من الأشياء التي لم أقتنع بأنها ستسهم أو تخفف حدة الفقر (التمويل الأصغر).. وبالرغم أن من فكرته جميلة إلا انه لم يذهب للفئات التي هي في الأصل بحاجة إليه وكم هم كثر في بلادي لذلك كثيرا ما تجدونا في الاقتصادي نتجاهل اخباره كما ان لدي قناعة كبيرة في أن التمويل الاصغر يذهب إلى فئات أخرى غير محتاجة إليه ولكن كما يقولون يدهم واصلة لذلك يكونون من أصحاب الحظوظ الكبيرة لكونهم نالوا التمويل الأصغر.. فقد قرأت كثيراً عنه وعرفت أن الكثير من الدول استفادت منه في تخفيف حدة الفقر. الآن بين يدي ورقة تحوي نبذة عن التمويل الأصغر حيث أكدت الورقة الآتي: منذ إعلان جائزة نوبل للسلام في 2006م التي منحت للبروفيسور محمد يونس البنغلاديشي الجنسية مناصفة مع بنك «جرامين» الذي قام بتأسيسه بروفيسور يونس نفسه في العام 1976 وقد كان منح الجائزة تقديراً لجهوده في استخدام التمويل الاصغر كآلية لمحاربة الفقر.. ومنذ ذلك الإعلان عمل الجميع بتناول موضوع التمويل الأصغر بزوايا مختلفة ما بين مؤيد ومشكك بأن التمويل الأصغر هو الاداة الفعالة للتغيير الاقتصادي والاجتماعي بالطريقة المعروفة الآن. وفي الندوة التي كانت قد نظمتها مؤسسة التنمية الاجتماعية عن التمويل الاصغر أكدت ان هنالك تجربة في التمويل الاصغر الذي يتم التعامل فيه بنظام الربوية واوضحت مثالاً لاحد المصارف المكسيكية كمؤسسة تعتبر الأكثر ربحية برغم وجود الأزمة المالية العالمية وتعطل النشاط الإقتصادي ابان ازمة انفلونزا الخنازير وتبعاً لذلك «وقع» الكثير من الفقراء في مصيدة متاهة الديون. اخشى ان تتكرر تجربة المصارف المكسيكية في السودان وتتصاعد وتمتلئ السجون بالفقراء المساكين الذين كانوا من المحظوظين ونالوا التمويل الاصغر. ولعمري أنه اذا تحققت أهداف التمويل الاصغر في محاربة الفقر وخلق مشروعات انتاجية ذات ربحية عالية فمن حقنا ان نمنح جائزة نوبل باعتبار ان السودان ساهم بطريقة كبيرة في محاربة الفقر وانزال نسبته إلى أقل من 10% بدلاً من 46% حيث تعيش هذه النسبة من السودانيين تحت خط الفقر. ايضاً على بنك السودان ان يضع شروطا وضوابط صارمة للمصارف في ان توجه تمويلها الاصغر للجهات التي هي بحاجة إليه بعد استيفاء الشروط اللازمة لذلك مع المتابعة اللصيقة بامر تنفيذ المشروعات التي من أجلها منح التمويل الاصغر، كما يجب ان لا يمنح لأصحاب الأموال لانهم في الأصل ليسوا بحاجة إليه اللهم إلا إذا أرادوا زيادة دخلهم عن طريق مشروعات اخرى يقوم البنك بتمويلها بعد أن منحوا التمويل الأصغر. فحتى لا يفقد «الأصغر» اهدافه نتمنى ان يذهب للفئات التي بحاجة إليه وإن يتم تبسيط الاجراءات فنعم البنك لا بد ان يمنح للجهات التي تستطيع ان «ترده» ففي هذه الحالة على المصارف المتابعة الميدانية حتى لا يذهب التمويل لمنافذ اخرى كذلك التمويل الذي يذهب إلى غير الزراعة بالرغم من انه منح للزراعة فالمصارف تتخوف من هذا الاتجاه وهذا لا يمنع فالفقراء هم احرص الناس على استرداد الديون (تحسبهم اغنياء من التعفف)!!! الآن فالحديث كثر عن التمويل الاصغر وكذلك ورش العمل والسمنارات والندوات الأمر الذي يؤكد عدم نجاح التجربة بنسبة كبيرة وإلا لما كانت كل هذه الندوات وورش العمل وغيرها من الاجتماعات التي تسلط الضوء على «الاصغر».. نتمنى أن يذهب «الاصغر» لفئاته وان يذهب الفقر من حيث أتى فذهاب «الاصغر» لغير فئاته يذكرني بما قاله شاعر الشمال: العندو القرش حتى كان كذب الناس تسمعلو كلامو و«المفلس» تتعوج القدامو والقبالو وتتوالي الكديسة محل ما يودي حمامو في اشارة من الشاعر إلى أن صاحب القرش يسمع كلامه ويمنح ما يريد.. أما «الفقير» فتكون «الكديسة» من نصيبه لتأكل من برج الحمام ليزداد فقراً. و«لو كان الفقر رجلاً لقتلته»...