بالأمس ودعت البلاد أحد أبرز القامات الفنية السامقة في السودان، الفنان المبدع زيدان إبرهيم (العندليب الأسمر) بعد أن تغنى بأجمل الألحان وأعذب الكلمات في صوت شجي ساهم بطريقة كبيرة في إزالة الحزن عن نفوس الغلابى والعشاق، كما أنه رسم بصوته صورة جميلة (لفراش القاش) وهو يتمدد ويذهب بعيداً عن القاش في موسم نحسب أنه موسم الجفاف والتصحُّر وقلة الأمطار. مين علّمك يا فراش تعبد عيون القاش الخضرة في الضفة وهمس النسيم الماش فالشاعر (هلاوي) أبدع وهو يكتب لنا صورة جمالية تحكي قصة الفراش مع القاش ليدندن بها عندليبنا الأسمر ويعيد الأمل للزارعيين المنتشرين حول القاش والذين يعتمدون من بعد الله على الزراعة المطرية حوله.. فالفنان زيدان إبراهيم عندما ظهر كانت الساحة السودانية تعج بالمبدعين من الفنانين العمالقة محمد وردي، و إبراهيم عوض، وصلاح ابن البادية، وعثمان حسين، وآخرين في الطريق من أمثال عبدالكريم الكابلي إلا أن زيدان استطاع أن يبرز مقدراته الفنية ويتغلغل في أوساط هذه الساحة التي كما قلنا مليئة جداً بالمبدعين.. تعاون مع عدد كبير من عمالقة الكلمة والشعر (الرصين) حتى جاءت أغانيه تصلح لكل زمان ومكان.. عشق غنائه الصغار قبل الكبار.. شكَّل ثنائية ممتازة جداً في مجال اللحن مع الملحن عمر الشاعر متّعه الله بالصحة والعافية ورسم لنا لوحة جمالية تكلّلت بالنجاح المستمر في بُعدك يا غالي أضناني الألم وأخرى في رمشة عين بعدوك يا حنين والتحية هنا للشاعرة أسماء بنت الشمالية إذا كانت على قيد الحياة متعها الله بالصحة والعافية وإذا توفيت نسأل الله لها الرحمة والمغفرة وهي تقدم لنا هذه الكلمات الجميلات(في رمشة عين) وكلمة وفاء أخرى للصحافي (التجاني محمد أحمد) الذي أطلق على زيدان إبراهيم (العندليب الأسمر) وهو يقود نقداً فنياً في صحيفة (السودان الجديد)... ونعود لزيدان... زيدان رغم سنين العطاء الممتدة إلا أنه فقد الرعاية الكاملة من قِبل الدولة خاصة في الأيام الأخيرة من مرضه وجزى الله أستاذ الهندي خير الجزاء وهو يلفت الأنظار إلى ضرورة الاهتمام بالفنان زيدان إبراهيم وقد كُلِّلت مساعيه بالنجاح الكبير عندما أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير المالية والذي أعلن على الفور تبرع وزارته بمبلغ (0051)يورو... رغم أن المبلغ كان (قليلاً) إلا أننا نشكره جداً على الاهتمام وبمجرد أن تلقى اتصالاً هاتفيا.ً فعلى الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والتي يقودها الوزير(النشط) السموأل خلف الله أن يفرد بنداً كاملاً في الموازنة القادمة (2102) والتي هي الآن من مرحلة الإعداد ووضع التصورات لرعاية المبدعين في بلادي وعدم التصرُّف في هذه المبالغ حتى وأن لم تكن هنالك حاجة ماسة لها خلال العام (2102) لتضاف إلى نفس البند في العام (3102)... فوزارة المالية الآن وبعد أن أصدرت منشور موازنة العام (2102) وجهت خلاله الوزارات والمؤسسات الحكومية بضرورة وضع تصوراتها للعام (2102) ورفعه لوزارة المالية الاتحادية ليتم إدراجه ضمن الموازنة القادمة.. نتمنى أن تتم الموافقة والتصديق بمبالغ ضخمة لرعاية المبدعين فبدلاً عن البحث عن مصادر للتمويل والدعوة للمساهمة في العلاج أن توفر كل هذا الوزارة المعنية بالمبدعين... فحتى وإن جاءت تبرعات أخرى من الخيِّرين فإن البحر لا أظنه (يأبى الزيادة) فتكون في ميزان الحسنات لكل من تبرعوا بها.. فقد ظللنا نسمع ونقرأ الدعوات المتكررة بضرورة المساهمة في علاج(فلان) و(علان) وبعد أن يأخذه الله نسمع بعد ذلك بمساهمة الدولة له بمنزل أوغيره .. نعم نشكر الدولة للمساهمة بهذا إلا أن (الميت) كان بحاجة أكبر للعلاج ففاتورة العلاج والدواء ما زالت متصاعدة كما أن وقفة الدولة من شأنها أن تؤدي إلى رفع الروح المعنوية للمريض وتدب الروح والحياة فيه من جديد لكونه قد عرف قدره من خلال اهتمام الدولة به ولكن أن يموت وفي نفسه شيء من حتى، فهذا لا يكفي حتى وإن ساهمت الدولة في توفير سكن لأسرته المكلومة... نسأل الله الكريم أن يرحم ويغفر (للعندليب الأسمر) زيدان إبراهيم بقدر ما قدم وأن يجعل المرض كفارة له وأن يسكنه فسيح جناته، وقد عرفه الجميع بحبه الكبير لوطنه ولوالدته وقد كان باراً بها وقد سمعت في إحدى (المرات) وهو يقدم اعتذاراً لها عبر إحدى القنوات... نسأل الله له الرحمة والمغفرة.