يوافق يوم غدٍ الاثنين الموافق 26 سبتمبر مرور تسعة وثلاثين عاماً على الثورة اليمنية التي تصدرها المشير عبد الله السلال وأيدها المتعلمون وقطاعات واسعة من الشعب اليمني وعارضها بعض رجال القبائل والتفوا حول الحاكم المخلوع الإمام البدر وسرعان ما اشتعلت الحرب الأهلية بين أنصار الثورة وخصومها واشتهر الثوار باسم الجمهوريين وخصومهم باسم الملكيين. ووقفت مع الجمهوريين مصر وكان اسمها الرسمي هو الجمهورية العربية المتحدة ووقفت مع الملكيين المملكة العربية السعودية وتعمق الشرخ العربي المزمن جراء ثورة اليمن وكان اليمن حينها - أي في أول ستينيات القرن الماضي - يمنين هما اليمن الشمالي حيث الثورة واليمن الجنوبي وكان خاضعا للاستعمار البريطاني وكان اسمه السائد في أجهزة الإعلام هو الجنوب العربي المحتل وكانت مصر فى مقدمة الدول التي وقفت معه حتى نال استقلاله عام 1967م. وكانت الثورة اليمنية التي اندلعت فى 26 سبتمبر 1962م في حقيقتها انقلاباً عسكرياً وكانت الانقلابات العسكرية تلك الأيام أمراً مألوفاً تقبل به الشعوب المعنية بكل الرضا بل إنها كانت تتمناه وكان العالم من أقصاه إلى أقصاه يعترف بتلك الانقلابات وبالنظم التي تتمخض عنها بل إن بعض الدول الكبرى كانت ضالعة في تلك الانقلابات وكان الانقلابيون يطلقون اسم الثورة على انقلابهم العسكري فكانت هناك عند حدوث الثورة اليمنية ثورة 23 يوليو 1952 المصرية وثورة 14 يوليو تموز 58 العراقية ثم في أواخر الستينيات تجدد مسلسل الثورات العربية التيى هي في الأصل انقلابات عسكرية وكان أشهرها ثورة مايو 69 السودانية وثورة 1 سبتمبر 69 الليبية التي حملت اسم ثورة الفاتح من سبتمبر وقد انتهت الحرب الأهلية التي اندلعت فى اليمن بين الجمهوريين والملكيين بمصالحة تمت في الخرطوم عام 1967م بين أكبر داعمي الجمهوريين وهو الرئيس المصري جمال عبد الناصر وأكبر داعمي الملكيين وهو الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز ولكن يظهر أن اليمن السعيد لم يكتف بنصيبه من الحرب الأهلية فقد تجددت منتصف التسعينيات بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي وكان لليمن أيضاً حظه من الربيع العربي فقد انفجر بالتظاهرات والاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح وكانت هناك دماء وكان هناك قتلى وجرحى وما زال الرئيس صالح متشبثاً بالحكم وكان تعرض يونيو الماضي لمحاولة اغتيال وهو بالمسجد الرئاسي لأداء صلاة الجمعة ونقل على إثرها للسعودية لتلقي العلاج ثم عاد إلى بلاده وما زال الصراع محتدماً بين الرافضين لاستمرار علي عبد الله صالح ونظامه وبين أنصاره إن اليمن شأنه شأن معظم وربما كل الدول العربية لم يحقق بعد الاستقرار المنشود وما زال ينتظره الكثير في التعليم والاقتصاد والبنيات التحتية وفى كل المجالات التي تقدمت فيها الشعوب خارج المنطفة العربية. وبمناسبة الثورة اليمنية أو الانقلاب العسكري الذي أخرج اليمن من ظلامات وجهالات وتخلفات القرون الوسطى نتمنى للشعب العريق التقدم والازدهار والخروج من أزمته الحالية قوياً متحداً عازماً على إنجاز ما فاته وهو كثير.