح الميدان، يفترض أننا نمتلك سلاحاً إعلامياً راجحاً يجرد هؤلاء الخونة والمتمردين من أي «مشروعية أخلاقية» لنعريهم أمام مواطنيهم ومموليهم الكبار من وراء البحار.