في نهايات فترة حكم مايو كانت هناك محطتين مفصلتين هما إعدام محمود محمد طه ومحاولة الانقلاب العنصري بقيادة الأب فليب عباس غبوش -حسب زعم مايو وجعفر نميري في ذاك الوقت- والغريب أن المحطتين كانتا متقاربتين حيث رهن الرئيس السابق جعفر نميري عفوه وعدوله عن قرارات الإعدام باعتذار وتراجع محمود محمد طه عما اتخذه من موقف ورأي كان مشهوداً ومعروفاً. وفليب عباس غبوش عن المحاولة الانقلابية العنصرية، فلم يتراجع الأول وحدث ما حدث واعتذر الثاني. الشاهد أن الزعيم السياسي اللطيف فليب عباس غبوش حضر هو وقواته التي تم اعتقالها من قبل سلطات مايو حيث كانوا يواجهون قرار الإعدام جميعهم فاعتذر غبوش أمام الملأ وعبر التلفزيون القومي حيث لم تكن هناك قنوات فضائية مثل الآن، ولكن الإذاعات العالمية تناولت الحدث، وعفا نميري بعد ذلك عنه وعن المجموعة التي معه مع قناعتي أن جعفر نميري أصلاً لم يكن ينوي إعدامه ولكن ربما لو أنه لم يعتذر لفعلها. ليس هذا هو المهم، بل أن المهم أن غبوش وأعوانه كانوا يواجهون تُهماً بناءً على تقارير ربما تكون صحيحة وربما تكون غير صحيحة، أي أن المسألة كانت مجرد تخطيط أو تفكير في القيام بعمل ما، وبالرغم من ذلك هذا الرجل السياسي الكبير اعتذر لجعفر نميري ومايو وقفل الملف. فذاك كان مجرد تخطيط ومجرد محاولة قامت أو لم تقم كل هذا تم بالأمس. أما اليوم فنجد أن والياً مثل مالك عقار ومسؤلاً سياسياً مثل عبدالعزيز الحلو يحركان جيوشاً فيقتلان ويشردان المواطنين ولا يريان أنهما مخطئين ويتطلعان إلى أن يحكما شعباً يقتلانه، كلا.. لا عودة لهذين ولا تفاوض إلا إذا ما قدما اعتذاراً عمّا فعلاه أمام كل الميديا العالمية حال جنوحهما للسلم والتخلي عن السلاح. ولأن السياسة هي فن الممكن وكسب الشعب هو الهدف والغاية الأسمى فعلها الأب فليب عباس غبوش في قضية هي مجرد شكوك ولم تكن ينطلق فيها مدفع، فما بالك من هؤلاء الذين حركوا الآلات الثقيلة وروّعوا المواطنين ويتحالفون حتى مع الشيطان لضرب أهل السودان؟!، فيا مالك عقار تعلّم من هؤلاء السياسيين الوطنيين السابقين أمثال فليب عباس غبوش الذين لم يعرفوا (الكامريهات ولا الهمرات) من العربات الفارهة ولا الفلل ولا المنازل في الرياض والعمارات، كسبوا الشعب فخلدت ذكراهم فكانوا شموعاً تضئ الطريق فمتى تكونون كذلك يا عقار والحلو وأمثالكم ومن لفّ لفّكم ضالاً ومضلاً في الطريق؟، ويا دولة لا تفاوض مع هؤلاء إلا بعد أن يعتذروا لكل الشعب.