{ ما زالت حادثة الشاب الذي داهم أفراد الحراسة جوار فندق برج الفاتح بشارع النيل بالخرطوم، واستولى على سلاح ناري منهم ثم قفز داخل سيارة خاصة ومنها إلى عربة (أمجاد)، ومنها إلى «لاندكروزر» تابعة لأحد المعتمدين بإحدى الولايات، قبل أن يلقي القبض عليه ضابط وأفراد من شرطة (المرور)، مازالت حادثة مثيرة للحيرة والدهشة والقلق!! المصادر تؤكد أن المتهم مختل العقل وتم ضبط بطاقة علاجية في جيبه تؤكد حقيقة مرضه النفسي، بينما تتضارب المعلومات حول انتمائه للحركة الشعبية!! إذا كان الجاني مختل العقل واستطاع أن يستولي بالقوة على بندقية في شارع النيل، ويتنقل بين السيارات مثيراً للرعب والهلع، فهذه مصيبة، فماذا كان سيفعل لو كان (سليم العقل)؟! أما إذا كان منتمياً للحركة الشعبية فالمصيبة أكبر!! يبدو أن أفراد الحراسة (المسلحين) المنتشرين على شارع النيل أمام الوزارات والمؤسسات وشوارع أخرى بالعاصمة، مهمتهم الأساسية منع السيارات الخاصة من الوقوف (الباركنج) جوار أسوار الوزارات والمؤسسات المعنية!! حراس (باركنج)!! ويا خسارة (الكلاشات).. والمسدسات!! بالمناسبة ماذا تم في شأن مجموعة ال (40) مجرماً الذين تم تدريبهم بواسطة الهارب «ياسر عرمان» لتنفيذ اغتيالات في الخرطوم حسب مصادر الشرطة؟ هل تتابعهم الأجهزة الأمنية.. أم أنهم يتابعون ضحاياهم لتنفيذ المهمة على طريقة (مجنون شارع النيل)؟! اللهم لا ستر إلا سترك فاحفظ هذا البلد آمناً.. واجعل كيد المجرمين في نحورهم. - 2 - { أصدر شباب من الحزب الاتحادي - الأصل - بياناً قبل أيام باسم الحزب، بدون (ختم) وبدون توقيع، حمَّلوا فيه الحكومة وأجهزتها مسؤولية (اختفاء) القيادي بالحزب مستشار «مالك عقار» السيد «التوم هجو». البيان قال إن الحزب يحمل الحكومة مسؤولية سلامة وأمن «التوم هجو»!! ولم تمض (48) ساعة حتى ظهر «التوم» في الكرمك بجوار «عقار»، وإذا به يحمِّل الحكومة مسؤولية انفجار الأوضاع في النيل الأزرق!! ولأنني كنت أتوقع أن يكون «هجو» قد أخفى نفسه متعمداً وأنه في طريقه إلى الجنرال «مالك عقار»، فإنني قد حذفت من الخبر فقرة إلقاء أصحاب البيان - غير المخولين بإصدار بيانات باسم الحزب الاتحادي - إلقائهم المسؤولية على عاتق الحكومة (المسكينة)!! وقد صدق حدسي، بينما نشرت بقية الصحف البيان (بضبانتو)!! لا أدري متى يتحمل صغار (المناضلين) في أحزاب المعارضة المسؤولية الحقيقية في التفريق بين الوطن و(المؤتمر الوطني)؟! - 3 - { إذا كانت أحزاب المعارضة لا ترغب في المشاركة في الحكومة القادمة، فإن الرئيس البشير مطالب بالانفتاح على آخرين كثر من أبناء الشعب السوداني ذوي كفاءات وخبرات وتجارب، وليس بالضرورة أن يكونوا أعضاء في حزب الأمة أو الاتحادي أو الشعبي أو الشيوعي، فالحقيقة أن الغالبية العظمى من الجيل الجديد في السودان غير منتمية سياسياً، ولا علاقة لها بالأحزاب، بما فيها المؤتمر الوطني، لا من قريب ولا من بعيد، ليس في السودان وحده، بل في جميع الدول من حولنا، والدليل على ذلك أن الذين أشعلوا الثورات في الوطن العربي هم شباب غير منتمين إلى أحزاب سياسية، انضم إليهم لاحقاً ونظم مسيراتهم واعتصاماتهم شباب (مسيَّسون) من حركات (الإخوان) في بلدانهم. حواء السودان ولّادة.. فلماذا تجعلون المنافسة على المناصب (حصرية) على شباب وطلاب المؤتمر الوطني؟ إذا جاء تشكيل الحكومة القادمة مشابهاً لسابقاتها، ومخيباً لآمال العامة من أبناء الشعب، فإنني أتوقع تقاصر عمر (النظام)، لأن التغيير يعني تجديد الخلايا والدماء، وبالتالي يكون الناتج عمراً أطول وأداءً أفضل. - 4 - { يحتاج السيد رئيس الجمهورية - في رأيي - إلى (6) مستشارين لا أكثر، مستشار سياسي بعقل منفتح، وحكمة ودهاء وعلاقات مفتوحة مع جميع القوى السياسية في البلاد، ولابد أن يكون قريباً جداً من الرئيس خلال المرحلة القادمة. ويحتاج الرئيس إلى مستشار للشؤون الخارجية، ليكون عيناً من زاوية مختلفة على وزارة الخارجية. ومستشار للشؤون الأمنية، يجمع في تجاربه بين المعرفة بالمخابرات والخبرة في القوات المسلحة. ويحتاج إلى مستشار إعلامي بدرجة (وزير)، وليس (سكرتير صحفي) مهضوم الحقوق مسلوب السلطات، حتى إذا ما صرَّح لوسيلة إعلام انتهره وزير أو سفير (ليه صرَّحت؟ وليه عملت كده؟ وليه...؟) وفي التاريخ تجارب الزعيم «عبد الناصر» والرئيس «جعفر نميري» في تعيين مستشارين صحفيين من أصحاب الوزن الثقيل، وكانوا أقرب إليهما من كبار الوزراء. ويحتاج الرئيس إلى مستشار اقتصادي يكون عوناً له في متابعة أداء القطاع الاقتصادي ومراجعة السياسات الاقتصادية بإسداء النصح للرئاسة. كما يحتاج إلى مستشارة لشؤون المرأة والطفل. ويفترض أن يكون المستشارون متخصصين وخبراء في المجالات المذكورة، وأن يكون التعيين وفق حاجات محددة، وملفات متخصصة، وليس كما هو الحال، تعيين (17) مستشاراً بدون أعباء أو مهام محددة، مستشارون لا يُشاورون، ولا يرون الرئيس، بل تعجز الرئاسة عن توفير مكاتب لهم داخل القصر الجمهوري، فالجميع يعلم أنهم مستشارون جاءوا بالترضيات القبلية والجهوية والمجاملات الشخصية. وها نحن نحصد زراعة استعطاف القبائل والجهات على حساب الكفاءة والأداء.. حروباً عنصرية، وجهوية، أرهقت كاهل الدولة ومزقت أحشاء الوطن، فلم تنفع الوزارات، ولم تشفع المستشاريات. يجب أن يأتي الوزراء والمستشارون الجدد استناداً إلى معايير الكفاءة والتجربة والسيرة الحسنة، حتى ولو جاءوا جميعاً من قبيلة واحدة، ما داموا سودانيين ولاؤهم الأول والأخير لهذا الوطن.