وفقاً للرائد عبدالسلام جلود الرجل الثاني في الجماهيرية الليبية الاشتراكية العظمى في عهد الرئيس القذافي فإنهم دعموا الجيش الشعبي الذى يقوده الدكتور جون قرنق منذ البداية وأنهم زاروه في المنطقة التى كانت تحت سيطرته وزاره معهم الرئيس الأثيوبي المخلوع منجستو هايلي مريام وأنه أي الرائد عبدالسلام جلود هو الذي أقنع الرئيس معمر القذافي بضرورة دعم الجيش الشعبي بقيادة قرنق لماذا؟ لأن الدكتور جون قرنق استطاع أن يقنعهم بوحدويته. والملاحظ أن وحدوية قرنق لم تنطل على القيادة الليبية السابقة وحدها وإنما انطلت على كثير من الأحزاب السودانية وفي المقدمة منها الحزبان الكبيران التاريخيان الاتحادي الديمقراطي والأمة وعلى سودانيين كثيرين في الشمال وقد هرعوا جميعاً لاستقباله في الساحة الخضراء عندما زار الخرطوم بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل عام 2005م. وكنا منذ البداية نعرف حقيقته وفي عز «هيلمانه» وشهرته كتبنا مقالاً أول التسعينات في (السودان الحديث) كان عنوانه (جون العميل) وغيره من المقالات في نفس المعنى. ثم نرجع للرائد جلود الذي كان أحد أكبر المساهمين في المصير الذى آلت إليه ليبيا أيام خضوعها لحكم معمر القذافي ونفترض أن الدكتور قرنق كان في ذلك الوقت من ثمانينات القرن الماضي وحدوياً وهنا فإن دعمه يكون مقبولاً لو أن الذين كانوا يحكمون في الخرطوم انفصاليين ولم يكن ذلك صحيحاً، فقد كانوا جميعاً وحدويين ولم يكن الانفصال وارداً في بال أي منهم، فوحدة السودان كانت في مقدمة ثوابتهم وكانت مسألة غير قابلة للتفاوض وكان المسؤولون في أفريقيا والعالم العربي ومنهم عبدالسلام جلود يعرفون ذلك وكان ينبغي أن ينظر للجيش الشعبي الذي يقوده قرنق على أنه حركة متمردة مسلحة وأن تقويتها تؤدي حتماً إلى إضعاف الجيش القومي والحكومة المركزية وأن ذلك يعزز احتمالات تقسيم السودان وهو ما حدث بالفعل فقد انقسم السودان إلى دولتين. لقد كانت مساندة ليبيا ودعمها للجيش الشعبي منذ الثمانينات مهمة من المهام القذرة التي نفذها نظام القذافي خلال العقود الأربعة وكان وراء كل الحركات الانفصالية في المنطقة وكان بذلك ينفذ أجندات غيره وفي المقدمة منهم إسرائيل وما قاله ملك السعودية عبدالله وكان وقتها ولياً للعهد في قمة بيروت العربية عام 2002م وكانت الجلسة تبث في التلفزيون حية على الهواء ما كان له أن يمر مرور الكرام، فقد قال موجهاً الكلام للرئيس القذافي من جاء بك إلى الحكم غير إسرائيل وسكت القذافي. ومن الأسئلة التى يجب أن تطرح السؤال التالي: هل كان ذلك غائباً عن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي أيد القذافي منذ وصوله إلى الحكم في سبتمبر 1969م وكان جهاز مخابراته يوصف في ذلك الوقت بأنه أحد أكفأ أجهزة المخابرات في الشرق الأوسط وإن كان عبدالناصر لا يعلم؛ أي لا يعلم أن إسرائيل هى التي جاءت بالقذافي للحكم، كما قال العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، فتلك مصيبة، وإن كان يعلم فالمصيبة أعظم.