{ الناس لا يموتون، سيدي الشنبلي، بطريق مدنى فقط وقد أطلقوا عليه طريق الموت، الناس يموتون وبالعشرات فى كل عام داخل ولايتك فى مسافة لا تتجاوز أربعة عشر كيلومترا أطلقنا عليها مجازاً طريق الدويم - شبشة حين أدركته بصيرة أفضل محافظ مر على مديرية النيل الأبيض وعلى محلية الدويم هو السيد محمد السيد الشعار (رحمه الله) وذلك فى العام 1977م وقد شرع فى إنشائه ورصفه بالخرسان وأقام كافة الكبارى ومنذ ذلك التاريخ ظل الطريق فى انتظار الأسفلت ولا أحد حتى الآن يحرك ساكنا وعلى رأس هؤلاء ابن المنطقة ابن زعيمها السياسى الأول الشيخ الوسيلة (رحمه الله) بقدر ما قدم لوطنه وأهله (أعتز أنا كاتب هذه السطور بأننى الوحيد الذى كرم الشيخ الوسيلة وكنت وقتها طالبا بالجامعة 1990م) أعود لأولئك الذين لم يحركوا ساكنا وعلى رأسهم السمانى الوسيلة الذى كان وزيرا للطرق والجسور لأربعة أعوام ولم يلتفت لهذا الطريق، لهذه المسافة القصيرة التى تحتاج فقط لأعمال الأسفلت ويتحمل مسؤولية هذا الطريق كافة الولاة الذين تعاقبوا على سدة الحكم فى بحر أبيض والمعتمدون بمحلية الدويم ومازلنا ننتظر الوالى الشنبلى وقد وعد المواطنين بمنطقة شبشة بسفلتة الطريق وأنه سيكون ضمن مشروعات الخطة الإسعافية وننتظر دورا مقدرا للأخ السمانى الوسيلة نائب للدائرة ولا نريد أن يخسره الطريق نائبا كما خسره وزيرا اتحاديا وكذلك الدكتور صلاح فراج معتمد الدويم الذى يبذل جهدا مقدرا داخل الدويم ونأمل أن يتمدد ليشمل كافة ربوع المحلية وبالذات هذا الطريق. { كم من حكاية حزينة وثق لها هذا الطريق وأضاف لضحاياه فى كل عام ضحايا جدداً، إمراة حبلى يستعصى علاجها بمستشفى شبشة والليل والوحل يحاصر الحالة الطارئة وسط مشاعر من القلق والتوتر ودموع تبدأ متسربة رويدا رويدا الى مآقى رجال ونساء حملهم الواجب مرابطون مع عزيزة لديهم لم تتجاوز عشرينات العمر، وهناك من بعيد يترقب شاب فى بلاد الغربة قدوم مولوده الأول ونفسه تحدثه بولد يكمل فرحة أبيه فيه. تمضى اللحظات عصيبة وهى تجرى بدلا عن السيارة التى حبستها مياه الخريف من وحل الى وحل حتى فاضت الروح الى بارئها. أربع ساعات ولم تقطع السيارة خمسة كيلومترات.. انفجرت القافلة المنقذة باكية، صراخ ودموع وحالة من الذهول وفى غمرة ذلك يرن هاتف المرحومة، يبتلع الباكون بكاؤهم ويتصاعد الدمع مدرارا ويتبادلون النظرات متسائلة ومواسية.. الطارق زوج المرحومة، تنطلق موجة البكاء من جديد، هذه المرة تعتصر القلب وتدمى العيون مسافرة الى خارج حدود الوطن تعزى من كان يأمل فى مولوده الأول، وها هو يفقد رفيقة الدرب وعزيزة القلب والفؤاد، ابنة العشرين ربيعا وقد غادرها قبل أشهر قضاها معها بعد زواج وشهر عسل وأفراح لم تزل ترن فى ذاكرة الأهل بالمنطقة. آبت القافلة الحزينة الى شبشة وقد احتشدت جموع أهلى تبكى سيدة شباشية رحلت قبيل الفجر بلحظات، هؤلاء قوم رائعون يبكون بعضهم البعض ويعزون ويواسون بنفس واحد ودمعة حرى واحدة وفؤاد واحد وقلب واحد، من داخل صدر واحد، وهم صبورن يؤمنون بالقضاء والقدر، مثلما تتصاعد أحزانهم تدخل عليهم طريقتهم الخاصة مع أحزانهم وأفراحهم فتخفف عليهم ويتجهون لله بالدعاء والرضاء. { هى حكاية من ألف حكاية لم تسلم منها الحوادث فى طريق وعر ومكلف، وتظل المسؤولية قائمة على عاتقنا جميعا ومن يتقدم خطوة فى هذا الطريق سيدى الشنبلى وسيدى السمانى وسيدى فراج وسيدى التوم الطيب وسادتى أصحاب الجهد الشعبى الوافر سنشد على يده ونقول له أحسنت. سادتى جميعا مازلنا ننتظر. سيدى الشنبلى عهدنا معك لن نخلفه أبدا، سندعم حكومتك وبرنامجك ونذكرك بعهد قطعته لأندية شبشة الرياضية، أمازلت تذكره؟.