لثلاثة أيام وقبل أن ينتصف النهار يبدأ شيخ جليل جولته ليلحق بوثيقة عزيزة خرجت من مكتب الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية في خواتيم شهر يوليو الفائت، وفي جولاته يصعد بناية من ثلاثة طوابق أنفق في سبيل الوصول إلى طابقها الثالث طاقة كبيرة ووقتا طويلا والرجل يتوسط السبعينيات من عمره لا يحمله إلى كل ذلك إلا أمنية عزيزة هي عند عشيرته وأهله سقف الأمنيات المستحيلات. وقد صعدت بجانبه وأنا أشفق عليه كلما قطع شوطا وجلس يستجمع أنفاسه ومن ثم يرسل بصره يستكشف ما تبقى من أشواط. رحلة الشيخ امتدت حتى عثر على وثيقته وقد وجد فيها من الكلمات والتوجيهات الرئاسية ما يحمله على مواصلة المشوار وهو يثق في وعد غليظ قطعه النائب الأول لأحد مشائخ الطرق الصوفية حينما قدّم العام على الخاص وانبرى يحشد النجوم الزواهر من شيوخ الحركة الإسلامية وهم يحتفلون به كلما وطأت أقدامه الخرطوم وفي مقدمتهم (عبد الرحيم علي، أحمد عبد الرحمن، الصافي جعفر، الأمين علي خليفة وآخرون) في رحلة البحث عن طريق اكتملت ردمياته وطبقة الأساس ومصارف المياه منذ العام 1978م ومن خلف هؤلاء ومن خلف الشيخ العبيد عشرات الآلاف ينتظرون حلما يمكن أن تقطعه الهيئة القومية للطرق والجسور في سبعة عشركيلومترا وهي تنفذ توجيها رئاسيا لرجل طالما أحبه الناس في تلك الأنحاء من بحر أبيض وتوجيها آخر من الباشمهندس عبد الوهاب الوزير الاتحادي وهو يوجه بالتنفيذ الفوري وكذلك تنفذه الهيئة وهي تضيف لإنجازاتها بضعة كيلومترات وهي قد نسجت السودان بخيوط سوداء تمددت تربط البلاد من أطرافها. الأربعاء الفائت يهبط إلى مدينة شبشة فريق متكامل من المهندسين من الهيئة القومية للطرق والجسور وقبل يوم من الموعد المضروب في ذلك اليوم (الأربعاء) يهاتف الشيخ العبيد كلاً من معتمد محلية الدويم الدكتور صلاح فراج ومعتمد الرئاسة العميد شرطة الغالي حمد والباشمهندس التوم الطيب رئيس رابطة أبناء شبشة بولاية الخرطوم ليكون الجميع في استقبال الفريق الهندسي وقد هاتفهم من قبل بكل خطوة خطاها وبالفعل احتشدت شبشة كما لم تحتشد من قبل لتشكر النائب الأول ولتحسن استقبال القادمين من فرسان الهيئة ومهندسيها وهم يقبلون على الخطوة الأولى لسفلتة الطريق. والطريق هذا بالرغم من قصر مسافته إلا أن معاناة الناس فيه وتضحياتهم وأحزانهم عنده تتجاوز كل توقع وبالذات في مواسم الخريف حين يحبس الناس في أحلك الظروف ويمنعهم الوصول إلى مستشفى الدويم أو مستشفيات الخرطوم لإنقاذ امرأة حبلى أو حالة طارئة وحتى الجثامين يعجز مشيعوها عن الوصول بها إلى مثواها الأخير وغير ذلك الكثير من أوجه المعاناة لا يسع المجال لسردها. سيدي علي عثمان وأنت حكيم هذه الأمة وقاسمها المشترك وكلمة سرها حين تدلهم الخطوب نهمس في أذنك ونقول إن توجيهك الكريم يخاطب معاناة حقيقية ويخاطب حقا تأخرت كل الحكومات في وفائها به وها هو الشيخ العبيد يتصل جهده ويرمي بثقله كله وطاقته وهو في هذه السن وفي ذلك المقام الرفيع حتى يتم ما وجهت بتمامه ولنا في كريم اهتمامك أمل وفي متابعتك لهذا الطريق حتى يكتمل رجاء، وهذه المدينة (شبشة) هي الرابعة في الترتيب من بين مدن ولاية النيل الأبيض وإن تجاوزتها رئاسات المحليات. سيلتقي الشيخ العبيد بوزير المالية ووزير الطرق والجسور ووزير النقل وسيعاودك ليلتقيك أنت شخصيا لتقديم التهنئة ولنصرتك وأنت تتصدى لواجبك الوطني المقدس وسيتصل حراكه لا يهدأ له بال وسيصعد البنايات وينقطع عن زراعته وأعماله ومسيده حتى يكتمل الطريق ويتم افتتاحه فالرجل له عزم وتوكل ورغبة لا تحدها حدود وهو يتقدم أهله في المنطقة وأبناءها بولاية الخرطوم حتى يصبح الحلم حقيقة.