لا زلنا نسمع كثيراً عن وفاق سياسي يلوح في الأفق هنا وهناك وعن اجماع وطني كحد أدنى مطلوب عن حوارات ثنائية بين الحزب الحاكم والمعارضة كأنما نسمع ضجيجاً ولا نرى طحيناً كما يقولون، ولم تقدم لنا لا أحزاب الحكومة ولا أحزاب المعارضة أي رؤية واضحة تفيد الاجماع السياسي المطلوب، الحزب الحاكم أعلن أن أياديه ممدودة لقبول الآخر سواء في شكل الحكومة القادمة أو في الالتقاء حول أمهات القضايا، وبعض الأحزاب المعارضة الكبرى تقول ان أياديها أيضاً ممدودة لذات الغاية فما المشكلة إذن وأين تكمن العقدة حتى يتم فك طلاسمها. فبالنسبة لما هو مطروح في الساحة من جملة موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية تتطلب من الجميع حاكمين ومعارضين إدراك مطلوبات ومستلزمات المرحلة التي يمر بها السودان وذلك بالنظر إلى المخاطر والمهددات المحدقة بالوطن تماسكه وهويته ومستقبله واستقراره، وبالتالي فلابد إذن من أن يدرك الجميع خطورة المرحلة بحيث أنه لابد من وضع كافة القضايا بساط البحث وهذا يعني أن تلتقي كل القوى السياسية بما فيها الحزب الحاكم في حوار جاد وصريح وصادق وصولاً لبرنامج يرسم معالم التحرك الوطني القادم بما يفتح الطريق أمام الاستقرار الاقتصادي ويدفع بالتنمية في إطار استكمال برنامج النهضة الشاملة. فالوفاق هو دعوة كل القوى السياسية والأحزاب الحاكمة والمعارضة وهذه القوى إذا اجتمعت تستطيع أن تصل إلى هذه الغاية ولهذا فلابد من وفاق يكون بناء على حوار يرسم الطريق ويخطط لرؤية واضحة للمرحلة القادمة. وحسناً إن أكد المؤتمر الوطني في أكثر من مرة على اتساع صدره لقبول الآخرين وللوصول للتوافق حول برامج مع القوى السياسية خاصة الرئيسية (الأمة والاتحادي) ولم يكتف بذلك بل أعلن استعداده مراراً وتكراراً لأن يفسح المجال للقوى السياسية للمشاركة وأنه لن يعزل أحدا إلا من أبى. الحديث الذي أفاضت به الأستاذة رجاء حسن خليفة مستشار رئيس الجمهورية لصحيفتنا من خلال الحوار الذى أجري معها أمس، هو ما قادني لذكر المضامين والمسلمات اعلاه، فهي قالت وبصريح العبارة ان الحوار مع القوى السياسية مثمر وليس بالضرورة أن تكون نهاية كل الحوارات هي مشاركة الحزب في الحكومة، وان الحوار مع القوى السياسية مطلوب لذاته باعتبار أن البلاد مقبلة على فترة هامة وجديدة وتواجه تحديات وتحتاج لرؤية وطنية جامعة، وهذه الرؤية الوطنية لا يمكن ان تنفرد بها الحكومة. الإستاذة/ رجاء قالت إن المسؤولية التاريخية تحتم على المؤتمر الوطني إشراك الآخرين في هذه الرؤية الوطنية الجامعة بصرف النظر عن نهايات هذه الحوارات وذلك في أن تؤدي لمشاركة في الحكومة أو لا تؤدي. فيا أهل المعارضة وخاصة الأحزاب الكبيرة الكرة الآن في ملعبكم تقدموا لها وضعوا أياديكم استجابة لهذه الدعوة الوطنية حتى نحتفل جميعاً بلوحة الاتفاق الزاهية التي طالما تمنيناها بين أهل الحكم وأهل المعارضة فعشم الوطن الكبير ينتظركم من خلال الوفاق والاتفاق الذي نتمنى ان تقدموه لنا جميعاً كهدية للعام الجديد.